قطر وتركيا.. مَنْ يحاول إنقاذ مَنْ؟
أعلنت قطر عن استثماراتٍ جديدة في تركيا، في محاولةٍ لانقاذ الاقتصاد التركي، الذي تعرض لهزة بسبب الولايات المتحدة. وتعلم الدوحة جيدًا أن سقوط حليفتها الإقليمية خطر عليها. فما هي نقاط ومراحل هذا التحالف بين الدولتين؟
الإسراع لنجدة تركيا
بعد أيامٍ من تراجع حاد تعرضت له الليرة التركية، إثر أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة، وعد أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، بالقيام باستثمارات مباشرة في تركيا بقيمة 15 مليار دولار، دعماً للاقتصاد التركي. جاء ذلك في اجتماع عقده مع الرئيس التركي أردوغان في أنقرة.
الدوحة "ترد الجميل" لأنقرة
الموقف نفسه كان قد حدث بشكلٍ معكوس، عندما وقف أردوغان إلى جانب قطر خلال الأزمة الخليجية، في حزيران/ يونيو 2017، بعدما أعلنت 7 دولٍ مقاطعة الإمارة الخليجية، وقتها أرسلت أنقرة سفينة مساعدات، تنقل حوالي 4000 طن من المواد الغذائية للدوحة.
"تقارب مصالح"
هذا التقارب بين أنقرة والدوحة ليس وليد الأزمات الحديثة، إذ يعود إلى مرحلة الأمير حمد بن خليفة آل ثاني، حيث سعت قطر الصّغيرة بمساحتها، الكبيرة بثقلها الاقتصادي، إلى تعزيز نفوذها العربي والعالمي، فوجدت تركيا الساعية إلى إعادة دورها القديم في المنطقة العربية، لتكون الدوحة حليفًا مثاليًا لأنقرة لاستعادة "مكانتها التاريخية".
"محور الممانعة"
بعد حرب تموز/ يوليو 2006 على لبنان، وجدت كل من قطر وتركيا مصالحهما في الوقوف إلى جانب ما يعرف باسم "محور الممانعة": حزب الله وإيران وسوريا. حيث كانت قطر تحاول أخذ مكانٍ لها في مواجهة السعودية ومصر، بينما كانت تركيا تبحث عن دورٍ إقليميٍ من بوابة مواجهة إسرائيل.
دعم حماس
في عام 2008 وبعد حرب غزة، أعلن الأتراك صراحةً موقفهم الداعم لحماس، القريبة أيديلوجيا من حزب العدالة والتنمية من جهة، ولمكانتها في "محور الممانعة" من جهةٍ أخرى. هذا الدعم أبعد أنقرة عن الرياض والقاهرة، لكنه قربها من الدوحة، التي ترجمت توحد الرؤية مع أنقرة برعاية اتفاق المصالحة الفلسطينية.
تقارب مع مصر من بوابة الإخوان
توطدت العلاقات التركية القطرية، مع تقاربهما السياسي في ملف القضية الفلسطينية والشأن العراقي. وتوجَّه اتهامات لقطر وتركيا بدعم جماعة الإخوان المسلمين في البلدان العربية. وظهر ذلك جلياً مع "الربيع العربي"، ودعم كلا البلدين للرئيس المصري محمد مرسي، الذي خططت قطر وتركيا لاستثمارات كبرى في مصر في عهده، قبل أن يطيح به الجيش.
الملف السوري
لم يظهر التنسيق والتقارب القطري التركي بشكلٍ أوضح مما ظهر عليه في الملف السوري، حيث تغير موقف البلدين الحليفين السابقين للأسد، وتوجها إلى دعم المعارضة، ومؤتمراتها، وحتى بعض كتائبها المسلحة، كما كان لهما دورٌ كبير في العديد من عمليات تبادل الأسرى بين المعارضة والنظام في سوريا، وصفقات تحرير المخطوفين كصفقة راهبات معلولا، وموظفي الأمم المتحدة.
قاعدة تركية في قطر
في كانون الأول/ ديسمبر 2014 أطلقت الدولتان برنامج تعاون ثنائي، تحت مسمى "اللجنة الاستراتيجية القطرية التركية العليا"، نتج عنها توقيع عدد من الاتفاقيات المختلفة، إضافة لتمركز حوالي 150 عنصرًا من أفراد الجيش والبحرية والقوات الخاصة التركية، في قاعدة عسكرية قطرية، قبل إنشاء قاعدة عسكرية تركية دائمة في قطر.
مكافأة الدوحة لأنقرة
في تشرين الثاني/ نوفمبرعام 2015، أثبتت العلاقات التركية القطرية مدى متانتها، عندما تدهورت علاقات تركيا مع روسيا، التي كانت المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لتركيا، بعد إسقاط الطائرة الروسية على حدود سوريا. عندها وافقت قطر على تزويد تركيا بالغاز الطبيعي المسال.
الاقتصاد بعد السياسة
تتواجد في قطر نحو 60 شركة تركية، نفذت 35 منها مشاريع بقيمة تجاوزت 35 مليار دولار، بالإضافة الى استثمارات في مجالات مختلفة، وتطمح الشركات التركية في الحصول على حصة من حزمة المشروعات، التي تنوي قطر تنفيذها تمهيداً لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، بينما تستثمر قطر بقيمة عشرين مليار دولار في تركيا.
لا مجال لسقوط الحليف!
أثار تدهور الليرة التركية مخاوف من أزمة اقتصادية في تركيا وقلقاً من تضرر المستثمرين الأجانب وبينهم قطر. وفي الأيام الأخيرة، أطلق مؤيدون لتركيا في قطر حملة لتحويل ما يملكونه من الريالات القطرية الى الليرة التركية، دعما لهذه العملة، قبل أن يعلن أمير قطر عن الاستثمارات السخية، لإنقاذ الاقتصاد التركي، والحفاظ على حليفٍ قوي للدوحة. اعداد: راما الجرمقاني