قطر راع جديد للسلفية والحركات الجهادية
٨ نوفمبر ٢٠١٢فتح حوار مع طالبان
جاء الإعلان عن فتح حركة طالبان الأفغانية مكاتب لها في قطر مطلع كانون الثاني 2012 ليثير الكثيرمن الجدل وعلامات الاستفهام حول الأهداف التي تبتغيها جميع الأطراف من وراءهذا الإجراء، ولاسيما أنها تضمنت الولايات المتحدة وأفغانستان وحركةطالبان ودولة قطر . ويرى الخبراء أن هذه الخطوة جاءت من اجل احتواء حركة طالبانسياسياً، وبدء مفاوضات غير مباشرة بينها وبين أميركا على إلقاء السلاح،والانخراط في الحياة السياسية .
ووفقاًللدكتور جهاد عودة ، أستاذ السياسة الدولية جامعة حلوان، فإن هذا الاتفاقكان متوقعاً، ولاسيما أن الحرب في أفغانستان لن تستمر مدى الحياة، وقاللـ"إيلاف" إن أميركا لها نفوذ على جميع الأطراف في المعادلة الأفغانية ودولالجوار لها، بالإضافة إلى دول الخليج العربية، وأضاف أنه لا يمكن قراءةالاتفاق الجديد بمعزل عن القراءة التاريخية للوضع في أفغانستان ."
الدور الوسيط
وحولالدور القطري في الصفقة الجديدة ، قال عودة إن قطر لديها علاقات إستراتيجيةمع أميركا، وتقوم بأدوار سياسية لصالحها في المنطقة ، بما يمكن وصفهبـ"المقاول من الباطن"، لكن لا يمكن وصفها بالدولة العميلة كما يحب البعضوصفها دائماً، مشيراً إلى أن تلك الأوصاف أو اللغة لم تعد موجودة في العلومالسياسية في المرحلة الراهنة ، بل يتم الاستعاضة منها بالقول إن هناكعلاقات إستراتيجية مع أميركا وتبادل مصالح .
ويتبنىالدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث وجهة نظر مغايرة،ويقول في تصريح نشره موقع إيلاف "إن قطر تلعب دوراً في إطار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة ، مشيراً إلى أن حينما تفشل أميركا تدفع بقطر وبعض دولالخليج، ووصفها بأنها تعرف بـ"الدولة الشركة ".
من جانبه ، أعلنالبيت الأبيض ترحيبه بقرار فتح مكتب سياسي لطالبان في قطر، وقال جاري كارنيالمتحدث باسمه "إن ذلك من شأنه أن يوفر عنوانا للمفاوضات مع المتشددين،ويزيح قتال واشنطن معهم لأكثر من عقد". وأضاف: "أننا نرحّب بأي خطوة علىطول الطريق لعملية تقودها أفغانستان من أجل تحقيق المصالحة."
شراكة أميركية
اعتبرالمراقبون ان الخطوة القطرية ـ بفتح مكاتب طالبان ـ تعتبر امتدادا لدورهاالوسيط في اغلب أزمات المنطقة ، ولم تكن مفاجأة.حيث تبذل أميركا جهودالاحتواء المجموعات الإسلامية الأصولية الجهادية فيالمنطقةبهدف تغيير مسارات تلك المجموعات بعد ان عجزت عنتحجيمها ،وهيسياسة أميركية جديدة باحتواء المجموعات الأصولية الجهادية الأقل تشددا من أيدلوجيةالقاعدةوتقليلالخصوم وتخفيض ميزانية الدفاع وسحب القوات الأميركيةومحاولة الفصل مابينالقاعدة و طالبان .
كذلك تاتي هذه الخطوة ضمن استعدادات الإدارة الأميركية بسحب قواتها من أفغانستان2014، هذه السياسة لا يمكن اختصارهابالانتخابات الأميركية القادمة بقدرما هي إستراتيجية أميركية جديدة بسحب قواتها وإبدالهابالجهد ألاستخباريالمبرمجلوكالة المخابرات المركزيةواصطياد أهدافها بعمليات طائرة بدونطيار ومجموعات النخبة القتالية ( الكومندوز)لتقليل الخسائر وتجنب استفزاز مشاعر الشعوب.
تبادل ادوار مع السعودية
دولة قطر باتت تلعب دوراً كبيراً في السنوات الأخيرة رغم أنها دولة صغيرة ، فقوة الدولة وقدرتها في التأثير على السلوك السائد لم يعد وفقا للتقاليدالكلاسيكية القديمة ، فقد تغيرت قواعد اللعبة جذريا وأصبحت هنالك دول صغيرة الحجم والسكان تحتل مكانة هامة .
أن دولة قطر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتمتع بدرجات مختلفة من العلاقة مع الولايات المتحدة وايران وحزبالله وإسرائيل .ويرى المراقبون ، أن افتتاح الجامع جاء في سياقتبني قطر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كخطوة لسحب البساط من الدور السعودي في زعامة الوهابية /السلفية التكقيرية . وان عرض وكالة الأنباء القطرية لنسب الشيخ محمد بن عبد الوهابمشيرة إلى انتمائه إلى قبيلة بني تميم التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة فيقطر، وهو أمر يعتقد بأنه لإضفاء المزيد من الشرعية على تسميته . وممكن تفسير الخطوة القطرية هذه هي لمواجهة والمد الاخواني في مصر في إعقاب الثورات العربية .
ويرى مراقبون في الخطوة القطرية رغبة لاستقطابالسلفيين والحركات الجهادية ، وان واشنطن تستخدم قطر للتأثير على السلفيين بعد أن نجحت ـ أميركا ـ فياحتواء الإخوان تحت مظلتها . أن الموقف القطري جاء منسجما مع الموقف السعودي لغرض استخدام التيارات السلفية فيمواجه التمدد ألإيراني ومواجهة الحراك الشيعي في دول الخليج العربية ولغرض محاربة الإرهاب.
هذه التطورات لا يمكن أن تكون بعيدة في جهود قطر والسعودية مع المعارضة السورية ، فهنالك تقسيم الأدوار فاحدهما يمول الجيش السوري الحر والأخرى تمول الحركات السلفية التكفيرية داخل سوريا.
السياسة القطرية والسعودية تتماشى مع السياسة الأميركية في المنطقة التي تهدف إلى تحجيم إيران في المنطقة وتفكيك المثلث السوري الإيراني وحزب الله . أميركا والدول الداعمة تستخدم السلفية في سوريا والمنطقة حزام آمان ضد إيران والتمدد الشيعي في المنطقة ، ويبدو أنها إستراتيجية أميركية للمستقبل البعيد لتحجيم إيران.
هذه السياسة قد لا تكون مستبعدة عن ما يجري في سوريا. فقد أمسى الوضع في سوريا معقدا وما يحدث هناك من مجازر تعدى كل معدلات القتل والعنف.