قطاع النسيج والملابس يأمل في الجمع بين الموضة والاستدامة
١٦ يناير ٢٠١٤مما لاشك فيه هو أن قطاع النسيج وملابس الموضة في أمس الحاجة لإعادة النظر في وضعه عند الحديث عن فكرة الاستدامة.ففي هذه الصناعات يتم استخدام أكثر من 20 ألف نوعا من المواد الكيمياوية التي تلوث مياه الأنهار. يضاف إلى ذلك ضرورة توفير ظروف عمل تليق بكرامة الإنسان في كل أماكن العمل والإنتاج. في هذا السياق تذكر البروفسورة فريديريكه فون فيدل بارلو، مديرة قسم الموضة المستدامة في معهد "إسمود" للفنون في برلين بالحوادث المأساوية التي حصلت في مصانع لإنتاج الملابس في بنغلاديش مثلا، وتؤكد على أنه من الضروري تغيير الأوضاع هناك، كما طالبت في لقاء أجرته معDW.
الهدف من فكرة الموضة هو التغيير والتجديد. ولذلك يسعى قسم الموضة المستدامة في المعهد إلى البحث عن حلول لتحقيق هذا الهدف ولكن بصورة مستدامة. "نحن لا نهتم بتصميم الملابس فقط „ كما تلاحظ الأستاذة فون فيدل بارلو، "إضافة إلى ذلك نتساءل: من أين تأتي الألياف؟ وكيف تتم عمليات الإنتاج؟ وما هي استراتيجيات المنتهجة في التصميم حتى يمكننا إنتاج ملابس تقوم على فكرة الاستدامة؟ وهناك مسألة كيفية التواصل مع الزبائن. فنحن نضع ذلك موضع نقاش حتى نحقق هدفنا، والذي يتجلى في إنتاج ملابس صحية وجميلة في آن واحد."
ملابس خالية من السموم
يسعى الأساتذة والطلاب في قسم الموضة المستدامة بالمعهد إلى المساهمة في إنتاج ملابس ذات نوعية عالية وخالية من السموم بشكل يمكن معه إعادة استخدام المواد التي تم تصنيعها فيها مرة أخرى. "إن ذلك سيحافظ على مصادر المواد التي نحن في حاجة إليها "، كما تؤكد البوفسورة فون فيدل بارلو. وتضيف: "نريد أن تتم عملية إنتاج ملابسنا من خلال الاعتماد على الطاقات المتجددة فقط".
ويبدو أن قطاع الصناعات المرتبطة بإنتاج الملابس على استعداد للقيام بتغييرات في مساره. غير أن الطريق إلى هناك طويل. "لا نزال في البداية"، كما تشرح البروفسورة وتضيف: "رغم قيام شركات عديدة بتقديم مساهمات مهمة في هذا التوجه، فإن السؤال القائم هو: كيف يمكن نقل عملية إنتاج الملابس المستدامة من مستوى نطاقه المحدود إلى مستوى الإنتاج على نطاق واسع"؟
الموضة والبحث عن وعى جديد
إن البحث عن حلول لما يحدث من تحولات في مناخ الكرة الأرضية يقتضي ضرورة إحداث وعي لدى سكانها أيضا. ونفس الأمر أيضا بالنسبة لمجال الموضة. فمن الضروري دفع الناس إلى سلوك مناسب لذلك. كما يجب نهج مشاريع مشتركة مع المستهلكين، تساهم في تغيير موقفهم من الاستهلاك على أساس أن يستفيدوا منها أيضا. وتضيف الأستاذة فون فيدل بارلو قائلة: " المنطلق المهم في ذلك هو التساؤل عما نحن في حاجة إليه فعلا. إن الأمر لايتعلق فقط بتهدئة ضمير المستهلكين، وإنما أيضا بإثارة سرورهم بالجمال والنوعية الجيدة لملابس، إنها الصورة التي يجب على الموضة عكسها.
ليس هناك ما يدعو إلى أن تكون أسعار الملابس المحافظة على البيئية مرتفعة. فأسعار الملابس التي يحصل كل مشارك في إنتاجها على أجرة نزيهة، ليست بالضرورة أغلى من أسعار الملابس التي يتم إنتاجها في ظروف مأساوية ومضرة بالبيئة بشكل كبير كما هو الشأن في بنغلاديش مثلا. فإذا أخذنا بعين الإعتبار تكاليف إزالة تلك الإضرار وما تتركه من آثار سلبية على الناس والطبيعة، فإن الملابس التي يتم إنتاجها بأساليب المحافظة على البيئة ومن منطلق الاستدامة أرخص بكثير، كما تستخلص البروفسورة فون فيدل بارلو.
مستقبل صناعة الملابس رهن بوعي الزبائن
يعود تاريخ صناعة ملابس الموضة المحافظة على البيئة في ألمانيا إلى ثمانينات القرن الماضي، حيث مهدت مجموعات طلائعية الطريق لإنتاجها آنذاك. وقد تم قطع خطوات طويلة في طريق البحث عن سبل أخرى في إنتاج هذه الملابس على أساس تصاميم جيدة واستراتيجيات مستقبلية، كما تستخلص البروفسورة فون فيدل بارلو، وتلاحظ قائلة: "أعتقد أن الزبائن لم يعودوا يقبلون الظروف الاستغلالية التي يعاني منها عمال صناعات النسيج والملابس . ونحن نشهد حاليا تحولات في المواقف المرتبطة بتصنيعها".