قرصنة المعلومات الإلكترونية ليست صعبة
٦ يوليو ٢٠١٣كل دول العالم تقريبا تنتظر من أجهزة مخابراتها أن تقوم بمراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية وتقييمها وفق لأهمية المعلومات التي يمكن أن تتضمنها. ولهذا السبب فإن شركات الاتصالات التي تتخطى شبكاتها حدود البلدان مجبرة على إتاحة المجال للسلطات لتطلع على مفاصل التقاء أسلاك وكابلات الألياف الزجاجية الخاصة بهذه الشركات. وهكذا يمكن ل"برنامج تيمبورا" البريطاني على سبيل المثال الحصول وبطريقة قانونية على المعلومات انطلاقا من خطوط الألياف الزجاجية التي تعبر الأراضي البريطانية.
ولكن ، يمكن أيضا قرصنة المعلومات انطلاقا من خطوط الألياف الزجاجية بطريقة سرية ودون علم شركات الاتصال المالكة لها. بيد أن هذه العملية ليست بالأمر الهين. ولفهم كيفية قرصنة المعلومات انطلاقا من خطوط الألياف الزجاجية يتعين معرفة كيفية إنتقال المعلومات عبر هذه الألياف.
أجهزة المخابرات واهتمامها بالحصول على المعلومات
يتكون كابل الألياف الزجاجية العادي، الذي يتم مده عبر أراضي دولة ما، من 144 ليف زجاجي في العادة. أما كابل الألياف الزجاجية الذي يتم مده في قاع البحار فيتكون من ثمانية ألياف زجاجية على أقصى حد. ويتم من خلال أشعة الليزر تحويل المعلومات الالكترونية إلى ومضات ضوئية. وتمر نحو 10 مليارات ومضة ضوئية في الثانية الواحدة عبر الليف الزجاجي الواحد. وبإمكان الليف الزجاجي الواحد تمرير كم من المعلومات يقدر حجمه بين ما يتراوح بين 1,2 غيغابايت وخمسة غيغابايت في الثانية الواحدة.
ولكن وبعد مسافة معينة تصبح عملية نقل المعلومات بطيئة جدا. وفي هذا السياق يوضح البروفسور كلاوس ديتر لانغر، من معهد هاينريش-هيرتس التابع لمؤسسة فراونهوفر المتخصصة في البحث العلمي، أنه يتعين تقوية الإشارات من جديد كل 80 كيلومترا من خلال أجهزة خاصة.
وهنا تكمن نقطة الضعف في هذه الأجهزة، حيث يمكن قرصنة كابلات الألياف الزجاجية بسهولة لأن الألياف موجودة بشكل منفرد وليست مجتمعة. ذلك أنه يتعين تقوية كل ليف زجاجي على حدة. وهنا تشكل عملية القرصنة – وإن لم تكن سهلة- مجرد "صعوبة تقنية" يمكن تجاوزها.
وفي حال تمكن أحد الجواسيس من الوصول إلى هذه الألياف الزجاجية، فإنه يقف أمام مهمة صعبة ألا وهي تقييم الكم الهائل والهائل جدا من المعلومات. وفي أفضل الأحوال يقوم بذلك على الفور. والكثير من المعلومات يتعين في البداية حل شفراتها، كما يتعين على أجهزة المخابرات العمل بطريقة انتقائية حتى لا تغرق في بحر من المعلومات.
قرصنة المعلومات في أعماق البحار
ولهذا السبب يعتقد كلاوس-ديتر لانغر أن عملاء المخابرات لا يقومون بقرصنة جميع الألياف الزجاجية لكابل معين وإنما يركزون عملهم على ألياف معينة لشركة اتصالات محددة. "من المفيد البحث عن محتوى واضح ومحدد، مثلا عن الإيميلات أو الاتصالات الهاتفية وغيرها من الأمور المشابهة."
وعليه فإنه لا يؤمن بصحة خبر تناقلته بعض وسائل الإعلام و مفاده أن غواصة أمريكية تحمل اسم "جيمي كارتر" قامت في أعماق البحار بقرصنة خطوط ألياف زجاجية، ويمضي ليقول: "هذا السيناريو يعطي الانطباع بأنه مجرد مغامرة".
لكن بيتر فرانك المتحدث باسم نادي "فوضى الكمبيوتر" يعارض لانغر الرأي، مدافعا عن مصداقية التقارير الإعلامية المتداولة حول خبر الغواصة الأمريكية. موضحا أنه على الرغم من أن عملية قرصنة كابلات الألياف الزجاجية في قاع البحار هي أمر سري، إلا أن السلطات الأمريكية لم تقم بدحض محتوى التقارير الإعلامية حول هذا الموضوع.
ويعتقد فرانك أن هناك عددا من الطرق المختلفة لقرصنة المعلومات من كابلات الألياف الزجاجية، على غرار تقييم وغربلة المعلومات في نفس المكان قبل إرسالها عبر اتصال لاسلكي إلى محطة مركزية أو القيام بتسجيل المعلومات بجهاز معين في قاع البحار قبل استرجاعه بعد الانتهاء من عملية تسجيل جميع المعلومات التي تمت قرصنتها.
وتثير الخطوط والكابلات الممتدة في أعماق البحار اهتمام أجهزة المخابرات، ذلك أن جزءا كبيرا من الاتصالات الدولية تمر عبر هذه الخطوط، على ما يقول فرانك، و هولا يستبعد إمكانية قرصنة هذه الخطوط من أجهزة مخابرات معينة تابعة لدول أجنبية غريبة عن الدولة صاحبة الخطوط.