إجماع مجلس الأمن ينعش الآمال بحل الأزمة السورية
٢٠ ديسمبر ٢٠١٥بعد جلسة قصيرة لم تدم سوى دقائق تبنى الأعضاء الخمسة عشر وبالإجماع قرارا بشأن السلام وإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، يتضمن وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية. وما ساهم في نجاح الجلسة وتبني مشروع القرار بسرعة، الاجتماع الدولي حول سوريا، الذي عقد في نيويورك قبيل اجتماع مجلس الأمن، وشارك فيه وزراء خارجية 17 دولة بينهم وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وتركيا وايران وألمانيا. حيث ناقش هؤلاء الأزمة السورية ومشروع القرار واتفقوا على نصه قبل طرحه للتصويت في جلسة مجلس الأمن.
وينص القرار على وقف إطلاق النار وبدء محادثات سلام في النصف الثاني من شهر كانون الثاني/ يناير 2016 بين ممثلي النظام السوري وممثلي المعارضة وتشكيل حكومة انتقالية خلال 6 أشهر ومرحلة انتقالية مدتها 18 شهرا يتم خلالها إجراء انتخابات.
كشف خطط أوباما السرية
وقبيل اجتماع مجلس الأمن تم الكشف عن خطط الرئيس الأميركي المستقبلية بشأن سوريا، والتي أشار إليها في اجتماع عقده قبل أيام مع مجموعة صغيرة من الصحفيين في البيت الأبيض كان من المقرر أن يبقى سريا ولا ينشر شيء حول ما جرى مناقشته وإطلاعهم عليه. لكن رغم ذلك نشر أحد الصحفيين ما اطلع عليه في الاجتماع، بعد ذلك رأى الآخرون أيضا أنهم لم يعودوا ملزمين بالمحافظة على سرية الاجتماع، فكشفوا عن خطط ونوايا أوباما تجاه سوريا والتي تؤكد على عدم إرسال قوات برية أميركية إلى سوريا، حيث ستكون الخسائر البشرية ستكون مرتفعة جدا، إذ من المتوقع مقتل 100 جندي وإصابة 500 آخرين كل شهر مع تكلفة مادية تصل إلى 10 مليارات دولار شهريا. وعلاوة على ذلك وحسب ما نشرته وسائل إعلام أميركية فإن أوباما يتوقع أن يدفع التدخل الأميركي في سوريا إلى التدخل في دول أخرى مثل ليبيا واليمن.
إحراز تقدم في المحادثات
لكن هل كان للكشف عن نوايا أوباما وخططه دور في دفع الدول إلى الاتفاق وتبني مجلس الأمن للقرار بالإجماع؟ يبدو أن الأمر كذلك. فقد صرح وزير الخارجية الألماني بعد اجتماع عقده مع نظيريه الإماراتي والإيراني في نيويورك قبل يوم من اجتماع مجلس الأمن الدولي، بأن هناك تحركا وتقدما فيما يتعلق بالمحادثات.
وما دفع أعضاء مجلس الأمن إلى الاتفاق والإجماع على القرار هو شعورها بتزايد خطر إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وخاصة بعد هجمات باريس وبيروت وإسقاط طائرات الركاب الروسية فوق سيناء، وبالتالي ضرورة الاتفاق وتوحيد الصفوف في محاربة داعش وغيره من المنظمات الإرهابية، ولهذا يتضمن القرار وقف إطلاق نار في سوريا لا يشمل الغارات والعمليات ضد داعش وجبهة النصرة.
كما يرى مراقبون أن ما ساهم في الاتفاق أيضا هو اقتناع السعودية بعد تدخلها في اليمن ضد الحوثيين، بأنه ليس من السهل الانتصار على جماعات تتبنى تكتيك حرب العصابات. وفي نفس السياق يبدو أن إيران أيضا باتت مقتنعة بأنها لن تحقق النصر وتستطيع حسم الأمور عسكريا لصالح النظام وحلفائها في سوريا.
المعارضة المسلحة أيضا التي كانت حتى الآن تصر على رحيل الأسد وعدم الحوار معه، اصبحت مستعدة الآن للتفاوض معه وهناك أنباء لم تتأكد بعد تشير إلى التحضير لاجتماعات حكومة دمشق وممثلي فصائل من المعارضة المسلحة.
لكن ما استمر الخلاف عليه بين المجتمعين في نيويورك، هو مصير الأسد ودوره في المرحلة الانتقالية وما بعدها، بالإضافة إلى الخلاف حول تصنيف تنظيمات المعارضة السورية التي تعد إرهابية.
جبهة موسعة ضد "داعش"
ويبدو أنه باتت هناك قناعة لدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول المشاركة في اجتماعات نيويورك وقبلها فيينا، بأنه لابد من تشكيل جبهة واسعة موحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" يجب أن تشارك فيها دول عربية بشكل فعال، ما يمكن أن يكسب هكذا تحالف الشرعية وعدم النظر إليه في العالم العربي كـ "حرب صليبية" جديدة تستهدف العالم العربي وتحقيق مصالح وأهداف "امبريالية".
وقد بات هناك أمل في الانتصار على إرهاب "داعش" وتنظيمات أخرى مثل جبهة النصرة، حيث أن الطرفين في سوريا يعتمدان على الخارج، فالنظام يعتمد على دعم روسيا وإيران؛ والمعارضة تعتمد على دعم الغرب ودول الخليج. والطرفن النظام والمعارضة لا يستطيعان الاستمرار بدون دعم الخارج، وبالتالي كلاهما سيستجيب لضغط داعميه من أجل محاربة التنظيمات "الإرهابية" وتطبيق قرار مجلس الأمن وبدء محادثات من أجل إنهاء الأزمة والاتفاق على حل سلمي بعد نحو خمس سنوات من الحرب والدمار.