قتالية وعمل في صمت.."وصفة" المنتخب الموريتاني للنجاح
٢٤ يناير ٢٠٢٤في مباراة وصفت بـ"البطولية"، أطاح المنتخب الموريتاني بنظيره المنتخب الجزائري بهدف دون رد، ضمن الجولة الأخيرة من دور المجموعات في كأس أمم أفريقيا، التي تحتضنها الكوت ديفوار.
المنتخب الموريتاني ضرب عصفورين بحجر واحد، فقد حقق أول فوز له في كأس أمم أفريقيا. كما أنه نجح في حجز بطاقة التأهل إلى الدور الثاني (من أفضل أصحاب المركز الثالث) لأول مرة في تاريخه.
مفاتيح الفوز
منذ انطلاق صافرة المباراة بدا واضحا أن المنتخب الموريتاني وضع يده على نقطة ضعف منتخب الجزائر (الدفاع وغياب رامي بن سبعيني)، لاسيما وأن المنتخب الجزائري فقد الكثير من بريقه الكروي، وعانى من خيبات أمل كبيرة في السنوات الأخيرة أبرزها عدم التأهل إلى مونديال قطر الأخير.
وأدرك المنتخب الموريتاني أن تراجعه للدفاع سيعطي الفرصة للجزائر من أجل السيطرة على الكرة، وخلق فرص تسجيل على مرماه. لذلك، تقدم لاعبو منتخب موريتاني إلى الأمام، وضغطوا في أكثر من مرة على دفاع الجزائر، الذي قاده عيسى ماندي.
ولخص أمير عبدو مدرب منتخب موريتانيا كيفية فوز "أسود شنقيط" على منتخب الجزائر بالقول :"درسنا أسلوب المنتخب الجزائري بعدها، وطالبنا اللاعبين بعدها بالتقدم إلى الأمام، واستغللنا الخلل الموجود في خط الدفاع، ونجحنا في تسجيل الهدف".وأضاف في المؤتمر الصحفي عقب المباراة "أحرجنا المنتخب الجزائري...وأرغمناه على ارتكاب الأخطاء".
يُشار إلى أن مير عبدو، نجح أيضا في قيادة منتخب جزر القمر في التأهل إلى دور ثمن نهائي الكان في مشاركة سابقة.
أداء "بطولي"
ولعب المنتخب الموريتاني طيلة دقائق المباراة بروح كبيرة، وكان قريبا في أكثر من مرة في توسيع الفارق وتسجيل أهداف أخرى. ولعب المنتخب الموريتاني بخطوط متقاربة، ولم يترك مساحات كبيرة للجزائر، التي يتمتع لاعبوها بمهارات فردية كبيرة.
ونجح حارس مرمى موريتانيا بابكر نياس في الدفاع عن مرماه بقوة، وحرم الجزائر من أهداف محققة في أكثر من مرة. كما أن دفاع موريتانيا نجح بشكل كبير في إبطال مفعول الكرات الطويلة، التي لجأ إليها منتخب الجزائر بعدما وجد صعوبات كبيرة في إحكام قبضته على وسط الميدان، وعانى من غياب المساحات.
ولم يتعب لاعبو موريتانيا من الركض طيلة المباراة واللعب بروح عالية للغاية، فقد كان حافز الفوز لدى لاعبي موريتانيا كبيرا جدا، لاسيما وأنهم كانوا على موعد مع التاريخ عند تحقيق الفوز. وأيضا تأكيد أنه في كرة القدم الحالية لم تعد هناك "منتخبات صغيرة".
وفي هذا الصدد، قال أمير عبدو مدرب موريتانيا: "لم يكن أحد يؤمن بحظوظ المنتخب الموريتاني وقدرته على تحقيق المفاجأة والفوز ولم يكن هناك إهتمام بالحديث عنه ولاعن تشكيل الفريق، ولكننا آمنا بقدرتنا على تحقيق ذلك في واحدة من المفاجآت الجميلة لكرة القدم"، حسب ما تناقلته وسائل إعلام مختلفة.
تطور كبير
تأهل منتخب موريتاني إلى الدور الثاني من كأس أمم أفريقيا ليس من قبيل الصدفة، فهناك عمل كبير يقوم به مسؤولو كرة القدم في موريتانيا على مدى السنوات الماضية.
وفي مقابلة مع "DW" يشرح الخبير في كرة القدم الإفريقية إيمكيا إنياديكي أسباب تطور كرة القدم في موريتانيا بالقول :""لقد تطوروا كثيرا وبسرعة كبيرة. لقد تم استثمار الأموال التي تلقوها من الفيفا بذكاء شديد. وقاموا بتحويل مركز التدريب والمقر الرئيسي الخاص بهم إلى حالة فنية جيدة للغاية، ولديهم الآن إمكانيات عمل من الطراز الأول. ويبدو لي أن هذا هو السبب الذي ساهم في تأهلهم لآخر ثلاث بطولات من كأس الأمم الإفريقية".
كما أن تألق المنتخب الموريتاني يعود أيضا في نجاح المدرب في الجمع بنجاح بين تشكيلة تضم لاعبين ينشطون في الدوري المحلي، ولاعبين محترفين في الدوريات الأوروبية "فرنسا، بلجيكا..." ولديهم جذور مورتيانية. ومن بين هؤلاء النجوم أبو بكر كامار، وأبو بكاري كوريتا وغيرهم.
خيبة أمل جزائرية
وللمرة الثانية على التوالي يودع منتخب الجزائر بطولة كأس أمم أفريقا من دور المجموعات، ومن دون تحقيق أي انتصار في البطولة الأفريقية منذ الفوز على السنغال في نهائي 2019.
ويُتوقع أن يؤدي إقصاء الجزائر إلى الإطاحة بالمدرب جمال بلماضي، الذي أكد أنه يتحمل مسؤولية الإخفاق. وقال خلال المؤتمر الصحفي عقب المباراة: "أتحمل مسؤولية الإقصاء للمرة الثانية على التوالي، والآن لا يمكنني أن أحدد موقفي من المواصلة، وعندما أعود إلى الجزائر، سأتكلم بشأن مستقبلي".
ويحتاج المنتخب الجزائري إلى دماء جديدة من أجل أن يستعيد بريقه في أقرب وقت ممكن، خاصة أن كرة القدم الأفريقية تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولم تعد هناك منتخبات كانت توصف سابقا بـ"الصغيرة" في عالم الساحرة المستديرة.