قانون الإنترنت الجديد في تركيا: على طريق إيران والصين؟
٩ فبراير ٢٠١٤تعتبر القوانين المتعلقة باستخدام الإنترنت في تركيا تقييدية مقارنة مع المجتمع الدولي، حتى قبل القانون الجديد بهذا الشأن. وكان دخول موقع أفلام الفيديو "يوتيوب" مثلاً غير ممكن في تركيا لمدة سنين بسبب فيلم واحد فقط، لأن السلطات تزعم أنه يهين مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك. وحاولت سلطة الإنترنت التركية مؤخراً حتى عرقلة نشر استفسار لحزب الشعب الجمهوري المعارض حول ذلك.
ويسمح القانون الجديد للحكومة بالتدخل على نطاق أوسع وأسرع. وبناء على شكوى مواطن أو مؤسسة بسبب إهانة مزعومة من خلال مقال أو مقطع فيديو أو صورة، يمكن للسلطات المختصة إغلاق الموقع أو الصفحة بدون إنذار أو إذن قضائي. ولا يتم إشراك القضاء في الأمر إلا بعد الإغلاق. وإذا تنازل المدعي المحتمل عن رفع شكوى إلى محكمة، سيتم إنهاء الإغلاق بعد ثلاثة أيام. لكن بالإمكان إقرار هذا الإغلاق مجدداً.
حماية للحقوق الشخصية أم مراقبة؟
ويتضمن القانون الجديد أيضاً تخزين بيانات احتياطية لمدة أقصاها سنتان وتشكيل اتحاد مركزي يجب أن ينضم إليه جميع مقدمي خدمات الإنترنت. ومن المحتمل أن تتوصل السلطات من خلال هذا الاتحاد إلى عزل مستخدمي الإنترنت الذين أصبحوا غير مرغوب فيهم لدى الحكومة، بالإضافة إلى مواقع تتيح تجاوز الحظر الحكومي.
وتبرر حكومة أردوغان القانون الجديد بالإشارة إلى الحماية الضرورية للحقوق الشخصية، إذ يجب إتاحة الفرصة للمواطن من أجل الدفاع عن نفسه ضد إهانته في الشبكة الإلكترونية. لكن خصوم رئيس الوزراء يرون في القانون الجديد وسيلة للحد من أي انتقادات ضد الحكومة.
ويتعرض حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان لانتقادات شديدة بسبب القانون الجديد، فالسلطة المختصة بشؤون الإنترنت تتمتع بموجب القانون بصلاحيات أوسع من صلاحيات الرئيس، كما قال حيدر أكار، من حزب الشعب الجمهوري العلماني، مشيراً إلى أن تركيا ستنتمي، مثل إيران والصين وماليزيا، إلى مجموعة الدول التي صدرت فيها أكثر الأحكام صرامة بشأن استخدام الإنترنت.
من جانبه، يؤكد مصطفى أكغل، رئيس اتحاد تكنولوجيا الإنترنت، في حديث مع DW أنه "لا توجد أي شفافية. ولا نعرف ما سيكون محظوراً ولا نعرف متى ولماذا". وقال الصحفي التلفزيوني تشونيت أوزديمير إن ما بقى من حرية الإنترنت في تركيا تتم الآن إزالته.
الأمال معقودة على الرئيس غل
لم يصبح القانون الجديد بعد ساري المفعول، إذ يجب أن يوافق الرئيس عبد الله غل عليه قبل ذلك. ويأمل بعض منتقدي الحكومة أن يستخدم غل حقه في الفيتو وطرح القانون على البرلمان لمناقشته مجدداً. لكن غل لم يستخدم حقه هذا حتى الآن إلا نادراً. وعليه، أكد غركان أوتوران، العضو في حزب القراصنة الذي أصبح على وشك تأسيسه، في تصريح لـDW أنه "لا بد من لجوئه (غل) هذه المرة إلى استخدام حقه وإلا سيفقد الكثير من شعبيته".
إلا أن مصطفى أكغل لا يشاركه هذا التفاؤل، فحتى رفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ لن يؤدي إلى تغير الوضع جذرياً، إذ حتى لو تمت إدانة تركيا هناك، فإن الحكومة ستدفع غرامة نقدية "وستستمر في اتباع نهجها الحالي"، كما يقول أكغل، مضيفاً أنه لن يدفع أي شيء أردوغان إلى تقديم التنازلات إلا ضغوط شديدة يمارسها الاتحاد الأوروبي عليه.
أما غركان أوتوران من حزب القراصنة التركي، فإنه يتوقع أن تلاحظ الحكومة، بالنظر إلى ردود فعل الملايين من مستخدمي الإنترنت الأتراك، أنها تجاوزت حداً حساساً، "فالأتراك لن يقبلوا مثل ذلك على الإطلاق"، كما يقول.