فيلم فلسطيني ـ إسرائيلي قصير في مهرجان برلين السينمائي
١٦ فبراير ٢٠١٤DWعربية: كيف جاءت فكرة عمل فيلم "أضحك، تضحك لك الدنيا"؟
يوآب غروس: جزء من عملنا في مؤسسة "بتسيلم" هو مشروع تصوير. في هذا المشروع نعطي كاميرات فيديو لمئات العائلات من الضفة الغربية، لكي تستطيع توثيق حياتها اليومية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأيضاً من أجل توثيق انتهاكات حقوق الإنسان. معظم الفيديوهات التي نحصل عليها تحتوي على مشاهد قاسية تُظهر هذه الانتهاكات. ولكن أحياناً نحصل على فيديوهات، كالتي عملنا منها الفيلم، تكون أكثر من مجرد توثيق لانتهاكات حقوق الإنسان، بل لها أيضاً خصائص سينمائية. وعندما رأينا اللقطات التي صورتها عائلة الحداد، أدركنا أن بإمكان الصور أن تسرد قصة معقدة ومثيرة، ليس فقط عن حقوق الإنسان، بل أيضاً عن الحياة اليومية وعن الوضع العبثي تحت الاحتلال، وأن تشرح جوهر الاحتلال وظلمه. وما عملناه هو أننا أخذنا اللقطات التي صورتها العائلة في إحدى الليالي، وعالجناها بعض الشيء، وأنتجنا منها فيلما.
إيهاب طربيه: عائلة الحداد تصور المداهمات منذ خمسة أعوام، والذي حصل هو أمر عادي جداً ويحصل دائماً للعائلة. هم ببساطة وثقوا ما حصل في الليلة التي دخل فيها الجنود إلى بيتهم وفتشوه بلا سبب. من المهم أن نذكر أيضاً أن الجنود أصروا على ألا يتركوا البيت حتى يتوقف ضياء (أحد أفراد العائلة) عن التبسم. إذاً، نستنتج أنهم كانوا هناك فقط من أجل ترويع الفلسطينيين في بيوتهم.
لماذا أردتم عرض الفيلم في البرليناله؟
يوآب: البرليناله بالطبع هي أحد أهم وأكبر مهرجانات السينما في العالم. ومعظم صناع الأفلام في إسرائيل وفلسطين يحاولون أن يعرضوا أفلامهم في هذه المهرجانات العالمية. لذلك كانت البرليناله أحد أول المهرجانات التي تقدمنا إليها بفيلم "أضحك، تضحك لك الدنيا". أنا شخصياً شاركت قبل ثلاثة أعوام في مهرجان البرليناله بفيلم قصير بعنوان "سوسية" عن عائلة فلسطينية في قرية سوسية جنوبي الضفة الغربية. ولذلك أنا أقدّر المهرجان جداً وأعرف أننا يمكننا من خلاله الوصول إلى عدد كبير من المشاهدين، وهذه فرصة لا تتيحها المهرجانات الأخرى.
كيف تنسقون العمل مع العائلات الفلسطينية؟
إيهاب: هذا ليس بالشيء البسيط. ما نعمله هو أننا نحاول في البداية أن نشرح عمل مؤسسة "بتسيلم" لكل الذين نريدهم أن يتطوعوا للعمل معنا. عندما نذهب إلى العائلات، نشرح لهم طبيعة العمل، وما هو الهدف من التصوير، وهم يقررون. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الموظفين لدى "بتسيلم" هم من الفلسطينيين، هذا يسهل علينا التواصل مع العائلات الفلسطينية المتضررة.
يوآب: نحاول أن نبحث عن عائلات في مناطق تحصل فيها انتهاكات بشكل منتظم. هناك منطقة صغيرة في مدينة الخليل يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي كليا، تحصل فيها المداهمات والخلافات بشكل يومي، وفيها أيضاً تقييد لحرية تنقل الفلسطينيين. هذه منطقة نركز عليها في مشروعنا، وقد وزعنا فيها كاميرات فيديو على أكثر من ثلاثين عائلة.
هل تعتقدون أن الفيلم يشرح الوضع بشكل يفهمه الجمهور الأوروبي؟
يوآب: آمل ذلك. فالوضع في المنطقة حاليا معقد جداً، وهو مختلف عما تنقله الأخبار، سواء العربية أو الإسرائيلية. أنا أعتقد أن الفيديوهات الخام التي نحصل عليها توثق هذه الوضعية المعقدة، وآمل أن يكون باستطاعة فيلمنا أن يوصل رسالة واضحة، ليس فقط عن العنف وعن الصراع بين العائلة والجنود، بل أن يوصل هذا الشعور بالحياة تحت الاحتلال. أما بالنسبة لي كيهودي إسرائيلي، أتمنى أن يشاهد الإسرائيليون هذا الفيلم وأن يحاولوا، ولو للحظة قصيرة، أن يضعوا أنفسهم مكان هذه العائلة الفلسطينية التي يداهم الجنود بيتها.
إيهاب، كيف يتفاعل الفلسطينيون معك أنت بالذات عندما يعلمون أنك تعمل لصالح مؤسسة إسرائيلية؟
لا شك أن هناك توجس. لكن هناك الكثيرين من الإسرائيليين الذين يعملون كل يوم من أجل إنهاء الاحتلال في الضفة الغربية، وهذا أمر جيد. هناك دائماً تناقضات في الأحاسيس، ولكني وجدت أن مشروع التصوير قد يكون مفيداً لهذه العائلات، لذا قررت الدخول فيه.
كيف كان رد فعل عائلة الحداد عندما عرفوا أن الفيلم سيعرض في البرليناله؟
يوآب: فرحوا جداً، ولم يصدقوا الأمر في البدء. إنها المرة الأولى التي يخرجون فيها من بلدهم، ويأتون إلى أوروبا ليحضروا عرض الفيلم. ربما يشكل الفيلم الطريقة المثلى لسرد قصة هذه العائلة والعائلات الأخرى، وربما لسرد قصة الجنود أيضاً. فالفيلم يحكي أيضاً عن الإسرائيليين، ويوضح أسباب عدم شرعية سيطرتهم على حياة السكان الفلسطينيين، حسب رأيي.
كيف كان رد فعل المشاهدين الإسرائيليين على فيلمكم؟
يوآب: من المهم بالنسبة لنا أن يرى الإسرائيليون هذه الأفلام، ونأمل أن يكون باستطاعتها إحداث تغيير ماً. عادة ما يغضب المشاهدون الإسرائيليون عندما يرون هذه العنف في أفلامنا. أما بالنسبة لفيلم "اضحك، تضحك لك الدنيا"، فلم يكن هناك عنف في الفيلم، لأنه يسرد قصة الأشخاص فقط لا غير، ويجعل المُشاهد يشعر مع هذه العائلة ووضعها وما يحصل معها.
إيهاب: كان هناك رد فعل ملحوظ في الصحافة الإسرائيلية على هذا الفيلم، فهناك لحظات دعابة فيه. وهو يفتح أعين الإسرائيليين على وضع العائلة الفلسطينية، وهذا ما يسهل من عملنا، لأنه من الصعب توصيل هذه الرسالة إلى المجتمع الإسرائيلي. أعتقد أن الأفلام والقصص ـ بعكس السياسة ـ يمكنها في بعض الأحيان أن تفتح أعين الناس على أشياء لم يكونوا يدركونها من قبل.
هل تأملون أن يخفف هذا الفيلم من معاناة العائلات الفلسطينية التي تتعرض لهذه المداهمات؟
إيهاب: لا أعلم إن كان هذا المشروع سيساعد العائلات تحديداً، ولكن نستطيع من خلاله أن نظهر للعالم ماذا يحصل يومياً، فالعالم اعتاد أن يرى العنف والمظاهرات في فلسطين، في الضفة الغربية وغزة وشرقي القدس، ولكنه لم يعتد أن يرى حياتهم اليومية تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وهذا مهم جداً.
كيف تقيّمون الوضع في المنطقة حاليا؟
يوآب: نحن نشطاء في مجال حقوق الإنسان، ولا نريد التدخل في السياسة، بل نريد ضمان العدالة للجميع. ولكن بصراحة، الوضع السياسي الآن سيء ومعقد للغاية. ولكن، نحن كفلسطينيين وإسرائيليين نعمل سوية في المؤسسة ونناضل ضد الاحتلال. هذا ما يعطيني الأمل والشجاعة لمواصلة عملي.
أجرى الحوار: نادر الصراص