فيسبوك وتويتر.. سلاح المهمشين في مصر
١ نوفمبر ٢٠١٥نجحت مؤخرا حملة شارك فيها الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي في الضغط على الشركات الراعية لبرنامج الإعلامية المصرية المثيرة للجدل "ريهام سعيد" لوقف رعايتها للبرنامج، فيما أعلنت قناة النهار وقف البرنامج، رغم أنه الأكثر مشاهدة في القناة. وبدأت القصة بانتشار مقطع فيديو على موقع يوتيوب لفتاة يصفعها شاب على وجهها في أحد الأسواق التجارية الكبرى (مول)، فاستضافها عدد من مقدمي البرامج لتحكي الواقعة ومن بينهم الإعلامية ريهام سعيد.
شرحت الفتاة التي تدعى سمية طارق ما حدث معها بالقول أن أحد الأشخاص تتبعها أثناء دخولها "المول" وعرض عليها الذهاب معه لمنزله، لكنها رفضت فصفعها وحاول التقرب منها ثم تعدى عليها بعدما هددته باستدعاء أمن "المول". وانتقدت الأمن لأنه لم يقم بأي إجراء، حسب قولها.
في المقابل، انتقدت ريهام سعيد حديث الفتاة، مضيفة أنها لم تقتنع بكلامها، وقالت بعد انتهاء لقائها بالفتاة "مثلما هناك متحرشون في الشارع.. هناك بنات زودتها كثيرا في الشارع، لموا بناتكم وحافظوا عليها مش هيحصلهم حاجة".
انتهاك خصوصية الضيف
وفوجئت الفتاة بنشر صور من حياتها الخاصة، منها صورة وهي ترتدي لباس سباحة ويحملها شاب بين ذراعيه، وعلقت المذيعة عليها "لو كنت أقبل إن أحمل بمايوه بهذه الطريقة سأقبل إن حد يعاكسني.. مش نهاية العالم"، مضيفة أنها تمتلك الكثير من الصور، ولم توضح كيف حصلت عليها. فيما اتهمتها الفتاة بأنها سرقت صورها من هاتفها الذي سلمته لفريق الإعداد قبل الحلقة، وهو ما أثار حفيظه الجمهور تجاه مقدمة البرنامج التي أقدمت على ذلك ورأى أنها تجاوزت الحدود وجعلت من البرنامج نافذه للتشهير والخوض في الخصوصيات والأعراض.
وقالت بيسان كساب عبر صفحتها على فيس بوك إنه "ليس هناك ما يسمى بأن ريهام سعيد "فضحت" سمية؛ الصحيح أن ريهام سعيد انتهكت خصوصية سمية، لأن الفضيحة هي أن الناس تعرف جرائمك، سمية لم تجرم لأنها ارتدت ما تريد، يتساوى في انتهاك الخصوصية أنك نشرت صورة واحدة بالمايوه، أو بملابس الإحرام دون إذن منه".
وعقب هذه الحادثة، تضامن عدد من المنظمات الحقوقية مع القتاة، ودشن نشطاء هاشتاغ بعنوان #موتي_ياريهام، و#ريهام_ماتت، وهو هاشتاغ مستوحى من اشتباكها مع الإعلامي يسري فودة بعدما انتقد تناولها لحلقة عن اللاجئين السوريين في مخيمات في لبنان، مستغلة توافد عدد من اللاجئين على المعونات التي كانت توزعها؛ محذرة أنه إذا تم إسقاط الحكم في مصر فربما سيصبح الحال في مصر كما هو الحال في سوريا، إلا أنها كانت ردت عليه قائلة"، لو أعرف أنك بتشوفني كنت ضربت نفسي بالنار".
باسم يوسف يدشن #إعلانك_معانا
ودعا المخرج محمد دياب -الذي قام بإخراج فيلم عن التحرش عام 2008- إلى استثمار الغضب في تدشين حملة لعقاب المذيعة والضغط لوقف برنامجها، قائلا إن حلقة واحدة للإعلامية ريهام سعيد ضيعت مجهود سنوات في محاربة التحرش. وبالفعل دشن نشطاء حملة لمقاطعة الشركات الراعية، وهي الشركات التي تفاعلت بسرعة مع الحملة، حيث أعلنت بعضها عن وقف رعايتها للبرنامج، وتجاوز عددها الـ 14 شركة، خاصة بعد أن شارك الآلاف من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في الحملة، ومنهم الإعلامي الساخر باسم يوسف الذي شارك بقوة في هذه الحملة وتدشين هاشتاغ بعنوان #إعلانك_عندنا وغرد بأكثر من 30 تغريدة.
وتعهد يوسف بأنه سيكتب اسم الشركة التي تعلن مقاطعتها للبرنامج على صفحته على تويتر قائلا "ليه تصرف ملايين على إعلانات في برنامج وانت ممكن يشوفك خمسة مليون متابع هنا لو قاطعته". إلا أن يوسف أعلن عن خشيته من عودة الشركات مرة أخرى قائلا "هل بعد الحملة امبارح وبعد ما الشركات كانت شيك وقاطعت. حترجع تاني تعلن لما الدنيا تهدى؟ هل حتعلن في البرنامج اللي مستضيفها الليلة؟"
وعلى إثر الحملة المتصاعدة، اعتذرت الشبكة لكل من استاء من الحلقة، وقررت وقف البرنامج وإلغاء حلقة كان من المقرر إذاعتها بين الإعلامي خالد صلاح والإعلامية ريهام سعيد، بعد أن شن مغردون على مواقع التواصل هجوما حادا على القناة ودشنوا هاشتاغ بعنوان #احذف_النهار كما شنوا هجوما على الإعلامي خالد صلاح واتهموه "بمحاولة غسيل سمعة ريهام سعيد".
مواقع التواصل أقوى من الإعلام التقليدي؟
لم تكن حالة الإعلامية ريهام سعيد ووقف برنامجها هي المرة الأولى التي تتضح فيها قوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كان أبرزها دعوة الجماهير للمشاركة في مظاهرات 25 يناير 2011، وكانت هناك حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الإعلامية أماني الخياط التي كانت تقدم برنامجا في قناة أون تي في، بعد إساءتها لسيدات دولة المغرب. إلا أن عودتها بعد فترة عبر قناة أخرى جعلت البعض يتشكك في عدم عودة ريهام سعيد للشاشة مرة أخرى، فكتبت سلمى خطاب على صفحتها "هيوقفوا البرنامج وهيداروها سنة ولا اتنين، ثم ستعود مثلما فعلوا مع هالة سرحان قبل ذلك"
فيما قال أمير عيد المغني في فرقة كايرو كي أمير "أنا خايف افرح قوي ألاقي ريهام سعيد وزيره او محافظه مثلا.. الحياه علمتنا كده الشر دايما بينتصر".
في المقابل، رفض عدد آخر الهجوم الضاري على الإعلامية ريهام سعيد، حيث قال الإعلامي خيري رمضان على صفحته على تويتر تحت هاشتاغ #ريهام_ماتت " أنا متضامن مع #فتاة_المول، لكن ليس من النبل أو الفروسية الآن أجيب سكينة و أكمل ذبح في الزميلة ريهام سعيد - من منكم بلا خطيئة"
من جهته قال الدكتور أحمد كمال أستاذ الإعلام بجامعة حلوان لـDW "يتضح قوة هذا النوع من الإعلام البديل في قدرته علي تطوير أساليبه والطرح الدائم لآليات مختلفة. ويضع وسائل الإعلام جميعا تحت مجهر جمهور-وسائل التواصل الاجتماعي - الذي أصبح يمثل قوة حقيقية في مراقبه كل ما يقال وينشر، الأمر الذي يمثل ضغطا كبيرا يجعل صانعي الإعلام يضعون نصب أعينهم ردود أفعال هذا الجمهور النشط". لكنه يضيف بأن هذا الأمر يبقى سلاحا ذو حدين لأنه "في كثير من الأحيان يكون النقاش حول بعض المواد التي تقدمها وسائل الإعلام سببا في الانتشار والترويج وإعلاء قيمه برامج تتناول موضوعات وقضايا مثيرة لا تستحق هذا القدر من التناول".
في المقابل طرح المخرج عمرو سلامة عدة تساؤلات على صفحته على فيس بوك قائلا "هل دور الشباب على النت أنهم يقوموا بدور الشرطة والقضاء والمحافظة والمحليات والرقابة الإدارية ويكونوا سلطة تنفيذية وكمان تشريعية؟.. هل عادي أن مواقع التواصل الاجتماعي مايكونش دورها التعارف والتواصل والتسلية زي ما بيستخدمها الناس في اي حتة في العالم وتتحول لمكان يكشف تقصير أجهزة الدولة وتجاوزات الإعلام وفضايح المسؤولين وعوار المجتمع؟".
إذن فهل هو عصر قوة وسطوة الاعلام البديل ومواقع التواصل الاجتماعي على الإعلام التقليدي؟ هذا ما يحتاج إلى الوقت وتراكم المزيد من التجارب والخبرات للحكم والإجابة على هذا السؤال.