فيروس كورونا يهدد السياحة العالمية بالشلل
٩ مارس ٢٠٢٠فنادق خالية ورحلات ملغاة ومعالم سياحية مغلقة، فيروس كورونا يشل السياحة العالمية. ومنذ الآن يتوقع القطاع السياحي خسائر بمليارات اليورو، أوروبا في مواجهة أكبر أزمة، فمنذ انتشار الفيروس في ايطاليا بقيت وجهات سياحية محبوبة خالية في الغالب من البشر. وفي البندقية وميلانو تبقى المتاحف والمسارح والمعالم السياحية مغلقة وتم إلغاء الأنشطة الكبرى. وحتى في فرنسا ظل متحف اللوفر مغلقا ليومين متتاليين، لأن العاملين توقفوا عن العمل تخوفا من عدوى محتملة.
وفي المانيا يزداد القلق بعد إلغاء معرض السياحة الدولي في برلين بسبب تبعات الحجوزات الملغاة من شرق آسيا. والمكتب الألماني للسياحة ينطلق من حقيقة أن ليالي المبيت من الصين ستتراجع بين 17 و 25 في المائة. وبما أن السياح من الصين يساهمون في العائدات بنحو 8 مليارات يورو سنويا، فإن الخسارات ستطال هنا السياحة بشكل قوي.
"سنشعر بالتأكيد بهذه الانتكاسة"، يقول ماتياس شيمر، مدير أعمال تسويق مدينة هايدلبيرغ في حديث مع دويتشه فيله. فالمدينة تُعد أحد الأهداف المحبوبة لدى السياح الصينيين في المانيا. ويقول شيمر بأنه لا توجد إلى حد الآن أرقام، لكن المؤكد هو "أننا لن نقدر على تعويض هذه الخسارة".
البلدان الآسيوية أكثر تضررا
ويبقى الوضع في آسيا أكثر تأزما منه في أوروبا، لأن 90 بالمائة من نحو 150 مليون رحلة سياحية صينية إلى الخارج تتوجه إلى بلدان آسيوية. والسياح الصينيون تحولوا هناك إلى عامل اقتصادي حاسم. وبما أن غالبية شركات الطيران أوقفت رحلاتها إلى الصين فإن الضيوف أصحاب القوة الشرائية من الجمهورية الشعبية يبقوا بعيدين وجهاتهم السياحية.
وأعلنت جزيرة بالي الاندونيسية بأنه تم إلغاء 40.000 حجز في الفنادق، واليابان معنية أكثر، إذ أن الضيوف من الصين شكلوا في عام 2018 نحو ربع مجموع 32 مليون زائر أجنبي. والكثير من الآثار يتم الآن زيارتها فقط من طرف سياح من أوروبا وأمريكا الشمالية ـ بالرغم من أن عددهم تراجع بسبب فيروس كورونا.
وتظهر صورة مشابهة أيضا في تايلاند وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وكمبوديا وفيتنام. "بالنسبة إلى هذه البلدان هذه كارثة"، يقول بروفيسور السياحة ومدير معهد السياحة الصيني، فولفغانغ أرلت في حديث مع دويتشه فيله. الكثير من المحلات الصغيرة مثل متاجر التذكاريات والفنادق ووكالات الأسفار كانت مجبرة على الإغلاق. ويخشى قطاع السياحة في تايلاند في هذه السنة تراجعا بستة ملايين من الضيوف، 16 في المائة أقل من السنة قبلها.
الوضع في الصين
وحتى في الصين تراجعت السياحة في كثير من الأماكن. فبعض الآثار المحببة مثل قصر القيصر في بكين أو الحائط الصيني ظلت كليا أو جزئيا مغلقة وتم وقف حركة الطيران الداخلية في جزئها الأكبر. والمؤلم أكثر لقطاع السياحة الصيني هو توقيت انتشار فيروس كورونا، لأن الأسبوع حول عيد السنة الجديدة الصينية في 24 يناير/ كانون الثاني 2020 كان وقت السفر الرئيسي في الصين. وتلقت صناعة السياحة في هونغ كونغ ضربة موجعة، إذ تُعتبر منطقة الإدارة الخاصة تقليديا أفضل هدف سياحي للزوار ورجال الأعمال من الصين. لكن حتى الاحتجاجات التي استمرت شهورا في السنة الماضية أدت إلى نقص في عدد الزوار. وبعد انتشار فيروس كورونا ظلت القوة الاستيعابية للفنادق في هونغ كونغ مغطاة بـ 20 في المائة فقط. ومن يعيش في هونغ كونغ من السياحة فقط كان مجبرا في الشهور التسعة الماضية على تحمل خسارات في العائدات تتراوح بين 80 و 90 في المائة.
الحكومات تدعم قطاع السياحة
ولمواجهة الفتور الاقتصادي، أعلنت حكومة هونغ كونغ في 26 فبراير/ شباط 2020 إهداء جميع المواطنين 10.000 دولار هونغ كونغ. وتتخذ دول أخرى إجراءات لحماية صناعة السياحة من الانهيار، فقد أعلنت الصين وسنغافورة وتايلاند عن تسهيلات ضريبية ومساعدات مالية. كما تعتزم فيتنام وأستراليا تقديم تسهيلات في منح التأشيرات والقيام بحملات تسويق لجلب السياح من مناطق أخرى إلى البلاد. أما الحكومات في ماليزيا والفلبين فقد دعت إلى تشجيع السياحة داخل البلاد.
الصين تبقى محرك السياحة
فيروس كورونا يكشف أهمية الصين بالنسبة إلى السياحة العالمية 150 مليون صيني قاموا في عام 2018 بأسفار إلى الخارج وأنفقوا 277 مليار دولار. وتتفوق الصين بكثير على الولايات المتحدة والمانيا. والنمو الكبير لقطاع السياحة الصيني لن يتوقف بسبب فيروس كورونا. فحتى عام 2030 قد يرتفع عدد السفريات الصينية إلى الخارج إلى 400 مليون، وبذلك سيكون من بين كل خمسة سياح في الخارج واحد من الصين.
فليكس شلاغفاين/ م.أ.م