في هونغ كونغ.. اطبخ عشاءَك بالمرحاض داخل الشقة "التابوت"!
هل تتخيل نفسك تطهو طعاماً في المكان ذاته الذي يوجد به المرحاض ؟! إنها الحقيقة المؤسفة التي يعاني منها كثير من الأشخاص في هونغ كونغ. المصور بيني لام قام بتوثيق تلك اللحظات المريرة والتناقضات الصارخة في المدينة.
عشاء في المرحاض
فقط على بُعد سنتيمترات من المرحاض، تستقر بطة وبعض الخضروات الجاهزة للطبخ فوق لوح التقطيع. وفي الجهة المقابلة على بعد خطوة، تجد براعم الفاصوليا في وعاء مجهزة استعداداًَ للطهي أيضا، وبجانبها إناء طهي الأرز وإبريق الشاي والتوابل ومجموعة من الأغراض المختلفة الخاصة بالمطبخ. هذا هو حال العديد من الشقق في هونغ كونغ، إذ يمكن استخدام المرحاض والطبخ في آن واحد!
مطبخ وحمام في آن واحد
التقط المصور الكندي بيني لام صوراً لمنازل وحياة هذا المجتمع الخفي في هونغ كونغ لـ "Trapped"، وهي سلسلة من الصور الفوتوغرافية التي أنتجها بالاشتراك مع "SOCO " جمعية التنظيم المجتمعي، وهي منظمة غير ربحية تعمل على التخفيف من حدة الفقر والدعوة للحقوق المدنية في هونغ كونغ.
مساحة مقيّدة
مع وجود عدد سكان يبلغ حوالي 7.5 مليون نسمة، لم تتبق في الأغلب أراضٍ قابلة للبناء، كما ارتفعت أسعار الشقق والمساكن في هونغ كونغ وأصبحت الآن الأغلى سعراً في العالم. ولهذا السبب لا يجد بعض الأشخاص في هذه المدينة الكبرى خياراً آخر سوى السكن في مساحات صغيرة، حيث يضطرون للقيام بأعمالهم المنزلية وأنشطتهم اليومية في نفس المساحة الصغيرة (المرحاض).
ظروف معيشية صعبة
وفقاً لـ SoCO ، واستناداً إلى تقرير إدارة التعداد والإحصاء السكاني في هونغ كونغ ، يعيش 200.000 شخص في 88.000 شقة ذات مساحات صغيرة جداً. أغلب تلك الشقق كانت بالأساس شققاً كبيرة، لكن تم تقسيمها لمساحات ضيقة جداً وتأجيرها للباحثين عن مأوى. وعلى الرغم من ضيق المساحة الذي يسبب الاختناق بمجرد النظر إلى الصورة، إلا أن هؤلاء السكان يبدعون في تخزين محتويات شققهم الصغيرة ويمارسون أنشطتهم اليومية بشكل طبيعي.
أسعار الشقق تضاعفت!
وفقا للإحصاءات الحكومية ، تضاعف سعر الشقق في قلب هونغ كونغ بين عامي 2007 و 2012، إلى ما يقارب 108.546 دولارا محلياً ( أي 13.900 دولار أمريكياً/ 11200 يورو) لكل متر مربع. وبسبب الشعور بالاختناق يفضل بعض سكان تلك المساحات الضيقة البقاء طوال اليوم بعيداً عنها. ويقول كثيرون إن أصعب شيء في الحياة بداخل هذا المكان الضيق، هو عدم القدرة على التنفس في الهواء النقي.
شقة للفرد الواحد
هذا المستأجر يعيش حياته داخل هذه الشقة الضيقة ويتناول عشاءه أثناء مشاهدة التلفاز. هذا هو حال كثير من منخفضي الدخل، إذ يضطرون لتحمل تلك الظروف المعيشية الخانقة. لا يمكنهم الجلوس على كرسي ويضطرون للنوم على الأرض طوال الوقت، حيث تصبح الصراصير وحشرات الفراش "أصدقاءً" لهم.
منازل التابوت والقفص
قضى المصور لام عامين في توثيق الظروف المعيشية السيئة التي يعيشها سكان الحي القديم في هونغ كونغ، حيث تتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء دوماً. وتشير هذه الشقق، التي يشار إليها عادة بمنازل "القفص" أو "النعش"، إلى وجود تباين صارخ في المدينة. ففي الوقت الذي توجد فيه العديد من مراكز التسوق الفارهة والفنادق الفاخرة والأبراج الشاهقة، هناك أيضاً مساحات معيشة وشقق غير آدمية بشكل مثير للصدمة.
السكن العام بعيد المنال
قد تؤدي الحياة في مثل هذا المكان الضيق إلى إحباطات نفسية كثيرة لمن يعيشون بها. فمعظم المستأجرين يعيشون على هذا النحو لعدة سنوات. وقد يبلغ متوسط وقت الانتظار لإيجاد سكن مناسب للعائلات في برنامج الحكومة الخاص بالإسكان العام، ما يقارب خمس سنوات، ولكن بالنسبة للعديد ممن هم دون سن 65 عاماً ويعيشون دون شريك أو عائلة، فمن الشائع الانتظار لأكثر من عقد من الزمن حتى يجدوا سكناً مناسباً.
إهانة لكرامة الإنسان
اعتبرت الأمم المتحدة هذه الشقق بمثابة "التابوت" أو "القفص" بمثابة "إهانةٍ لكرامة الإنسان". وفي الوقت الذي تؤكد فيه حكومة هونغ كونغ أنه من المقرر بناء 280 ألف شقة جديدة بحلول عام 2027، ترى منظمة SOCO أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به حالياً لتحسين نوعية الحياة للأشخاص الذين يعيشون في هذه الظروف القاسية.