في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟ شمس العياري
فيما يتواصل الجدل بين واشنطن وموسكو وتبادل الاتهامات بينهما بالتعنت في المواقف، يتواصل القصف على حلب وتستمر معاناة المدنيين. جولة في صور تسلط الضوء على الواقع المر الذي يعيشه سكان حلب الجريحة.