في انتظار باسم يوسف .. مخاوف وآمال
٣ فبراير ٢٠١٤يبدأ برنامج "البرنامج" يوم الجمعة المقبل مرحلة جديدة تعكس العديد من التساؤلات الخاصة باللحظة الحالية في مصر وحول الأثر الباقي من ثورة الحرية في ظل تزايد المخاوف من عودة الدولة القوية والسلطة غير القابلة للنقد.
وكان مدير مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية بيتر ليمبورغ قد أعلن من مقرها في بون أنه من المقرر أن تبدأ قناة DW عربية قريبا ببث برنامج "البرنامج"، أحد أكثر البرامج مشاهدة في العالم العربي بعد بثه على قناة إم بي سي مصر مباشرة.
ولا يزال العديد يتذكر كيف بدأت مسيرة الطبيب باسم يوسف الإعلامية ب"عرض باسم يوسف +B" في مارس/ آذار 2011 عبر تحميل فيديوهات على موقع يوتيوب، ليتحول فيما بعد إلى مؤشر لمساحة حرية التعبير في مصر. وهو ما عبر عنه باسم يوسف نفسه عندما قال في حوار مع قناة "الحياة" المصرية: "إذا ما لم يتم يمنع بث برنامجي، تبقى الحرية زي الفل". أما عن مواقف بعض محبي برنامج "البرنامج" الساخر فقد تباينت بين السعادة بالعودة والتخوف من حدوث تغييرات في طريقة إعداده بشكل يحد من مساحة الحرية فيه.
"مخاوف من تبعات بث برنامج باسم يوسف في مصر"
من جانبه، يقول أحمد علي لـ DWعربية: "لا أعتقد أنه سيخاف، وكذلك لا أظن أنه سيتعمد انتقاد السلطة مثلاُ، لكنه سيختار موضوعاته حسب الظروف وتطورات الأمور. إعداد البرنامج سيتم بناءً على ما يجري من مناقشات وموضوعات داخل الساحة الإعلامية المصرية." ويضيف أحمد علي قائلا: "لم تكن الحلقة الممنوعة تتضمن انتقادا للسيسي مثلاً، ولكن باسم يوسف انتقد تعامل الإعلام مع قضية عزل مرسي وتركيز معظم القنوات على أشياء تافهة مثل ما الذي كان يأكله مرسي خلال فترة رئاسته، ليكشف أن الإعلام متهافت في طريقة تناوله للقضية وأن هناك موضوعات أهم يجب تناولها".
كما يرى أحمد أن وقف أو حظر بث البرنامج كان قرارا عجيباً "يتناقض مع مصلحة أي قناة، من حيث حسابات المكسب والخسارة، لكن من الواضح أن وجود انتقاد من هذه النوعية كان مخالفا لتوجه القناة، رغم أن النقد والسخرية كانت من الأمور المقبولة في فترة سابقة". ويوضح أحمد علي أن "مال الفلول لا يزال له تأثير كبير على الإعلام المصري، فهم يريدون أن يعيدوا مصالحهم الاقتصادية السابقة، وبالتالي كان انتقاد مرسي أمراً مفيداً بالنسبة لهم، لأنه لم يكن يتفق مع هذه المصالح. لكن الأمر اختلف الآن، فقد خرج الإخوان من الحكم وتجاوزنا هذه الفترة، فلماذا يستمر التركيز عليها؟" لكنه يعرب في الوقت نفسه عن اعتقاده بأن أسلوب برنامج "البرنامج" لن يتغير و"سينتقد ما يراه خاطئاً"، مضيفا بالقول: "سأشاهده، ولا يهمني نوعية القناة التي سيتحدث من خلالها إلى الجمهور."
وحول قرار منع بث برنامج "البرنامج" يقول أحد العاملين بالقناة (رفض ذكر اسمه) لـ DW عربية إن القناة اتخذت هذا القرار "دون أخذ تعليمات من أي كان". ويوضح أن صاحب القناة رفض النهج الذي تبناه "البرنامج" في حلقاته الجديدة وتحديداً من توظيف "السيسي" كأحد موضوعات البرنامج الساخر، مؤكدا أنه لا وجود لأسباب أخرى. كما يشير إلى أن القرار ربما يمثل خسارة مادية، لأن يوسف وبرنامجه كان يحقق نسب مشاهدة مرتفعة، لكن القناة كان لها حسابات أخرى!
"تخطي مرحلة التواجد على الإنترنت"
وكان قرار منع بث برنامج "البرنامج" فيتشرين الأول / أكتوبر الماضي قد تسبب في صدمة كبيرة بين العديد من متابعي "البرنامج". وكان حينها أهم مطلب لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية هو عودة باسم يوسف لإذاعة برنامجه إلى مكان الانطلاق الأول أي عبر موقع "يوتيوب".
وقد اعتبر أصحاب هذه المطالب أن بث برنامج البرنامج على شبكة الانترنت سيكون بعيدا عن حسابات المصالح أو الرقابة بمفهومها الواسع. وحول هذه النقطة يعلق محمد جمال بشير، مدير المحتوى الإلكتروني لمؤسسة "ولاد البلد" المعنية بالصحافة الإقليمية في مصر، لـ DWعربية قائلاً: "في البداية كنت أرى أن عودة باسم سوف لليوتيوب ستحرره من القيود التي تفرضها عليه القنوات التلفزيونية، لأنها ستظل تقدم عطايا وهبات للسلطة حتى لو كانت بشكل مجاني وتطوعي، لهذا كنت أظن أن الانترنت من الممكن أن تحقق له أمانا نسبيا وتخرجه من هذا الصراع وحالة المحاباة المفرطة للسلطة من قبل القائمين على إنتاج الإعلام في مصر".
لكنه يستطرد قائلا: "بعد التفكير في الأمر، وجدت أن باسم يوسف قد تخطى مرحلة التواجد على الإنترنت، وأصبح واحدا من رافعي سقف الحريات في مصر، بعدما أصبح برنامجه الترفيهي يلعب دورا كبيرا في رفع القيود المفروضة على نقد السلطة، ويدعو الناس للتفكير في مهنية الإعلام." أما عن توقعاته للحلقات الجديدة من البرنامج فيقول: "أعتقد أن تعامل باسم وفريق إعداده سيتسم بالحذر والهدوء في حالة المساس أو انتقاد السيسي أو ما يمثله السيسي، أي المؤسسة العسكرية المصرية، لكن أتوقع كذلك أن يسخر من محبي السيسي أو البرامج الإعلامية التي تتبنى خطاباً مؤيداً لترشحه للرئاسة مثلاً".