فوز ساحق لبوتين وسط مخاوف من تأجيج حرب باردة جديدة
١٩ مارس ٢٠١٨سيمدد فوز بوتين هيمنته السياسية على روسيا إلى نحو ربع قرن حتى عام 2024 وحينها سيكون في الحادية والسبعين من العمر ليصبح ثاني أطول زعماء الكرملين بقاء في الحكم بعد الديكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين. وتعهد بوتين بأن يعمل خلال فترته الرئاسية الجديدة على تعزيز دفاعات روسيا في مواجهة الغرب ورفع مستوى المعيشة.
وفي نتيجة متوقعة على نطاق واسع أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات بعد فرز 70 في المئة فقط من الأصوات فوز بوتين، الذي يهيمن على المشهد السياسي منذ 18 عاما، بنسبة 75.9 في المئة. وفي خطاب النصر الذي ألقاه قرب الميدان الأحمر قال بوتين لحشد متهلل إنه يعتبر الفوز تصويتا بالثقة على ما حققه من انجازات في ظروف صعبة.
وقال بوتين "من المهم جدا أن نحافظ على هذه الوحدة. سنفكر في مستقبل وطننا العظيم" وبعدها ردد الجماهير خلفه هتاف "روسيا!". وأبلغ اجتماعا لأنصاره بعد ذلك أنه يتوقع أوقات صعبة لكن روسيا لديها فرصة لتحقيق "انفراجة". ولم يكن هناك شك في فوز بوتين الذي حظي بتأييد تلفزيون الدولة والحزب الحاكم وحصل أقرب منافسيه مرشح الحزب الشيوعي بافل جرودينين على نحو 13 في المئة من الأصوات وفقا للنتائج الجزئية بينما حصل مرشح الحزب الديمقراطي الحر فلاديمير جيرينوفسكي على نحو ستة في المئة.
رمز عودة روسيا للساحة الدولية
وبعد اكثر من 18 عاما في الحكم، اصبح فلاديمير بوتين رمزا لعودة روسيا بقوة الى الساحة الدولية مقابل توتر غير مسبوق مع الغربيين وتراجع واضح في وضع حقوق الانسان في بلده. وصل هذا الضابط السابق في جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) الى الرئاسة في العام 2000 في بلد لا سلطة مستقرة فيه واقتصاده منهار. ويرى فيه كثيرون رجل الاستقرار والرخاء الجديد بفضل العائدات النفطية الوفيرة، بينما ينتقده معارضوه مشيرين الى تراجع واضح في حقوق الانسان والحريات.
على الساحة الدولية، عمل الرجل الذي وصف تفكك الاتحاد السوفياتي بأنه "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين"، على اعادة نفوذ روسيا في العالم بعدما تدهور مع سقوط الاتحاد السوفياتي وسنوات الفوضى في عهد بوريس يلتسين.
ولتحقيق ذلك، يتبع الرئيس الذي يمارس رياضة الجودو، اسلوبا يعتمد على كفاح دؤوب وثابت بحثا عن مؤشرات ضعف لدى خصمه، كما قال بنفسه في 2013 ردا على مواطن روسي طلب منه بذل كل ما بوسعه من أجل "اللحاق" بالولايات المتحدة و"تخطيها"، في شعار قديم من الحقبة السوفياتية.
هذا الاسلوب طبقه بنجاح في سوريا حيث ادى التدخل العسكري الروسي منذ 2015 لدعم نظام دمشق الى تغيير مسار الحرب وسمح للرئيس بشار الاسد بالبقاء في السلطة، مثيرا غضب الغربيين الذين تخطتهم الأحداث الى حد ما.
وفي السنة السابقة، قدم بوتين نفسه على أنه الزعيم الذي سيرمم "روسيا العظمى" بضمه شبه جزيرة القرم الأوكرانية بعد تدخل القوات الروسية. وقد نظم فيها استفتاء نددت به الأسرة الدولية وكييف، معتبرة أنه غير شرعي.
أجواء الحرب الباردة مع الغرب
هذه العملية عززت نفوذه ومكانته في الداخل، لكنها أثارت أسوأ أزمة منذ نهاية الحرب الباردة بين روسيا والغرب الذي يتهم موسكو أيضا بتقديم دعم عسكري لحركة التمرد الانفصالي في شرق أوكرانيا، وهو ما ينفيه الكرملين.
والى جانب التوتر المرتبط بسوريا واوكرانيا، اضيفت منذ انتخاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب اتهامات بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الاميركية، ومؤخرا جاءت ازمة غير مسبوقة مع لندن بعد تسميم عميل مزدوج روسي سابق وابنته في انكلترا.
وسعى الرئيس الروسي المولع بالرياضة، لفرض بلاده التي تستضيف هذه السنة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، كقوة رياضية. وكانت روسيا نظمت في 2014 دورة الألعاب الأولمبية الأكثر كلفة في التاريخ في منتجع سوتشي الساحلي. غير أن أحلام الكرملين في هذا المجال تصطدم باتهامات موجهة إليه بالاستخدام الممنهج للمنشطات منذ صدور تقرير ماكلارن بهذا الصدد عام 2016.
ح.ز/ م.س (أ.ف.ب / رويترز)