1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فضيحة مردوخ هل تلطِخ "النموذج" الإعلامي الغربي؟

٢٢ يوليو ٢٠١١

يرى منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، ان تداعيات فضيحة مردوخ لا نظير لها في إعلام عربي تسيطرعليه الحكومات بشكل مطلق. لكن إلى أي حد يشكل الاعلام الغربي نموذجا للحرية والاستقلالية؟

https://p.dw.com/p/1222n
صورة من: picture alliance / dpa



يرى محمد عبد الدايم منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، أن نموذج حرية واستقلالية الإعلام بالنسبة للعالم العربي ليس ضرورة هو الإعلام الغربي بل الإعلام الحر أينما وجد.

وفي حوار مع دويتشه فيله، قال عبد الدايم، إن تداعيات فضيحة مجموعة روبرت مردوخ الإعلامية لا تنتقص من حرية الإعلام واستقلاليته في بريطانيا، وإن إعلاما حرا تثار فيه مثل هذه الفضائح أفضل من اعلام تفتقد فيه الحرية والاستقلالية مثلما هو الحال سائد في الدول العربية، مشيرا في هذا الصدد إلى تحسن نسبي في مصر وتونس بعد ثورتيهما.

وفيما يلي نص الحوار مع محمد عبد الدائم:

دويشته فيله: إلى أي حد تؤثر تداعيات فضيحة التنصت في مجموعة مردوخ الإعلامية في بريطانيا، سلبيا على صورة الإعلام الغربي كنموذج للاستقلالية والحرية في العالم العربي؟

محمد عبد الدايم: حتى في حال وجود فضيحة مع مجموعة نيوز كورب أو غيرها من شركات مردوخ الإعلامية، فهي حالة واحدة لمجموعة شركات وليس الإعلام البريطاني أو الغربي كله. لكنني أود التنويه بأن النموذج ليس هو الإعلام الغربي وإنما الإعلام الحر. حيث يمكننا القول بأن هنالك إعلاما حرا في اليابان مثلا أو في استراليا أو أي مكان آخر لا يوجد فيه نفوذ لمردوخ.

فالنموذج الحقيقي هو الإعلام الحر الذي يتمكن من رصد الحقائق ومتابعة الفساد وإهدار المال العام. ووجود مثل هذه المشاكل، لا يعني أن الاعلام في بريطانيا ليس حرا. بل ان الصحافة هي من كشف الفضيحة.

لكن صحافيا دفع حياته مقابل ذلك؟

BdT Deutschland Trauermarsch am Internationalen Tag der Pressefreiheit
جنازة رمزية أقيمت هذا الأسبوع للصحافي في برلين تخليدا لروح الصحافي الذي وجد ميتا في شقته في لندنصورة من: AP

بالفعل، وهنالك احتمال كبير بأن هذا الصحافي أغتيل، وأنا ليس لدي معلومات بشها الشأن، لكنني متأكد من ان هنالك قضاءا عادلا وسيقوم بدوره للتحقيق في الأمر وسيشكف من ارتكب الجريمة ويحاسبه. ولكن المفارقة، عندما نرى دولة مثل العراق حيث قتل فيها حوالي مائتي صحافي منذ الغزو الأميركي سنة 2003، دون أن تقوم الحكومة العراقية بالتحقيق في قضية اغتيال صحافي واحد من المائتين.

رغم ان اغتيال صحافي واحد أمر مأساوي، ولكن المشكلة ليس فقط في اغتياله وانما في عدم التحقيق في اغتياله، لأن في ذلك (عدم التحقيق) يعطي رخصة لعملية اغتيال أخرى. لأن الافلات من العقاب هو نوع من دعم الجريمة.

وهل ترصدون مظاهر نفوذ وفساد داخل مؤسسات الإعلام الخاصة في العالم العربي، من شانها أن تشكل خطرا على استقلالية الصحافة وحريتها؟

الفساد يطال كل قطاع خاص سواء كان إعلاما أو بترولا أو غيره، وسواء كان في العالم العربي أو خارجه. عندما يخصص قطاع الإعلام يحدث ارتفاع بسيط في مظاهر الفساد والاحتكار، ولكن هذا الأمر يعتبر ثمنا ضئيلا يدفع في سبيل حرية الصحافة، واذا سألت صحافيا عربيا هل تفضل أن ترى فضيحة مرة في كل خمسين عاما في الاعلام العربي على غرار فضيحة مردوخ، مقابل أن تكون لك صحافة حرة ومستقلة، أم تفضل أن يكون هنالك تحكُّم حكومي في كل ما هبّ ودبّ، فسيختار الأولى.

يمكنني أن أفهم أن ما حدث (مع قضية مجموعة مردوخ الإعلامية) مؤسف ولكنه شيء قليل مقارنة بالمتاعب والتهديدات والقتل الذي يعاني منه الصحافيون يوميا في العالم العربي منذ عقود من الزمن. ما هي القواعد والاجراءات التي يتعين اعتمادها لحماية الصحافة من مخاطر النفوذ والفساد، في البلدان العربية التي تشهد انتقال ديمقراطي مثل تونس ومصر والمغرب؟

لأن مصر وتونس وغيرها من الدول العربية، شهدت أوضاع الصحافة فيها ترديا لعقود من الزمن، ولذلك فإن المجالات التي تتطلب الاصلاح والتحسين عديدة. فمثلا لا يوجد قانون لحرية الحصول على المعلومات لا في مصر ولا تونس ولا أي دولة عربية. واذا كان هنالك ارادة سياسية بين الصحافيين والسَّاسة، فإن اصدار قانون لحرية الحصول على المعلومات وتبادلها، فسيكون أمرا مفيدا. ولكن ينبغي التنويه إلى أن المشكلة تكمن أيضا في بعض القوانين الموجودة والتي يتعين تعديلها أو إلغاؤها أو على الأقل إلغاء بعض المواد من هذه القوانين.

ما هي تحديدا تلك البنود التي تشكل التهديد الأكبر لحرية واستقلالية الصحافة العالم العربي؟

هنالك بنود قمعية في قوانين الصحافة أو في بعض البنود في القوانين الأخرى وخصوصا القانون الجنائي، وتتعلق بحرية الرأي والتعبير. فمثلا السب والقذف يعتبر جرما جنائيا في جميع الدول العربية، والمتهم في قضية سب أوقذف يحاكم محاكمة جنائية والمدان في هذه القضايا في العالم العربي يتعرض للسجن، بينما يفترض أن تكون القضية مدنية وليس جنائية، وفق ما هو معمول به في الدول الديمقراطية، حيث يكتفي القانون بالنص على عقوبات مدنية(غرامات) لمن تثبت عليه تهمة القذف والسب. لأنه من الطبيعي أن لا يُسجن الصحافي حتى وان ارتكب هذه الجريمة التي يتعين أن لا يتجاوز العقاب عليها تعويضا ماديا أو معنويا للشخص أو الجهة المتضررة.

أما تطبيق قاعدة سجن الصحافي بسبب ما كتبه، فهو أسلوب يُصد من ورائه تخويف الصحافي وترويعه والتحكم في الصحافة. وهو أمر يتعين تغييره وإلغاؤه من القوانين في الدول العربية عاجلا أم آجلا، واستبداله بقاعدة الجرم المدني.

NO FLASH London Anhörung Murdoch
روبرت مردوخ قطب الاعلامي العالمي، وابنه جيمس أمام لجنة برلمانية في لندنصورة من: picture-alliance/empics

عندما تطرح تتعرض أخلاقيات مهنة الصحافة في دولة عربية للخرق كيف السبيل لإعادة الأمور إلى نصابها وما هو الأفضل برأيكم، الاحتكام إلى هيئة أو مجلس يشكله الصحافيون أنفسهم، أم اللجوء للقضاء الذي يفتقر بدوره للاستقلالية عن السلطة التنفيذية؟

يمكن أن يحل قسم كبير من المشاكل التي تطرح في هذا المجال، بين الصحافيين أنفسهم، فلو أخذنا مثلا دول اسكندنافية مثل فنلندا والنرويج، فسنجد أن أكثر من 90 في المائة من القضايا المطروحة سواء بين الصحافيين فيما بينهم أو بين الصحافيين وجهات أخرى من المجتمع، يتم حلها اعتمادا على طرق ودية وبالتشاور بين الصحافي والجهة المتضررة، بينما يلجأ أقل من 10 في المائة من المشتكين إلى القضاء أو إلى جهات حكومية للبت في قضاياهم.

وهي تجربة يمكن للمرء في العالم العربي أن يتعلم منها ويستنتج بأن الكثير من هذه المشاكل يمكن حلها اعتمادا على الحوار والتفاهم، وليس من داع لإحالة كل القضايا على القضاء وليس من داع لتزدحم المحاكم بهذا الصنف من القضايا التي يمكن حلها اعتمادا على حلول توافقية بين طرفي النزاع.

تشكل وزارات الإعلام في الدول العربية قيدا كبيرا على حرية الإعلام، ويُطرح الموضوع بحدة في مصر مثلا، فكيف يمكن أن يكون هنالك أداء إعلامي منظم في ظل قواعد تؤمن حريته واستقلاليته دون خضوعه لتحكّم ورقابة سلطة تنفيذية (وزارة اعلام)؟

بالطبع فإن وزارات الإعلام ليست فقط رمزا للسيطرة بل انها الجهاز الأساسي الذي يُستخدم للقمع بعد أجهزة المخابرات وأمن الدولة. وقد رأينا في مصر بعد الثورة أن وزارة الإعلام أُلغيت من طرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الوزراء المؤقت. ولكن لاحظنا كيف عادت وزارة الإعلام بعد بضعة أشهر إلى تشكيلة الحكومة. واعتقد ان الخطوة الأولى تقتضي إلغاء وزارة الإعلام في أي دولة جادة في تحرير مجال الصحافة، لأنه لا يوجد أي سبب لإحداث وزارة اعلام. وبالنسبة لبعض المسائل الإدارية المتعلقة بمجال الاعلام، التي يتعين أن تُقنن ، فيتم الاكتفاء بلجنة تتولى مثلا ترتيب موجات البث الاذاعي أو حسم الخلافات مثلا حول توزيع حصص الطباعة والورق..وهي في نهاية المطاف مسائل ادارية ويتعين أن يكون حلها اداريا وليس قمعيا.

ولكن ما نراه، سواء في مصر أو غيرها من الدول العربية، أن وزارة الاعلام تستخدم كأداة لقمع الصحافي والتضييق على حرية الصحافة، ومجرد وجود وزارة اعلام يحمل إشارة للمؤسسة الصحافية بأنها تحت المراقبة وأنها عُرضة للقمع وإن لم يكن اليوم فسيكون غدا.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد