جولة انتخابية تشريعية ثانية وماكرون يكافح للاحتفاظ بالأغلبية
١٩ يونيو ٢٠٢٢فتحت مراكز الاقتراع، صباح اليوم الأحد (19 يونيو/ حزيران)، أبوابها لاستقبال الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية. وبدأ التصويت الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي ومن المتوقع ظهور المؤشرات الأولية في الساعة 8 مساء، لنتائج الانتخابات التي قد تغير وجه السياسة الفرنسية.
ودعي نحو 48 مليون ناخب إلى التصويت في خضم موجة حر تضرب فرنسا، لكن الامتناع كما في الدورة الأولى، يتوقع أن يكون كثيفا على ما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي. وكان أكثر من 50 % من الناخبين قاطعوا الانتخابات في الدورة الأولى في 12 حزيران/يونيو.
ويتوقع منظمو استطلاعات الرأي أن يحصد معسكر ماكرون أكبر عدد من المقاعد، لكنهم يقولون إنه ليس من المؤكد بأي حال من الأحوال الوصول إلى العدد المطلوب لتحقيق أغلبية مطلقة وهو 289 مقعدا.
وتشير استطلاعات الرأي أيضا إلى أن اليمين المتطرف سيسجل على الأرجح أكبر نجاح برلماني منذ عقود، في حين قد يصبح تحالف موسع من اليسار والخضر أكبر جماعة معارضة وقد يجد المحافظون أنفسهم أصحاب نفوذ كبير فيما يتعلق باختيار المرشحين للمناصب العليا.
وأظهرت نتائج آخر استطلاعات الرأي الجمعة أن الائتلاف الوسطي "معا!" بقيادة الرئيس الفرنسي سيفوز من دون أن يكون مؤكدا حصوله على الغالبية المطلقة أي 289 نائبا من أصل 577 في الجمعية الوطنية وهو عتبة لا بد منها لانجاز سياسته والاصلاحات المعلنة.
وفي حال حصوله على غالبية نسبية، سيضطر إلى البحث عن دعم ضمن كتل سياسية أخرى لتمرير مشاريع القوانين التي يقترحها.
وإذا فشل معسكر ماكرون في تحقيق الأغلبية المطلقة، فسيؤدي ذلك إلى فترة من عدم اليقين يمكن حلها بقدر من تقاسم السلطة بين أحزاب لم يُسمع عنها في فرنسا على مدار العقود الماضية - أو قد يؤدي إلى شلل مطول وتكرار للانتخابات البرلمانية.
وفاز ماكرون بولاية ثانية في أبريل نيسان. ويريد ماكرون رفع سن التقاعد ومواصلة أجندته المؤيدة للأعمال التجارية وتعزيز الاندماج في الاتحاد الأوروبي.
وجرت العادة أنه بعد انتخاب الرئيس، يستخدم الناخبون الفرنسيون الانتخابات التشريعيةالتي تلي ذلك بأسابيع قليلة لمنح الرئيس أغلبية برلمانية مريحة، وكان الرئيس الراحل فرانسوا ميتران هو الاستثناء النادر لهذا الأمر في عام 1988.
يشار إلى أنه في الدورة الأولى حلت الغالبية الحالية في المرتبة الأولى مع حصولها على 26 % من الأصوات مسجلة نتيجة متقاربة جدا مع تحالف اليسار (نوبس) بقيادة جان لو ميلانشون.
ونجح هذا الأخير في رهانه جمع شمل الاشتراكيين والمدافعين عن البيئة والشيوعيين وحركته "فرنسا الأبية" التي تنتمي إلى اليسار الراديكالي.
وفي المرحلة الأخيرة قبل الاقتراع، سعى ماكرون الذي زار كييف للمرة الأولى الخميس إلى التشديد على أهمية الرهان بقوله إن النزاع في أوكرانيا يؤثر على حياة الفرنسيين اليومية مشددا على "الحاجة إلى فرنسا أوروبية فعلا يمكنها الحديث بصوت واضح".
وتحدث عن التهديد الذي يشكله "المتطرفون" الذين إن فازوا في الانتخابات، سيزرعون "الفوضى" في فرنسا متهما إياهم أيضا بالعزم على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
ويتمثل الرهان بالنسبة لليسار الموحد الصفوف للمرة الأولى منذ عقود، بفرض حكومة تعايش على الرئيس الفرنسي إلا ان مخزون الأصوات الذي يحظى بها أقل مما يملكه الائتلاف الرئاسي.
وفي حين لا يأمل اليسار بتحقيق الغالبية، إلا أنه ضمن من الآن بشكل شبه مؤكد أن يكون كتلة المعارضة الرئيسية في الجمعية وهو دور كان يتولاه اليمين.
أما الرهان الثاني في انتخابات الأحد وقد يكون العبرة الرئيسية لهذه السلسلة الانتحابية الطويلة، فهو بروز اليمين المتطرف بقوة أكبر بقيادة مارين لوبن التي بلغت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
ويأمل حزبها "التجمع الوطني" الحصول على 15 نائبا لتشكيل كتلة في الجمعية الوطنية. وفي حال تحقق ذلك ستكون المرة الثانية فقط التي يتمكن فيها الحزب من تشكيل كتلة في تاريخه نظرا إلى أن الاقتراع بالغالبة بدورتين لا يصب بمصلحته.
والتجمع الوطني هو الحزب الوحيد الذي حقق مكاسب بشكل فردي على صعيد الأصوات منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2017.
أما اليمين التقليدي فيعول على الحصول على ستين نائبا تقريبا. وللمفارقة قد يؤمن له ذلك تولي دور الحكم في الجمعية الوطنية المقبلة.
ويضع وزراء عدة من بينهم كليمان بون (الشؤون الأوروبية) وأميلي مونشالان (التحول البيئي) مستقبلهم السياسي على المحك في معارك محتدمة في منطقة باريس.
ع.أ.ج/ م س (أ ف ب، رويترز، د ب أ)