فرحة العرب في الموصل وغزة
٢٤ يوليو ٢٠١٤فرحة العرب الأولى في نكسة الموصل كانت عارمة، وقد تجلت بوضوح في وسائل الإعلام العربية وخصوصا الخليجية والأردنية التي تسابقت في إطلاق تسميات (الانتفاضة وثورة العشائر والثوار) على عناصر تنظيم داعش والقول بان ما يجري في الموصل هو نتيجة حتمية للحراك الشعبي الذي بدأ في الانبار والموصل وصلاح الدين في عام 2013 في رفض سياسات التهميش والإقصاء التي يتعرض لها السنة في العراق على ايدي الشيعة.
وأخذت فرحة العرب في نكسة الموصل بعدا سياسيا خطيرا حين أصدرت الحكومة السعودية بيانا انتقدت فيه الحكومة العراقية وكررت الاتهامات نفسها التي تروج لها وسائل الإعلام دون الإشارة لا من قريب ولا من بعيد الى تنظيم داعش المصنف عالميا على قائمة المنظمات الإرهابية.
وكعادتها القديمة – الجديدة، عقدت الجامعة العربية اجتماعا لوزراء الخارجية العرب، وأصدرت بيانا خلا من أي موقف جاد في مساندة العراق، وهو الدولة العربية المؤسس للجامعة، مع أني كنت اخشي أن يصوت وزراء الخارجية العرب على مشروع قرار يقضي بتسليم مقعد العراق الى (دولة الخلافة) كما صوتوا قبل عامين بتسليم مقعد سوريا الى المعارضة السورية التي تعد داعش وجبهة النصرة عمودها الفقري.
انطلقت فرحة العرب إعلاميا وسياسيا بسقوط ثاني اكبر مدينة عراقية من خلفية (الحرب الطائفية) التي تدور رحاها في المنطقة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، بهدف رسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة على أسس مذهبية وقومية ودينية.
الفرحة الثانية بالمذبحة
أما فرحة العرب الكبيرة الثانية فكانت في قطاع غزة، وهي الفرحة التي تأتي في إطار (صراع المحاور) في المنطقة، وبالطبع، فالسعودية وبقية الدول الخليجية باستثناء سلطنة عمان وقطر كانت قد وضعت جماعة الأخوان المسلمين في قائمة المنظمات الإرهابية، ولكون حماس هي حركة اخوانية في عمقها وتوجهاتها، فان تدميرها على يد الجيش الإسرائيلي سيكون عملا يستحق الشكر والعرفان.
مصر التي دخلت في مواجهة مفتوحة مع الأخوان المسلمين منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، لم تبادر وعلى خلاف ما جرت عليه العادة في الحروب السابقة بين إسرائيل وحماس الى فتح معبر رفح الحدودي، كما رفضت إيصال مساعدات إنسانية الى غزة من بعض الدول العربية، والأكثر من ذلك، فان المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار التي وافقت عليها اسرائيل، لم تأخذ بعين الاعتبار المطالب الفلسطينية وهو ما دفع فصائل المقاومة الفلسطينية الى رفض المبادرة المصرية.
وعلى ذكر الجامعة العربية، فقد نشطت بشكل لافت للانتباه، وتحركت بالتنسيق مع تل أبيب وواشنطن والقاهرة لممارسة مزيد من الضغط السياسي على الفصائل الفلسطينية للقبول بوقف إطلاق النار بما ينسجم مع المصالح الإسرائيلية، ونبيل العربي الذي كان يلقي خطابات حماسية ويقوم بجولاته مكوكية في العواصم العالمية لإسقاط النظام السوري، لا يرف له جفن ولا تهتز له رقبة على ما يجري في الموصل وغزة.
أما بالنسبة لتركيا التي كانت تقوم بدور فاعل في الحروب السابقة التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، فقد اختفى صوت رجب طيب اردوغان هذه المرة، واكتفى بتوجيه انتقادات الى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إشارة واضحة إلى أن اردوغان يتحرك في إطار صراع المحاور وانه يريد استغلال دماء الفلسطينيين في معركته مع مصر منذ سقوط محمد مرسي، كما أن اردوغان لم يتخذ اي موقف ضد حكومة نتنياهو خوفا من إغضاب الولايات المتحدة التي ترى ان الحرب في غزة ستكلف إسرائيل كثيرا.