فجوة في الذاكرة التاريخية للسينما الألمانية
١٨ فبراير ٢٠٠٨على خلاف ما هو متبع بالنسبة للمنتجات الثقافية المختلفة مثل الكتب والموسيقى وغيرها فإن قانون الأرشفة والتوثيق الألماني لم يكن ينص حتى وقت قريب على ضرورة إيداع نسخة من المواد الفيلمية التي تنتج في البلاد في الأرشيف الوطني. هذا الأمر تسبب في ضياع أفلام مهمة كانت قد اُنتجت في فترات زمنية مختلفة من تاريخ ألمانيا. بعض هذه الأفلام حظي بشهرة عالمية وحقق نجاحا كبيرا. فمثلا لا يزال المشاهدون يتذكرون موسيقى فيلم "تيودور في مرمى كرة القدم" الذي اُنتج في الخمسينات من القرن الماضي ، برغم نسيانهم تقريبا لهذا الفيلم.
وهذا الفيلم ليس الوحيد الذي اختفى من الذاكرة بل إن حوالي ثلثي الأفلام الصامتة التي كانت ألمانيا من الدول السباقة إلى إنتاجها مفقودة، حسب تقديرات مدير أرشيف الفيلم الألماني في برلين كارل جريب. وعلى سبيل المثال يقل عدد الأفلام المُؤرشفة التي انتجت في ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى وقت تحقيق الوحدة بين شطري البلاد عن تلك التي أنتجت أثناء الحقبة النازية، كما يقول جريب.
فجوة في تاريخ الفيلم الألماني
ورغم أنه يوجد اليوم في أرشيف الأفلام الألماني حوالي 150 ألف فيلم، إلا أن هذا العدد لا يشكل سوى النزر اليسير من إجمالي الانتاج الالماني الغزير. فهناك الكثير من الافلام التي مازالت مبعثرة هنا وهناك أو لا يعرف مصيرها، كما أن بعض الأفلام تظهر من فترة لأخرى في الخارج والبعض الآخر، وهو الجزء الاكبر، لا يعرف عنه شيئا.
شهدت فترة العشرينات من القرن الماضي بداية ازدهار صناعة الفليم الألماني إلا أن الكثير من افلام تلك الحقبة اختفت. هناك مثلا الفيلم الصامت "مغامرات ورقة العشرة مارك" من سنة 1926 وأفلام بيرنهارد فيكي، كلها لم يعثر على اثر لها. وهناك أفلاما أخرى ضاعت الأصول بينما بقيت فقط صور لنسخ تم تجميع مشاهدها من مختلف المصادر. من هذه الأفلام مثلا أفلام المخرج الكبير فريتز لانج مثل "ميتروبوليس".
السياسية الألمانية كلوديا روث من حزب الخضر و عضوة لجنة الثقافة عبرت عن أهمية أرشفة الفيلم الألماني قائلة إن "الأفلام تشكل أرشيف للذاكرة"، معربة عن أسفها لضياع الكثير من الأعمال المهمة، مثل الأفلام الصامتة للمخرج فرديدريش فيلهيلم مورناو. وأضافت في هذا السياق قائلة إن "جزأ كبيرا من ارثنا الثقافي ذهب سدى".
إعادة النظر في قواعد الأرشفة والحفظ
قبل فترة قصيرة وضع حزب الخضر الألماني موضوع أرشفة الأفلام على أجندة لجنة الثقافة فيه، مطالبا بقواعد جديدة لتنظيم عملية الأرشفة باعتبارها ضرورة ملحة. فبالرغم من وجود قانون منذ أربع سنوات يحتم أرشفة الافلام، فإنه يطبق فقط على الأعمال التي أُنتجت بمساعدة من الدولة أو التي حصلت على دعم من السلطات الاتحادية ولا يطبق على الافلام التي حصلت على دعم من حكومات الولايات والبلديات، وهو ما يعتبره جريب "تقنين غبي".
وفي هذا السياق أعلن وزير الثقافة الألماني بيرند ناومان مؤخرا عزم وزارته إعادة النظر في القواعد المعمول بها والمتعلقة بأرشفة المواد الفيلمية، لكنه لم يشكف عن طبيعة القواعد الجديدة التي يرغب في اقتراحها.