غيرد مولر: الأسطورة التي لا تنسى وإن غلبه النسيان
٧ أكتوبر ٢٠١٥أصيبت الأوساط الكروية الألمانية بصدمة كبيرة، بعد أن أعلنت وسائل الإعلام الألمانية عن إصابة أسطورة الكرة الألمانية غيرد مولر (69 عاما) بمرض الزهايمر. وكان النادي البافاري أعلن عن إصابة مولر بهذا المرض العضال عبر مؤتمر صحفي عقده أمس الثلاثاء (06 أكتوبر/تشرين الأول)، وأكد النادي البافاري أن الأسطورة مولر يخضع لرعاية خاصة، في دار لرعاية المسنين بعيدا عن عائلته منذ شهر (فبراير/شباط) الماضي.
لم يكن خبر إصابة مولر بالزهايمر جديدا بالنسبة لإدارة النادي البافاري، بل وحتى إنها تعرف أن مولر في مرحلة متقدمة من المرض، إذ أصبح كثير النسيان ولا يتذكر الكثير من أمور حياته. وهو تماما ما تحدث عنه هيرمان غيرلاند مساعد مدرب نادي بايرن ميونخ وصديق مولر المقرب، بعد زياته الأخيرة له في دار الرعاية حيث قال "عندما زرت مولر مؤخرا، تذكرني وعندما أبلغته تحيات خاصة من لاعبيه السابقين مثل توماس مولر وديفيد ألابا وباستيان شفاينشتايغر أجهش مولر بالبكاء".
فرانتس روت لاعب بايرن موينخ سابقا وصديق غيرد مولر، هو الآخر زاره قبل أسبوعين وعلق على زيارته لموقع "بيلد" الألماني بالقول"تذكرني وتذكر اسمي لكنه لم يتحدث كثيرا".
محبوب الكرة الألمانية ليس وحيدا في محنته
رغم الأزمة الصحية التي يمر بها غيرد مولر، لكن محبوب الكرة الألمانية ليس وحيدا في محنته. فإلى جانب المساندة التي يتلقاها من قبل زوجته، يحظى مولر بدعم كبير من أعضاء أسرته الثانية "نادي بايرن ميونيخ"، وهو ما أكده أيضا البروفوسور هانس فورستل المسؤول عن علاج مولر لموقع "بيلد" الألماني مضيفا بالقول "رغم أن تطور المرض لديه غير معروف تماما، إلا أن التعاطف والاحترام الكبيرين من قبل أسرته وبايرن ميونخ وعشاقه ووسائل الإعلام، مهم جدا، فكل إنسان يصاب بهذا المرض يحتاج في البداية إلى مثل هذه البيئة ليشعر بالراحة والطمأنينة".
وهذه ليست المحنة الأولى التي تساند فيها أسرة بايرن ميونيخ ابنها مولر، ففي عام 1991 وقفت بجانبه وساعدته في التغلب على محنته عندما كان مدمنا للكحول، وكان لزملائه السابقين كارل هاينس رومينغه وأولي هونيس وفرانز بيكنباور دورا كبيرا في إقناعه بالتخلي عن الكحول. وبعد ذلك أسندت إليه إدارة النادي تدريب فريق الهواة في بايرن ميونيخ.
غيرد مولر صنع نجوما عالمية
ومن بين هؤلاء الهواة الذين دربهم مولر لاعبين أصبحوا نجوما عالمية في عالم كرة القدم من بينهم فيليب لام وباستيان شفاينشتايغر وهولغر بادشتوبر وديفيد ألابا وتوماس مولر، الذي لن ينسى ما قدمه له الأسطورة مولر له عندما كان لاعبا في فريق الهواة. ففي إحدى تصريحاته لموقع "بيلد" الألماني أكد توماس مولر أن التشابه في أسماء العائلة دفعه لعشق كرة القدم وأضاف مولر بالقول "غيرد هو مثلي الأعلى وعندما كنت لاعبا في فريق الهواة، تعرفت عليه جيدا، وكنت معجبا به كثيرا، ومنذ البداية قدم لي نصائح مهمة تتعلق بأسلوب لعب المهاجم في منطقة الجزاء، و أنا ممتن لما قدمه لي".
لم يكن تميز غيرد مولر في عالم الكرة هو السبب الوحيد ليكون مثال توماس مولر الأعلى، بل لطباعه الحميدة، وهو أكده لموقع بيلد عندما قال "هو أعظم رجل قابلته في حياتي، فرغم إنجازاته التاريخية في عالم كرة القدم الألمانية، إلا أنه متواضع وطيب القلب جدا".
تعددت المقارنات والمقارن به واحد
لم تعرف كرة القدم الألمانية هدافا أفضل من غيرد مولر، فهو أكثر من سجل أهدافا في تاريخ كرة القدم، فمولر سجل بمعدل 1.1 هدف في كل مباراة. ما جعلها المثال الذي تقارن به كل إنجازات الهدافين في العالم . منذ أن كان في الـ17 من عمره حطم رقما قياسيا في عدد أهدافه مع فريقه "تي إس في نوردلينغ" ، إذ تمكن وفي موسم واحد من تسديد 180 هدفا من أصل 204 هدف لفريقه.
في عام 1964 انتقل إلى نادي بايرن ميونيخ، آنذاك لم يكن النادي في أحسن حالاته، وفي أول موسم له مع البايرن تمكن غيرد مولر من تسديد 33 هدفا في 26 مباراة، وشهد بايرن ميونيخ تطورا كبير بوجود الأسطورة مولر وبعض الأساطير اللامعة مثل القيصر بيكنباور والحارس سيب ماير. وأصبح واحدا من أفضل الأندية الأوروبية في السبعينات، آنذاك حقق مولر مع البايرن جميع الألقاب الممكنة، دوري أبطال اوروبا للأندية ثلاث مرات متتالية وكأس العالم للأندية وكأس السوبر الأوروبية وكأس كؤوس أوروبا.
علامة فارقة لن تنسى وإن غلب على مولر النسيان
ومع المنتخب الألماني أيضا تمكن غيرد مولر من تحطيم أرقاما قياسية، ففي عام 1970 نال لقب هداف بطل العالم، إذ سجل 10 أهداف خلال ست مباريات، وفاز مع المنتخب الألماني ببطولة الأمم الأوروبية عام 1972، وسجل هدف بطولة كأس العالم لمنتخبه عام 1974.
يتميز مولر بإمكانيات فريدة من نوعها، تجعله مختلفا عن أي رأس حربة آخر ، فعلى الرغم من قصر قامته الا انه عُرف بارتقائه الرهيب وقدرته على التسديد من كافة الزوايا، فضلا عن أنه يتسم بمرونة عالية وقدرته على التمويه الجسدي والتلاعب بالمدافعين داخل مناطق الجزاء.
بالتأكيد أن غيرد مولر هو علامة مميزة في عالم الكرة، وانجازاته ستبقى خالدة في تاريخ الكرة الألمانية، حتى وإن غلب على مولر النسيان لكنه لن يُنسى!