غونتر غراس.. الأديب السياسي وضمير الشعب النابض
٢٢ نوفمبر ٢٠٢٠ولد الأديب الألماني غونتر غراس في 16 أكتوبر/ تشرين ثاني 1927 في مدينة دانتسيغ التي كانت آنذاك جزءاً من ألمانيا وتقع اليوم في بولندا. اضطر غراس عام 1944 إلى المشاركة في الحرب العالمية الثانية كمساعد في سلاح الطيران الألماني. وبعد انتهاء الحرب وقع في أسر القوات الأمريكية إلى أن أطلق سراحه في عام 1946.
بعد الحرب درس غونتر غراس فن النحت في كل من دوسلدورف وبرلين. وعاش الأديب الألماني الكبير لغاية عام 1959 في فرنسا وانتقل مجدداً إلى برلين حيث عاش فيها لغاية عام 1972. وبعد ذلك انتقل إلى شمال ألمانيا حتى فارق الحياة عام 2015.
الأديب
"أوسكار"، ذلك الطفل المعاق الذي يرفض النمو طوعاً ليكون شاهداً على تاريخ لن ينسى، هذا الطفل الذي أراد له غراس أن لا يكبر في إدراكه الحسي للأشياء فظلت مداركه مدارك ولد يافع غير مكتمل النضوج، بعدما شاهد وهو داخل مبنى قديم يمارس فيه هواية القرع على الطبلة، من أحد الشقوق، ثلة من الجنود يقتلون بعض الناس. أوسكار، أنه بطل رواية "الطبل والصفيح" (1959). وبهذه الرواية يكون غراس من أوائل من كتبوا عن ذكريات ومخلفات الحرب العالمية الثانية باللغة الألمانية لينال بذلك شهرة عالمية عظيمة. وتدور أحداث هذه الرواية في معظمها في مسقط رأس الكاتب "مدينة دانتسيغ". وترجم هذا العمل الكبير إلى لغات عالمية كثيرة من بينها العربية أيضاً. وهذه الرواية هي جزء من ثلاثيته المعروفة بـ "ثلاثية داينتسيغ" وتضم أيضا الروايتين "القط والفأر" (1963) و "سنوات الكلاب" (1963). وتميز غراس في ثلاثيته هذه بلغة مجازية مليئة بالصور والرمز. ومن رواياته المشهورة "مئويتي" (1999) و"مشية السرطان" (2002).
الاشتراكي الديمقراطي
دخل غونتر غراس ميدان السياسة في بداية الستينات حيث تعرف على المستشار الألماني السابق فيللي براندت عندما كان رئيساً لبلدية برلين. وشارك بشكل فاعل بدعم الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في الأعوام 1965، 1969 و1972. ولم يتردد يوماً في إعلان تعاطفه الكامل مع الاشتراكيين الديمقراطيين، لكنه لم يكن عضواً رسمياً في الحزب إلا في عامي 1982/83 فقط.
عرف عنه مواقفه المعارضة جداً للحرب على العراق، الأمر الذي قربه إلى المستشار الألماني الأسبق غيرهارد شرودر حيث جمعت بين الاثنين صداقه قوية أشارا إليها الطرفان بفخر واعتزاز في كل مقام ومقال. وفي مقالات عدة له وجه انتقادات لاذعة للسياسة الأمريكية في العالم متسائلاً: "هل هذه هي الولايات المتحدة التي نحتفظ لها نحن الألمان بذكري طيبة ولأسباب عديدة؟ البلد الذي مّول بسخاء مشروع مارشال لإعادة بناء ألمانيا الغربية." وأشار غراس دوما الى أن الألمان ليسوا الوحيدين الذين يلاحظون كيف بهتت هذه الصورة للولايات المتحدة عبر السنين حتى غدت حلماً أو صورة مشتهاة، وألان قد تحولت الي صورة مشوهة."
وعن رأيه بالأدب العربي قال غراس يوماً: "لقد تسنى لي أن اقرأ بعض النصوص الأدبية العربية المترجمة إلى الألمانية، فاكتشفت كم نحن في حاجة إلى المزيد: ليس لأنه أدب آخر فحسب، وإنما أيضاً لأنه أدب يحتوي على كثير من الخلق والتنوع والأهمية، ويعالج الموضوعات التي تشغلنا بعين أخرى."
حصل غراس في عام 1999 على جائزة نوبل للآداب عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصاً في ثلاثيته الشهيرة "ثلاثية داينتسيغ" بالإضافة إلى جوائز محلية كثيرة. وفي عام 2005 حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة برلين.