غوغل إمبراطورية اقتصادية في عامها العاشر
٥ سبتمبر ٢٠٠٨منذ عشر سنوات كانت كلمة غوغل مجرد خطأ هجائي لأحد المصطلحات الحسابية الغامضة، التي لم يسمعها كثيرون. ولكن في أيلول/سبتمبر 1998 اختار اثنان من خريجي جامعة ستانفورد الأمريكية، وهما سيرغي برين ولاري بيدغ، الكلمة لتكون اسما لشركة قررا تأسيسها بهدف تحقيق فكرة بسيطة، وهي جعل البحث على الإنترنت أسهل وأدق من خلال تحليل الروابط الخاصة بمواقع الويب.
وما حدث بعد ذلك كان أكبر وأسرع عملية صعود ونمو في تاريخ الشركات الأمريكية لتصبح غوغل واحدة من أكثر الشركات الأمريكية ربحاً. وعلى الرغم من النجاح الأسطوري، الذي حققته غوغل خلال 10 سنوات فقط، فإنها اليوم تواجه تحديات عديدة لكي تحافظ على معدل نموها. فالشركة مازالت تعتمد على عائدات الإعلانات، التي تبث عبر محركها البحثي على الإنترنت والتي تمثل حوالي 90 بالمائة من عائداتها. كما أنها تواجه اتهامات من قبل المناوئين لها بأنها تسيء استخدام موقعها المسيطر في عالم محركات بحث الإنترنت وتنتهك خصوصية معلومات مستخدمي خدماتها على الشبكة الدولية.
مستعرض الويب جديد
وتأتي الذكرى العاشرة لتأسيس غوغل في الوقت الذي نجحت فيه في تدعيم مكانتها في عالم تكنولوجيا الكمبيوتر والإنترنت من خلال تطوير محرك بحثها وتقديم المزيد من الأدوات التي تفيد المستخدم. ليس هذا فحسب بل إن الشركة أعلنت قبل أيام قليلة عن برنامج لاستعراض الإنترنت باسم "كروم" ليكون منافسا لبرنامج إنترنت إكسبلورر، الذي تطورته مايكروسوفت ويعد مستعرض الويب الأكثر استخداما في العالم. كانت الأسواق تتوقع إنتاج برنامج لاستعراض الويب من غوغل منذ سنوات ولكن الرئيس التنفيذي للشركة إيريك شيمديت، الذي اختاره مؤسسا غوغل ليكون "رئيسا ناضجا" لها ظل يؤجل الإقدام على هذه الخطوة لسنوات.
والآن اقتنع الرئيس المخضرم بأن غوغل باتت قادرة على الدخول فيما يراه أخطر معاركها، إذ ستضع نفسها في مواجهة مباشرة مع مايكروسوفت أكبر مطور لبرامج الكمبيوتر في العالم. في هذا السياق قال شيمديت لمجلة وايرد ماغازين: "عندما انضممت إلى غوغل عام 2001 قال سيرغي ولاري لي إنهما يريدان إنتاج برنامج استعراض ويب خاص بهما وأنا قلت لا". لم يكن الوقت مناسبا من وجهة نظر شميديت لكي تدخل الشركة الأشهر في عالم محركات البحث على الإنترنت سوق برامج استعراض الويب.
إيرادات سنوية بقيمة 20 مليار دولار
ولكن مع الذكرى العاشرة لقيام الشركة ووصول إيراداتها السنوية إلى 20 مليار دولار وأرباحها إلى 5 مليارات دولار ومعدل نموها إلى 35 بالمائة بات عليها تطوير مستعرض الويب الخاص بها خاصة في ظل ظهور أجيال جديدة من التطبيقات والبرامج، التي تستخدم عبر الإنترنت والحاجة إلى دعم برنامج استعراض الويب.
ولم يقتصر الأمر عند حدود برنامج استعراض الويب، إذ تستعد غوغل لظهور أول هاتف محمول يعمل بنظام التشغيل الذي طورته واسمه أندرويد والذي تراهن عليه لكي تمد نطاق سيطرتها من الإنترنت المستخدم على أجهزة الكمبيوتر المحمول إلى عالم الإنترنت في الهواتف المحمولة في الوقت الذي يحافظ فيه موقع يو تيوب المملوك لها على مكانته المسيطرة في عالم مواقع تبادل ملفات الفيديو على الإنترنت.
ولكن معارضي الشركة الأمريكية العملاقة يرون أن نجاح أي من هذه المبادرات الجديدة ليس حتميا وأن مستخدمي الإنترنت قد لا يقومون بتنزيل برنامج كروم وقد لا يحبون استخدام الهواتف المحمولة التي تستخدم برنامج أندرويد في حين أن المعلنين على الإنترنت يشعرون بالقلق من بث إعلاناتهم عبر موقع يو تيوب الذي يحتوي على العديد من المواد الإعلامية المثيرة للجدل.
"ما قبل غوغل ومرحلة ما بعد غوغل"
ولكن غوغل قدمت ما يمكن اعتباره محرك البحث الذكي الذي يصنف نتائج البحث وفقا لمدى توافقها مع المادة المستخدمة في البحث وهو ما يسهل الوصول إلى الهدف. كما كانت فكرة عرض الإعلانات التي ترتبط بمواد البحث على صفحات النتائج من أنجح أفكار تسويق الإعلانات على الإنترنت وجنت من ورائها الشركة الأمريكية أرباحا طائلة.
فهذه الفكرة تتيح للمعلن الوصول بإعلانه إلى الفئات المستهدفة أو المهتمة بمنتجه بصورة مباشرة على أساس أن من يقوم بالبحث على الإنترنت مثلا عن أحد الأفلام السينمائية فإنه سيكون بالتأكيد أكثر استعدادا لشراء مثل هذه الأفلام الحديثة من خلال الإعلانات التي تظهر على صفحات نتائج البحث. يقول الخبير الاقتصادي كارمي ليفي: "اعتقد أن تاريخ الإنترنت يمكن تقسيمه إلى مرحلتين مرحلة ما قبل غوغل ومرحلة ما بعد غوغل"، كما هو الحال مع التاريخ ما قبل الميلاد والتاريخ ما بعد الميلاد. ويضيف أنه إذا كانت مايكروسوفت احتلت عرش الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات لسنوات طويلة فإن غوغل تبدو الآن مستعدة لكي تزيحها عن القمة. غير أن هذا لا يمنع احتمال ظهور منافس أقوى لغوغل في المستقبل.