غوارديولا نجح مع بايرن رغم إخفاقه في دوري أبطال أوروبا
٤ مايو ٢٠١٦ستظل مباراة بايرن ميونيخ أمام أتليتيكو مدريد، التي جرت أمس في إطار إياب نصف نهائي دور أبطال أوروبا، محفورة في ذاكرة لاعبي الفريق البافاري لفترة طويلة. وما يؤكد ذلك الحسرة الكبيرة التي ظهرت على أوجه اللاعبين بعد المباراة. فبالرغم من الأداء القوي والكرة الجميلة التي قدمتها الكتيبة البافارية في تلك المباراة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا للظفر ببطاقة التأهل لنهائي البطولة وبالتالي تبخرت آمال الفريق في التتويج بالثلاثية هذا الموسم.
موقعة "آليانس آرينا" أمس الثلاثاء كان لها وقع أكبر على المدير الفني لفريق بايرن ميونيخ بيب غوارديولا، كيف لا وأن المدرب الكاتالوني كان يراهن على هذه المباراة بقوة للنجاح فيما فشل فيه في العامين الماضيين آلا وهو التواجد في نهائي الأبطال.
حصيلة مخيبة في دوري الأبطال
بالنسبة للذين يقيسون النجاح بالألقاب الأوروبية فإن غوارديولا لم ينجح في مهمته مع بايرن ميونيخ. فللمرة الثالثة على التوالي يفشل "الفيلسوف" في تخطي عقبة الدور النصف النهائي ودائما أمام أندية إسبانية. صحيح أن غوارديولا لا يتحمل الكثير من المسؤولية في تضييع فريقه لفرصة التأهل في مباراة الإياب أمام أتليتيكو. فالفريق كان جيدا من الناحية التكتيكية والعناصر التي اعتمد عليها غوارديولا في تلك المباراة هي الأفضل حاليا على المستوى التقني. كما أنه لا يد له في تضييع الدولي توماس مولر لركلة جزاء والتي كانت ستقلب المباراة رأسا عن عقب لو تم تسجيلها.
رغم ذلك فإن ما يبقى راسخا في ذاكرة الجمهور والنقاد هو النتائج وليست طريقة اللعب وإهدار الفرص. وبلغة الأرقام لم يحرز غوارديولا على لقب دوري أبطال أوروبا خلال الثلاث سنوات التي قضاها على رأس الإدارة الفنية للفريق البافاري، وبالتالي فإنه فشل فيما نجح فيها مدربون سابقون بفريق بايرن ميونيخ مثل أوتمار هيتسفيلد ويوب هينكيس الذين أهدوا اللقب الأوروبي للفريق البافاري. ولعل تصريحات بيب غوارديولا التي أعقبت مباراة أتليتيكو الأخيرة تلخص هذا الأمر عندما قال "لقد كافحت، بذلت قصارى جهدي، أشعر بالأسف، ولكن الأرقام هي الأرقام، ونحن لم نصل لنهائي دوي الأبطال، علينا أن نتقبل ذلك، إنها كرة القدم."، مضيفا "أشعر بحزن شديد من أجل اللاعبين، لقد قدموا عرضا رائعا".
نجاح كبير على المستوى التقني
سيكون من الحيف الحكم على بيب غوارديولا فقط من زاوية دوري أبطال أوروبا، وإن كانت البطولة الأهم أوروبيا، فالمدرب الكاتالوني نجح إلى حد كبير في مهمته مع الفريق البافاري، حيث يستعد بايرن ميونيخ للاحتفال بلقب الدوري الألماني للمرة الرابعة على التوالي. وهو إنجاز لم يحققه بايرن منذ 1999 عندما فاز بلقب الدوري ثلاث مرات متتالية تحت قيادة هيتسفيلد بين 1999 و2001. كما أن أمام غوارديولا فرصة كبيرة لإضافة لقب ثاني لخزينة بايرن ميونيخ هذا الموسم وتكرار إنجاز 2014 عندما سيواجه دورتموند يوم 21 مايو/ أيار في نهائي كأس ألمانيا.
نجاح غوارديولا مع بايرن ميونيخ يظهر أيضا في النواحي التقنية، حيث تمكن في الأعوام الثلاثة التي قضاها على رأس الإدارة التقنية لبايرن في تغيير الفلسفة الكروية لهذا الفريق وجعله يقدم كرة جميلة تعتمد على اللعب الجماعي والتمريرات القصيرة ومحاصرة الفريق الخصم في نصف ملعبه. وقد زاد هذا الأمر من إشعاع النادي على المستوى الدولي وأعاد إليه أمجاد السبعينات التي كان ينظر فيها لبايرن ميونيخ على أنهم أحد أقوى الأندية الأوروبية على الإطلاق.
غوارديولا نجح أيضا في تطوير مستوى لاعبي بايرن ميونيخ وجعلهم يصلون إلى قمة عطائهم وهو ما عاد بالنفع على المنتخب الألماني الذي توج بلقب كأس العالم الأخيرة في البرازيل بحكم أن مجموعة من لاعبي بايرن يشكلون العمود الفقري للمانشافت.
زد على ذلك المرونة التي أضافها غوارديولا للاعبيه حيث جعلهم قادرين على اللعب في مراكز غير مألوفة لهم ويتقمصون أدوارا لم يعتادوا عليها من قبل، كإقحام المدافع الأيمن فيلب لام في خط الوسط في بعض المباريات والاعتماد على الشاب كيميش كقلب دفاع بالبرغم من أنه مدافع أوسط ونفس الشيء ينطبق على لاعبين آخرين مثل آلابا ودوغلاس كوستا. ووصف غوارديولا لاعبيه بأنهم رائعين جدا وقال إنه يشعر بالفخر تجاه العمل الذي قام به "اللاعبين المتميزين" تحت إمرته، ومتمنيا "الأفضل في المستقبل" للعملاق البافاري.
وبنظرة إجمالية لحصيلة غوارديولا مع بايرن لا يمكن الحكم بفشل مهمته مع البافاري، فهو قد حضر فريقا قويا سيساعد كثيرا خلفه أنشيلوتي الذي سيتولى تدريب بايرن الموسم المقبل. لكن وبسبب فشل غوارديولا في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا فإن مهمته بالفريق البافاري لم تكتمل وستظل ينقصها التتويج باللقب الأوربي الأغلى. بيد أن ذلك لا ينبغي أن يحجب النجاحات الكبيرة التي حققها "الفيلسوف" مع بايرن خاصة على المستوى التقني.