غزة ـ عندما تفتقد مصابات بالسرطان لسند أزواجهن
٤ أغسطس ٢٠١٨
أصيبت إكرام الجدبة (48 عاماً) بسرطان الغدة الليمفاوية وتركها زوجها ببداية الطريق ولم يكمل معها مشوار العلاج، إكرام وجدت نفسها تصارع السرطان وحيدة بعد أن طلقها زوجها.
بتنهيدات ودموع متساقطة على وجنتيها تحكي إكرام لـ DWعربية عن تعامل زوجها معها بعد إصابتها بالسرطان قائلة:" زوجي رافقني مرة للعلاج في مصر ومن بعدها لم يتحمل مرضي، قالت له عائلته بأن مرضي معدٍ وهو ما جعله يتركني ويطلقني"، وتضيف إكرام أنها منذ ذلك الحين أصبحت تعاني مرتين، مرة مع مرضها ومرة بسبب رعايتها للأولاد لوحدها.
تقول إكرام أنها لم تنل حقوقها بعد الطلاق وكانت تعتمد على والدتها في توفير مصاريف السفر والعلاج. وبعد فترة قصيرة من علاجها توفيت والدتها وأصبحت لوحدها تتصارع مع المرض ومع ظروف الحياة، لكي توفر بيتا لأولادها ولقمة عيش لهم، في حين أسس زوجها بيتا ثانيا وتزوج وأنجب أطفالا وتركها لوحدها.
وبنبرة حزينة تحكي إكرام معاناتها لـ DW بالقول "أذهب للمستشفى لوحدي وأرى بعض السيدات معهن أزواجهن أشعر بالحزن والنقص لأني أحتاج للدعم النفسي والمعنوي وأريده أن يكون بجانبي ومع أولاده بدلاً من حالة الفقر التي أصابتنا بعد إهماله لنا، ولكن الحياة حكمت علي بأن أعيش مع السرطان وبلقب مطلقة".
اعتماد شعبان السند الوحيد لزوجها في مرضه
محمد شعبان (47 عاماً) أصيب بسرطان الغدة، ومنذ بداية مرضه عانى بشكل كبير من أجل العلاج بين مصر ومستشفيات الداخل الفلسطيني، تاركاً خلفه زوجته التي ترعى أطفاله وبقلبها قلق شديد على "عمود" بيتها.
وبخلاف زوج إكرام الذي تخلى عنها لما علم بمرضها، كانت اعتماد شعبان سندا لزوجها المصاب بالسرطان ووقفت بجانبه طوال الوقت لتخفيف جزء من المعاناة عنه. وتوضح اعتماد البالغة من العمر 43 عاما ذلك بالقول: "رافقت زوجي خلال علاجه في غزة وكنت قوية أمامه من أجل تخطي مصاعب المرض".
خلال مرض زوجها أصيبت ابنة اعتماد الكبرى بالسكر، كما تقول والدتها، وذلك بسبب ضغوط المجتمع عليها بأن والدها سوف يموت بالسرطان وبهذا "أصبحت بين ابنتي المصابة بالسكري وزوجي المصاب بالسرطان أدعمهما وأرعاهما"، تضيف اعتماد.
المحيطون باعتماد يصفونها بالقوية والشجاعة لأنها صمدت بجانب زوجها ولم تتركه في مرضه. وحتى الآن تتحمل تغيراته الصحية. وعن الدافع وراء ذلك توضح في مقابلة مع DW "السيدة تختلف عن الرجل، فهي أكثر حناناً منه وأنا لا أستطيع أن أترك والد أطفالي وسند عائلتي وهو مريض"، وتضيف اعتماد: "كنت أراه يصرخ ويتألم وكنت أدعمه وأرفع من معنوياته لكي يكون قويا ويتخطى المرض".
من جانبه يؤكد محمد فضل زوجته عليه ويقول بهذا الخصوص "لولا زوجتي لما شفيت، فهي التي تحملت ألمي ومزاجيتي بسبب المرض"، مضيفا "كانت الزوجة والأم والحبيبة والممرضة ولم تتركني أي لحظة خلال العلاج. لقد استطاعت أن تتحمل كل شيء من أجل بيتنا وحياتنا".
زوج سوزان سند لها في مرضها
أصيبت سوزان السقا "59 عاما" بمرض السرطان في الثدي الأيسر قبل أكثر من عشرة أعوام ولا تزال تتعالج حتى الآن. بداية المرض كانت بشعور سوزان بكتلة في الثدي الأيسر، ولكن عائلتها طمأنتها وطلبت منها عدم الاهتمام بها، لكنها في النهاية أجرت الفحوصات لتكشف المرض.
من هنا بدأت قصة زوجها الذي رافقها بمسيرة علاجها ولازال يدعمها. وبابتسامة جميلة على وجهها لم تفارقها طيلة حديثها مع عربيةDW عن دعم زوجها، تقول سوزان: "عندما أخبرني الطبيب أنني مريضة بالسرطان ويجب استئصال الثدي بشكل كامل، انهار زوجي من البكاء حزنا علي، لم يستطع التحمل، ولكن بعدها تقبل الوضع وأصبح ظلي طيلة فترة العلاج".
لم تكن سوزان تحتاج إلى استصدار تقاريرها الطبية أو ان تجري فحوصاتها لوحدها، بل كان زوجها يتكلف بكل الإجراءات الطبية، فقد رافقها في العلاج خارج غزة في مستشفيات الداخل الفلسطيني، وتوضح سوزان ذلك بالقول: "لم يفارقني خلال جلسات الكيماوي وكان معي ويدعمني كثيرا. وفي كل مرة يطلب مني أن أتحمل الألم لأنه زائل، وعندما أنتهي من أخذ الجرعة وأعود الى المنزل متعبة جدا، أجد أولادي ينتظرونني وزوجي يحضر لي الطعام ويهتم براحتي كثيراً".
لم تشعر سوزان بالخجل من علامات الكيماوي التي تظهر على ملامحها ولم ينزعج زوجها منها، وتؤكد ذلك بالقول: "لم يجرحني بعد استئصال الثدي بل كان متقبلا لشكلي كما هو، ولم أخجل للحظة".
مرضى السرطان مهمشين من الجهات الحكومية وغير حكومية
تؤكد الأخصائية الاجتماعية نفيين البربري أن مرضى السرطان يحتاجون إلى دعم كبير من العائلة والمجتمع، خاصة، في ظل غياب جهات حكومية أو غير حكومية توفر هذا الدعم. وتوضح البربري ذلك بالقول: "الكثير من المرضى يمرون بظروف صعبة بعدم القدرة على توفير الأدوية أو تناول الأطعمة التي تناسبهم وعدم وجود طرق ترفيه مع عوائلهم، لهذا يحتاجون إلى دعم كبير، وخاصة السيدات هن بحاجة لدعم نفسي واجتماعي كبير جدا".
ويزيد الوضع الصعب في غزة من معاناة المصابين بمرض السرطان، بسبب الحصار وقلة فرص حصول المرضى على تصاريح السفر للعلاج بالخارج، إلى جانب نظرة المجتمع الذي يحكم على أن مريض السرطان ميت لا محالة، وهذا كله يؤثر بشكل سلبي على نفسية المريض.
زد على ذلك عدم تحمل بعض الأزواج إصابة نسائهن بالسرطان وتخليهم عنهن، بخلاف الكثير من الزوجات اللواتي يرافقن أزواجهن في كل مراحل المرض، وتوضح الأخصائية الاجتماعية ذلك في حوارها مع DWعربية: "السيدة تعيش بهواجس كثيرة وهي تفكر بمسؤولية بيتها بعد إصابتها وباستمرار دعم زوجها وتحمله لها أو تركها وعدم تحمل مرضها، بعكس الرجل الذي تكون معاناته أقل وزوجته تقف بجانبه بشكل دائم مهما كان مرضه وإصابته، لأن السيدة تعطي أكثر من الرجل وعاطفتها أكبر، تؤكد الخبيرة نفيين البربري.
رويدا عامر ـ غزة