غزة - حملة إغلاق للمقاهي ومنع الفتيات من دخولها
٤ ديسمبر ٢٠١٣خميس وهادي وعاطف هم مجموعة من الشباب الجالسين في احد مقاهي غزة. ويؤكدون لDW /عربية أنهم أمام أزمة جديدة في قطاع غزة: " نحن نتابع مباريات كرة القدم ونلتقي هنا بسبب انقطاع الكهرباء في البيوت وللتخفيف عما نتعرض له من أزمات نفسية بسبب الوضع في البلد، في وقت تلاحق فيه حماس أصحاب المقاهي وتغلق الكثير منها".
وقد تعرض عدد من المقاهي في غزة وشمالها للإغلاق من طرف شرطة حماس خاصة تلك التي تستقبل عائلات أو فتيات. كما اقتحمت الشرطة مقاهي أخرى وقامت بتفتيش الزبائن، حسب بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والذي طالب حكومة حماس بوقف تلك الإجراءات، التي اعتبرها "غير قانونية وتنتهك الأمن وسكينة المواطنين". مقهى الواحة، وسط مدينة غزة هي من أشهر وأرقي مقاهي المدينة ولها خصوصية تتميز باستقبال العائلات والفتيات، حيث يوجد بها جزء منفصل عن مكان الشباب، كما إن الزبائن من صفوة المجتمع" كما يضيف. وقد تم إغلاق هذه المقهى أخيرا بحجة "عدم استصدار تراخيص بمزاولة المهنة"، غير أن أصحاب المقهى يؤكدون أن" المقهى يعمل منذ سنوات وفق القانون والتراخيص والعادات والتقاليد". وقبل أيام قليلة تعرض مقهى آخر أمام جامعة فلسطين بجنوب غزة إلى اقتحام من طرف لأفراد الشرطة والمباحث الخاصة بقسم الفتيات دون سابق إنذار، حيث تم طردهن بعد توجيه تعنيف لفظي لهن ولصاحب المقهى الذي تحدث إلى DW/عربية.
الفصل بين الذكور والإناث
ينحصر دخول المقاهي الرياضية وغير الرياضية على فئات الشباب الذكور. عدد قليل جدا منها تستقبل الفتيات كزبائن فيها. غير أن الأمر هنا يخضع للثقافة والعادات والتقاليد المجتمعية، حيث تتم خدمة الزبائن الفتيات في أماكن مغلقة داخل المقهى. السيدة لطيفة تعمل نادلة في مقهى Trio وتقول لـDW/عربية إنها تقدم مع فتيات أخريات خدمات للزبائن الفتيات في المقهى، ويُحظر عليهن تقديم النرجيلة للفتيات والسيدات بقرار من شرطة حماس. وقد سُمح لـDW/عربية بإجراء لقاءات فقط عند مدخل قسم الفتيات بالمقهى، حيث لا يسمح إلا للسيدات والفتيات بالدخول إلى هناك. وتؤكد لطيفة أن أكثر الزبائن من"طالبات الجامعات وسيدات من محيط المكان وجميعهن متعلمات ويصطحبن أطفالهن الصغار إلى هناك". وفي القسم الآخر الخاص بفئة الشباب يقوم النادل محمد خضر وزملاؤه بتقديم وجبات الطعام والنرجيلة والمشروبات إلى الزبائن الشباب في مكان منفصل عن القسم الخاص بالفتيات، له مدخل خاص بعيدا عن مدخل الفتيات. ويتبادل شباب في المقهى أطراف الحديث عن موضوع علمي، حيث يتوجه أحدهم ضاحكا للحديث إلى DW/عربية ويقول: " الكهرباء تكون فقط لمدة 6 ساعات في اليوم، وماذ يمكن عمله في البيت بعد منتصف الليل! لهذا نأتي هنا من القرف والزَهَق".
ملاحقات أمنية مستمرة
لقد اضطر أصحاب عدد كبير من المقاهي إلى إغلاق قسم العائلات والفتيات بسبب مضايقات وملاحقات أمنية، وتفتيش مستمر والتحذيرات أو الشروط التي تمليها مباحث شرطة حماس. إن ذلك "يزعج الزبائن"، كما يلاحظ السيد حجازي صاحب مقهى الباشا في حديثه مع DW/عربية، ويضيف قائلا: "زبائني هم من طبقات مثقفة وأطباء ومحامين وغيرهم من المتعلمين. ما رأيته من ملاحقات أمنية وإغلاق للمقاهي جعلني أستغني تماما عن قسم العائلات والفتيات".
وكان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قد استهجن في بيان ما تقوم به شرطة حماس- خاصا في يونيو الماضي- من اعتداءات وتفتيش لعدد كبير من المقاهي الشهيرة في غزة. وذكر محمد زعيتر صاحب مقهى Trio في لقائه مع DW/عربية أن "قوات الشرطة ومباحث حماس قاموا بشكل مفاجئ باقتحام قسم الفتيات والسيدات دون إذن نيابي أو أمني ووجهوا عبارات السخرية والتعنيف لي وللزبائن الفتيات والسيدات ثم طالبوهن بمغادرة المكان فورا". لقد اندهش محمد والعاملين لما حدث "نحن كلنا لم نرتكب أخطاء إطلاقا ونعمل وفق العادات والتقاليد". لكن الشرطة قالت له" النرجيلة ممنوعة للفتيات ولو في أماكن مغلقة". ثم أجبرته على توقيع تعهد يمنع تقديم النرجيلة ويلزمه بالعمل "وفق الشريعة الإسلامية والدين الحنيف وحسب العادات والتقاليد". ويشكو صاحب المقهى من أن" اقتحام الشرطة للمكان بهذا الأسلوب أثار الشكوك والكلام ويؤثر على السمعة خصوصا بالنسبة لمن لا يعرف مجريات الحدث. لقد تسبب لي ذلك في أضرار معنوية واقتصادية ".
سياسة يستفيد منها المجتمع
المتغيرات السياسية في الوطن العربي تؤثر ولاشك على الشباب الفلسطيني في قطاع غزة، والذي تعصف به ظروف قاهرة، تؤثر سلبا على سلوكه أو تدفع به إلى قضاء الكثير من الوقت خارج البيت واللجوء إلى المقاهي، كما يوضح د. حسين أبوشنب عميد كلية الإعلام والاتصال في جامعة فلسطين في لقاء مع DWعربية. ويدعو المتحدث الى ضرورة التفكير جديا في أساليب مناسبة وفتح مجالات للشباب بهدف استثمار أوقات الفراغ وفق أساليب علمية، مثل توفير" مراكز البحوث والدراسات والصالونات الأدبية والفكرية، دون رقابة، حتى يمكن للشباب أن يعبروا عن أنفسهم ويتفاعلون مع قضايا المجتمع من خلال المشاركة السياسية والاجتماعية ". ومع التأكيد على ما قد توفره المقاهي من مناخ تواصلي بين الناس فإن المطلوب الآن، حسب د. حسين أبوشنب، هو العمل على توجيه هؤلاء الشباب ونهج سياسة عامة يستفيد فيها المجتمع من المقاهي، غير أن ذلك يحتاج إلى مؤسسة إعلامية راشدة تتوفر فيها الكفاءات الإعلامية المتخصصة".