"غانغام غزة ستايل" - بالرقص والسخرية لنقل واقع مُر
٢٠ فبراير ٢٠١٣أغنية "غانغام ستايل" للمغني الكوري الجنوبي بارك جاي سانغ حققت انتشارا واسعا في شتى أنحاء العالم، إذ فاق عدد المشاهدة والتحميل لها المليار، وأدخلته بذلك إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية. وهي أغنيةُ راب تنتقد أوضاع كوريا الجنوبية بروح مرحة وحركات راقصة وموسيقى صاخبة.
هذه الشهرة وظّفها فريق"غانغام غزة ستايل" ل"مخاطبة الداخل والعالم" وفق ما يقول مؤسسه ومديره مهند بركات في حديث مع DW عربية. ويتكون فريق "غانغام غزة ستايل" من سبعة شبان وطفلين يرقصون على أنغام أغنية "غانغام ستايل" الكورية في مشاهد رقص "صامتة وساخرة"، لا تخلو من دراما مسرحية هزلية وناقدة. وقد لاقى فيديو"غانغام غزة ستايل" ، الذي تم نشره على موقع يوتيوب، خلال فترة زمنية لا تتعدى الأسبوع إعجابا واسعا. كما أثار ردود فعل شعبية وإعلامية إيجابية. الأمر الذي فاجأ الفريق وحفّزه على التفكير في أعمال أخرى، خاصة وأنه قد تم مشاهدة الفيديو لأكثر من مائة ألف مرة حتى الآن.
"هدفنا لفت أنظار المجتمع الدولي إلى معاناتنا"
"نحن شباب، غالبينا عاطل عن العمل، ومآسينا ومعاناتنا كبيرة"، وفق ما يقول مهند. ويوضح أن الهدف من وراء الرقص على أنغام موسيقى مشهورة يكمن في "لفت الأنظار المجتمعين العربي والدولي إلى معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة بمختلف شرائحهم الاجتماعية والعمرية". ويؤكد أن "حجم وأشكال المعاناة والأزمات المتلاحقة تعددت وتفاقمت في القطاع وأصبح الوضع لا يُطاق"، فجاءت هذه الرقصات "بمشاهد مُصغرّة من وحي واقع المعاناة". ويضيف مهند بركات قائلا: "نريد أن نعيش بكرامة وننشد السلام، ومن حقنا الأمن والأمان والعيش كغيرنا من شعوب العالم"، معربا عن أمله في إيجاد "حلول لمشاكلنا ومعاناتنا".
ويرتدي أعضاء فريق "غانغام غزة ستايل" ملابس سوداء اللون بالإضافة إلى نظارات شمسية سوداء ومناديل يغطون بها رؤوسهم. وتظهر المشاهد الأولى شبابا على شاطئ بحر غزة، بعضهم يدخن"النرجيلة" وآخرون يلعبون الورق (الكوتشينة- الشَدْة)، فيما يلهو البعض الآخر بدراجته النارية.
ثم يظهر الراقصون وهم يدفعون سيارة قديمة بعد نفاذ الوقود منها، والبعض الآخر يتخذ من الحمير وسيلة نقل. ولم يغفل الفريق عن تصوير المشاهد الدرامية، التي بدأت باندهاش وحزن الشباب عند وصولهم إلى ملعب كرة القدم، الذي بات أنقاضا، لكنهم أصروا على اللعب على أرضه. ويتضمن الفيديو مشاهد رقص فوق أنقاض البنايات المهدمة، وبالقرب من ميناء غزة الدولي ومعبر رفح الحدودي وداخل الأنفاق في إشارة إلى الحصار البري والبحري الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة. كما لم يخل الفيديو من مشاهد أزمة انقطاع الكهرباء، التي تُؤرق أهالي غزة منذ سنوات، إضافة إلى قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
نجاح في نقل الواقع رغم المصاعب
ويتحدث مهند عن المصاعب، التي واجهها فريقه أثناء تصوير الفيديو، لافتا إلى أنهم قد عجزوا عن توفير كاميرا تصوير واستخدموا بدل ذلك كاميرا هاتف نقال ذي جودة عالية. ويضيف مهند أن المشاهد قد صُورت بمجهود شخصي من أعضاء الفريق، الذين تنقلوا إلى أماكن التصوير بوسائل النقل العمومية، مما "تسبب في التشتت وصعوبة التقاء الفريق ببعضه البعض إلا بعد ساعات". ويضيف مهند ضاحكا: "كثير من الناس في الشارع وأماكن التصوير كانت بتضحك علينا وتهزأ منا". وكان افتقارهم لمكان يتدربون فيه أكبر الصعوبات، "فكان شاطئ البحر والأماكن الغير مأهولة ملاذهم الوحيد".
لكن أعضاء الفريق أكدوا أنهم سرعان ما نسوا الصعوبات التي واجهوها في البداية، عندما شكرهم الناس على عملهم، خاصة بعدما لاقى الفيديو الإعجاب والاهتمام على الصعيدين المحلي والدولي، و"تعاطف العالم مع قضايانا".
وعن مدى نقل هذا الفيديو لمشاكل شباب غزة يقول الشاب محمد أبو عمرة في حديث لDW عربية: إن "غانغام غزة ستايل يحكي ما في داخلنا من هم وغم ومعاناة بشكل جميل مضحك". من جانبه، يؤكد الشاب محمد بسيسو أن "تنقلات ومعاناة الشباب في التصوير أعطت مصداقية لعملهم، لأننا فعلا كشباب هيك حالنا".
لكن حازم الشرفا يرى أن الفريق قد تقاعس عن التطرق لقضية مهمة، بحيث يقول: "ليش الشباب ما جسدوا معاناتنا من حماس وقمعها واستغلالها؟". وبدورنا نقلنا هذا التساؤل إلى الفريق الذي أكد قائلا: "نحن لا ننتمي لفصيل أو حزب معين، نحن ننتمي لفلسطين وكل واحد عارف ايش سبب معاناة المجتمع". ويؤكد مهند أن الفريق سيطور من أدائه، وأن الأيام القليلة اللاحقة ستتناول أعمال تتضمن مشاهد "للمصالحة الداخلية ومواضيع إنسانية كالمرضي وذوي الاحتياجات الخاصة والمرأة ". وسيحمل الفريق من هنا فصاعدا اسم "غزة ستايل" و"سيقتبس موسيقى مشهورة أخرى".