غابرييل وزيراً للخارجية.. ماذا يعني ذلك للعالم العربي؟
٢٧ يناير ٢٠١٧حطت طائرة زيغمار غابرييل في الرياض في السابع من مارس/آذار 2015. تلك الزيارة الرسمية، كانت تعني الكثير له ولألمانيا؛ حيث افتتح مع وزير المالية السعودية أعمال اللجنة السعودية الألمانية المشتركة. وسعى وزير الاقتصاد ونائب المستشارة ميركل إلى الحصول على عقود وصفقات للشركات والمؤسسات الألمانية.
السعودية و"العقوبات الجسدية"
غير أن الاقتصاد لم يكن الموضوع الوحيد على جدول أعمال الزيارة، فقد أثار غابرييل قضية المدون السعودي المعتقل، رائف بدوي، وسعى للإفراج عنه؛ وسلّم العاهل السعودي رسالة من زوجة بدوي، التي تعيش في المنفى. وجدير بالذكر أنن بدوي محكوم بالسجن لمدة عشرة أعوام وغرامة مالية وألف جلدة بتهمة إهانة الإسلام. وقد ألقى الملف بظله على العلاقات السعودية-الألمانية وعلى الزيارة نفسها.
بسرعة البرق انتشرت في السعودية تقارير صحفية تفيد بأن المملكة لا تتسامح مع التدخل في شؤونها الداخلية. لم تؤثر تلك التقارير على غابرييل الذي قال "سنحاول التوضيح للسعوديين بأن العقوبات القاسية، وخصوصاً الجسدية منها، أمر لا يمكننا تصوره. وتلك العقوبات تلقي بظلالها الثقيلة على علاقاتنا مع السعودية". أعضاء الوفد المرافق لغابرييل لم ير تلك التصريحات مناسبة، وهناك من قال إن التطرق إلى قضية بدوي تضر ولا ينفع.
فروقات طفيفة ولكنها مهمة
سلف غابرييل، فرانك فالتير-شتاينماير وحزبه الاشتراكي الديمقراطي يتناولان قضية بدوي بطريقة مختلفة. فلقد ناشد شتاينماير حين كان وزيرا للخارجية نظيره السعودي، عادل الجبير، في آب/أغسطس من نفس العام بإيجاد "حل إنساني" للقضية. ربما تكون مثل هذه الفروقات طفيفة في تعاطي السياسيين والدبلوماسيين مع القضايا الشائكة، بيّد أنها فروقات مهمة للغاية. في ظل ترأس غابرييل للدبلوماسية الألمانية سيصبح الكلام أكثر وضوحاً ومباشرة، ويبتعد بالتالي عن اللغة الدبلوماسية المنمقة. سيثير وزير الخارجية الجديد غابرييل الكثير من الجدل ولن يدوّر الزوايا الحادة.
انتقاد إسرائيل
بُعيد الإعلان عن تسلم غابرييل حقيبة الخارجية، سأله صحفي في برلين فيما إذا كان يعتزم وبسرعة، الالتحاق بدورة مكثفة في الدبلوماسية. أجاب غابرييل مازحا "في حقيقة الأمر أني لم أكن على حافة الاعتقال في زياراتي لإيران والصين وتركيا والسعودية. آمل أنه سيكون باستطاعتي ألا أتسبب بأزمات سياسية بسبب لغتي".
ربما لا يثير غابرييل أزمات بالمعنى الدقيق للكلمة، غير أنه بالتأكيد سيثير الكثير من النقاشات على صعيد السياسة الخارجية. فمنذ شبابه لديه صداقات في الشرق الأوسط ومطلع على شؤونه وأزماته جيداً ولديه شبكة علاقات في إسرائيل. غير أنه وفي عام 2012 وبعد زيارة للضفة الغربية نفذ صبره وكتب على صفحته على موقع فيسبوك: "زرت للتو الخليل" وتابع "بالنسبة للفلسطينيين هذه منطقة لا يسودها القانون. إنه نظام فصل عنصري، ليس له مبرر". في تلك الفترة كان غابرييل وحزبه الاشتراكي الديمقراطي في المعارضة، تلك التصريحات أثارت غضب الحكومة الألمانية بقيادة ميركل التي طالب حزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي، غابرييل بالاعتذار لإسرائيل.
ترامب و"خطابه الرجعي"
بالمثل كانت ردة فعل غابرييل على الخطاب الأول للرئيس الأمريكي دونال ترامب، بعد أدائه اليمين الدستورية حادةً، حيث قال "أسمع في خطاب ترامب نبرة قومية شديدة" وأضاف للقناة الثانية في التلفزيون الألماني "ينقص خطاب ترامب مصطلحات مثل وصف البرلمان بأنه مكان للخطابات، أو الكلام عن حزب السلطة. ترامب يستخدم الخطاب السياسي للأحزاب الرجعية المحافظة في عشرينيات القرن الماضي. وترامب يعني ما يقوله. أعتقد أنه علينا الاستعداد لأوقات عصيبة".
غير أنه وفي منتصف هذا الأسبوع ومع تأكيد أن غابرييل سيتسنم حقيبة الخارجية الألمانية، أبدى موقفاً أكثر حذراً تجاه واشنطن بقول "أنصح بالمحافظة على أكبر قدر من الروابط مع الولايات المتحدة الأمريكية. لقد انتقد الوزير شتاينماير التطورات في أمريكا بشكل قاس. وأعتقد أن الحق معه في ذلك".
الافتقار للحنكة الدبلوماسية
غابرييل يعرف الساحة الدولية جيداً، فقد قام بالكثير من الزيارات الرسمية كوزير للاقتصاد وقبلها كوزير للبيئة. ويتحدث اللغة الإنكليزية بشكل جيد ولديه شبكة علاقات واسعة. بيّد أنه لن يكون ذلك السياسي اللبق الحذر في كلامه كسلفه فرانك-فالتر شتاينماير.
يانس ثورو/خ.س