"عودوا إلى دياركم" - فرصة للمهاجرين في بناء حياة جديدة
٢٣ فبراير ٢٠١٧زيارة إلى مركز الإيواء التابع للمنظمة الدولية للهجرة في أغاديس بغرب النيجر. حسين دجيبو يفتح باب قسم المرضى الصغير، حيث تعتني إحدى الممرضات بجروح رجل مصاب في ذراعه. حسين دجيبو يسهر على إدارة هذا المعسكر في أغاديس الذي يستقبل يوميا مهاجرين يعانون من جروح تعرضوا لها خلال رحلتهم في الصحراء، كما يلجأون إلى مركز المنظمة الدولية للهجرة. وغالبا ما يتعلق الأمر بمهاجرين عائدين من ليبيا إلى أغاديس. ويقول دجيبو:"الأوضاع جد سيئة في ليبيا حيث يُنقلون إلى معسكرات اعتقال حكومية أو خاصة. وفي حال نجاحهم في المغادرة، فإن الأمر ينته بهم هنا. بعضهم مصاب بطلقات نارية، والكثيرون يعانون من صدمات نفسية".
سريعا ما يود الوافدون على هذا المعسكر العودة إلى ديارهم، عن طواعية، حيث لا يستطيعون مواصلة رحلة الهجرة، التي تعرضوا فيها لسوء المعاملة في ليبيا أو فقدوا خلالها عملهم في الجزائر ولم يعودوا يتوفرون على مال وقدرة.
المهاجرون لا يحصلون على أجرهم
بسبب ذلك نجد مثلا موسى مو من ليبريا في هذا المعسكر. وقد تنطبق قصة هجرته على الكثيرين من اللاجئين. لم يجد عملا في بلده وتمكن من جمع مبلغا من المال ثم رحل إلى ليبيا بحثا عن شغل وكسب مال. وقال مو إنه وصل حتى الجزائر حيث مارس هناك بعض الأعمال وحصل على بعض المال، وحوًله إلى عائلته.
لكن أرباب العمل رفضوا مرات كثيرة دفع أجره، وفي أحد الأيام جاءت الشرطة واعتقلته ثم اقتادته إلى الحدود مع النيجر لتنتهي رحلته. وقال موسى مو ومعبرا عن خيبة أمل:"صرفت 1000 دولار بالمجموع، ولم يعد لدي الآن شيء". وأضاف:"كان من الصعب الحصول على أكل. أخذوا مني كل شيء في الطريق حتى الهاتف النقال. إنهم يجردونك من كل شيء".
مساعدة من منظمة الهجرة من أجل العودة
وسمع بعدها بوجود مركز المنظمة الدولية للهجرة في أغاديس حيث تُقدم المساعدة لمن يرغب في العودة إلى وطنه، وقد تقدم دعما لبدء انطلاقة جديدة على أرض الوطن. ويعبر موسى مو عن أمله قائلا:"أعتقد أنهم سيساعدوني في بداية حياة جديدة، وسيقدمون لي الدعم لمساندة عائلتي وإرسال أبنائي إلى مدارس جيدة والتحكم في مصيري من جديد".
في عاصمة النيجر نيامي يقيم جوزبي لوبريت، مدير منظمة الهجرة الدولية. ويصرح قائلا: "عام 2016 قمنا بمساعدة أكثر من 5000 شخص على العودة طواعية إلى أوطانهم، وهذا العدد فاق عدد المسجلين عام 2015 بثلاثة أضعاف".
برامج جديدة بفضل أموال من الاتحاد الأوروبي
ويقول لوبريت إن منظمة الهجرة الدولية تسعى في بعض الحالات إلى تقديم المساعدة داخل الوطن، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية لهؤلاء. وإلى حد الآن كان التمويل كافيا فقط لتغطية تكاليف بعض المشاريع. ولكن هناك حاليا اتفاق، حيث "أبرمنا مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية تمويل جديدة ونأمل في إقامة مثل هذه البرامج في 14 بلدا".
والآن يجب صرف 100 مليون يورو في برامج يشمل أساسا 14 بلدا في إفريقيا الغربية. وتريد منظمة الهجرة الدولية والمنظمات الشريكة لها العمل على دعم التكوين المهني وتقديم يد العون لمشريع تجارية صغيرة وأيضا دعم مشاريع جماعية في القرى والمدن التي ينحدر منها العائدون.
العائدون يخشون نعتهم بالفاشلين
أيضا في مركز منظمة الهجرة الدولية في نيامي يوجد العديد من المهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم، بل إنهم مجبرون على ذلك . باكاري ماني انطلق قبل 8 شهور من غامبيا حيث جمعت له عائلته مبلغا لتمويل رحلته، وعندما نفد المبلغ خلال الرحلة باعت العائلة الأرض التي كانت تملكها كي تمول مواصلة رحلته، أملا في أن يحصل باكاري يوما ما على شغل. ونجح باكاري ماني في الوصول إلى ليبيا ولكنه كان ضحية أجواء العنف والاستغلال. وهو الآن يستعد للعودة إلى وطنه بمساعدة منظمة الهجرة الدولية، ويقول:"أفكر دوما في معاناة العائلة في البيت. إنه السبب الذي دفعني إلى المغادرة، كنت أود إسعاد عائلتي لكني لم أنجح في ذلك، إن ذلك يؤلمني. لو حصلت على الأقل -هنا في النيجر -على عمل لمساعدة عائلتي! الآن يجب علي العودة إلى عائلتي، وهذا يقلقني كثيرا".
إنه الخوف من العودة كفاشل وخاوي الوفاض، بسبب عدم تمكنه من توظيف المال الذي حصل عليه من العائلة. وهل ستتمكن منظمة الهجرة الدولية من مساعدته في غامبيا، هذا ما لا يعرفه باكاري الذي يضيف:"لم يخبروني بعد ما إذا كان بإمكانهم فعل شيء من أجلي".
آمال كبيرة وإمكانيات محدودة
جلست المتحدثة الصحفية باسم منظمة الهجرة الدولية مونيكا شيرياك في نيامي إلى جانب باكاري. وهي تدرك الآفاق الكبيرة التي يعلقها العائدون على المنظمة، رغم إمكانياتها المحدودة لإعادة إدماجهم. فالمنظمة لا يمكن لها مساعدة كل الناس:"عادة النساء والأطفال هم الذين يحتاجون إلى المساعدة. وهم أشخاص لهم صعوبات في ضمان قوتهم اليومي"، تقول شيرياك.
وتعتزم منظمة الهجرة الدولية إطلاق 20 مشروعا صغيرا هذا العام. وتقول شيرياك:"بهذا يمكن لنا مساعدة مجموعة أكبر من الناس، مثلا في قطاع الزراعة. وسيستفيد 50 شخصا منها، ونحن لا نستثمر في الأفراد، ونأمل في أن ينجح ذلك".
والسؤال الآن هو كم من العائدين سينجحون في تحقيق انطلاقة جديدة في حياتهم؟. ففي عام 2016 وحده رحل أكثر من 420.000 مهاجر عبر شمال النيجر باتجاه الجزائر أو ليبيا.
ينس بورشيرس/ م.أ.م