عن وضع المرأة في العالم العربي ـ حوار مع الباحثة الاجتماعية صورية موقيت
٨ مارس ٢٠٠٨دعت الأمم المتحدة بمناسبة يوم المرأة العالمي، الذي يُحتفل فيه اليوم السبت، دول العالم إلى الاستثمار في مستقبل النساء والفتيات، مؤكدة أن التنمية ملازمة لتحرير المرأة. وفي هذا السياق ندد الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون في رسالة نُشرت بهذه المناسبة بالفارق القائم في أغلب الأحيان ما بين نوايا الدول الأعضاء في المنظمة وممارستاها الفعلية على صعيد تشجيع استقلالية المرأة والمساواة بين الجنسين. وأشار بان كي مون في رسالته إلى إحراز تقدم من خلال تخصيص موارد مالية لزيادة نسبة توظيف النساء وتعزيز دور القروض المصغرة وتشجيع منح النساء قروضاً لإنشاء شركات. يُذكر أن يوم الثامن من آذار/ مارس، الذي أعلنته الأمم المتحدة عام 1977 يوماً عالميا للمرأة، يرمز إلى تاريخ نضال المرأة الطويل من أجل المساواة في الحقوق مع الرجل، وهو يشكل مناسبة لوضع حصيلة ظروفها في مختلف دول العالم والتنبيه إلى الخطوات اللاحقة الواجب اتخاذها. وللوقوف على ظروف المرأة في العالمين الإسلامي والعربي إلتقت دويتشه فيله بالباحثة الألمانية من أصل مغربي صورية موقيت. وإليكم نص المقابلة:
دويتشه فيله: تعتبر السياسة في العالم العربي، وكما ذكرت ذلك في كتابك، مهنة مقصورة على الرجال. ما سبب غياب المرأة عن السياسة؟ هل يتعلق هذا الغياب بتأويل ذكوري للقرآن كما تقول ناهد سليم؟
موقيت: إن وضعية المرأة في القرآن والحديث وضعية مشرفة. ففي الديانة الإسلامية الرجال والنساء متساوون، ولا وجود لتمييز بين الرجال والنساء، والقرآن لا يقول فقط بتساوي الرجال والنساء أمام الله ولكنه يقول أيضا بأنهما مرتبطان ببعضهما البعض. وهذا يعني أن الإسلام لا علاقة له بالتراتبية القائمة داخل المجتمع الأبوي والتي تحط من قدر المرأة كما أن الله غير مسؤول عن قمع المرأة المسلمة. وعلاوة على ذلك فإن الرجال والنساء مسؤولون عن سلوكهم وأعمالهم، عليهم نفس الواجبات ولهم نفس الحقوق. والشرط الوحيد الذي يقتضيه الوفاء بهذه الواجبات والتمتع بهذه الحقوق هو الأهلية العقلية، وهو ما منحه الله للمرأة كما للرجل. ويمكن لهذه المبادئ أو هذه الرؤية أن تبدو متناقضة مع المجتمع الأبوي الشرقي، والواقع أن تقاليد هذا المجتمع لا علاقة لها بالإسلام. فالأمية المنتشرة في أوساط النساء لا علاقة لها بالإسلام لأن العلم جزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية كما تقول العديد من الأحاديث النبوية، وحرمان المرأة من التعليم لا يمكن شرعنته إسلاميا، وهكذا يمكنني أن أقول إن المشاركة الضعيفة للمرأة العربية في السياسة لا ترتبط بسبب واحد ولكن بسلسلة من الأسباب ومن أجل تغيير هذا الوضع لا يجب الاكتفاء فقط بتغيير القوانين القائمة فقط، ولكن أيضا تغيير صورة المرأة في المجتمع، فتغيير القوانين وحده لا يكفي لتغيير ذهنية الرجال ولا موقفهم اتجاه النساء.
منذ 2004 والمغرب يعرف قانونا جديدا للأحوال الشخصية، ووفقا لهذا القانون الجديد يمكن اعتبار المرأة المغربية الأكثر تحررا داخل المجتمعات العربية، كيف تنظرون إلى هذا التطور؟
يدعم إصلاح مدونة الأحوال الشخصية وسن قوانين أخرى في السنوات الأربع الأخيرة حقوق المرأة على المستوى المؤسساتي لكن الواقع يقول بعكس ذلك، لأن تغيير صورة المرأة في المجتمع صيرورة تحتاج إلى وقت طويل، لكن هذه التغييرات سيكون لها نتائج إيجابية على الحياة اليومية للمرأة وعلى العلاقات الزوجية وأيضا على الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية، وعلى حضور المرأة في مراكز القرار سواء في المجال الاقتصادي أو العمومي أو السياسي. وبذلك يكون المغرب بدأ بتعبيد الطريق إلى بناء مجتمع حديث ومنسجم لكن في الآن نفسه لا يمكن لعملية الدمقرطة هذه أن تنجح إذا لم يرافقها نجاح اقتصادي.
نسبة كبيرة من النساء في العالم العربي اختارت الالتحاق بالحركات الإسلامية؟ ما هي الأسباب التي تقف وراء هذا الخيار؟
منذ سنة 1990 ومع انهيار المعسكر الشرقي عرفت مناطق واسعة من العالم انطلاق مشروع دمقرطة سياسية، ويرى علماء الاجتماع أن مثل هذا المشروع يحمل في طياته تحديات كبيرة ونتائج غير معروفة، فقد عرفت بعض البلدان التي عاشت هذا التحول نوعا من الفوضى السياسية كما هو الحال في الجزائر وأفغانستان ويوغوسلافيا السابقة والصومال والزايير الخ.. ورافق ذلك انتشار للفقر في قطاعات واسعة من المجتمع، وحدها نخبة صغيرة استفادت من هذا التحول، لكن هذا التحول أسفر أيضا عن ظهور جماعات متطرفة، تعد غالبية المواطنين بالتغيير وبتوزيع عادل للثروة. يضاف إلى كل ذلك خوف من التبعية الثقافية للخارج والتبعية السياسية بسبب مشاريع إعادة الهيكلة الاقتصادية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. ويمكن للمرء أن يراقب نوعا من أزمة الهوية لدى هذه المجتمعات. وهي أزمة تعاني منها النساء أيضا، والمجموعات الراديكالية التي تستغل الإسلام لأغراض سياسية، تعد بتقديم حل لأزمة الهوية هذه. لكن مع ذلك، لا يمكن القول بأن كل امرأة ترتدي الحجاب، هي امرأة اختارت النهج الراديكالي، لأن المرأة ستكون أو لضحية للإيديولوجية الإسلاموية متى أمسكت هذه الإيديولوجية بمقاليد السلطة، والمرأة المسلمة تدرك هذه الحقيقة، وسبق وأن رأت بأم عينها ماذا كان مصير المرأة الأفغانية تحت حكم طالبان.