عمل اللاجئين عبر شركات وسيطة.. دخول سريع في سوق العمل ولكن!
٣١ مارس ٢٠١٩منذ بضعة أيام واللاجئ السوري إسماعيل درويش يجلس في البيت بعد أن أخذ إجازة مرضية من العمل، لكن يساوره القلق لأن "المرض (في حالته) قد يعني فقدان العمل" كما يقول لمهاجر نيوز.
فاللاجئ الثلاثيني، الذي يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في مدينة مونشنغلادباخ، يعمل منذ بضعة أشهر في قسم شحن البضائع لدى إحدى الشركات المعروفة في ألمانيا، ورغم أنه كان مهندساً للاتصالات في سوريا إلا أن صعوبة إيجاد عمل بشكل مباشر، كما يقول، أجبره على العمل عبر شركة وسيطة لإعارة العمال.
ويضيف درويش: "ليست لدينا أي حقوق لدى الشركة التي نعمل فيها لأن عقدي مع الشركة الوسيطة والتي تستطيع أن تطردني متى ما شاءت مثلما فعلت مع العديد من زملائي الآخرين".
عمل مؤقت برواتب منخفضة
وتقوم الشركات الوسيطة بإعارة العاملين إلى شركات أخرى لا ترغب بتوظيف عمال لفترة طويلة وإنما تحتاجهم فترة مؤقتة، ورغم أن الرواتب التي تدفعها ضئيلة إلا إنها تدفع للعمال التأمينات والمستقطعات الأخرى على الراتب كما أنها تسرع من دخول اللاجئين في سوق العمل الألماني.
وترى الخبيرة الاقتصادية د. سلام سعيد أن العمل عبر شركات وسيطة مشكلة عامة في سوق العمل الألماني ولا يعاني منها اللاجئون فقط، وتضيف: "المشكلة في هذا النوع من العمل أنه لا يؤمن فرص عمل طويلة الأمد ولا يحصل العامل من خلاله على الحقوق العمالية الكاملة، بالإضافة إلى أن الأجور فيه تكون منخفضة جداً".
وبحسب إحصائيات الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا فقد ازداد عدد العاملين عبر الشركات الوسيطة ثلاثة أضعاف منذ بداية الألفية، وبالتحديد من حوالي 339 ألف شخص في عام 2000 إلى حوالي مليون و23 ألف في منتصف 2018.
لكن غالبية الأشخاص الذين يعملون عبر الشركات الوسيطة لا يحصلون على وظيفة في الشركة التي يعملون فيها، وفقاً لجواب الحكومة الألمانية على طلب إحاطة من حزب اليسار والذي نشر في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018.
وكشفت الحكومة أنه تم فصل 83% من اللاجئين السوريين والعراقيين والأفغان الذين عملوا في شركات عبر شركات وسيطة خلال الأشهر التسعة الأولى من عملهم، بينما بلغت هذه النسبة لدى الألمان 73%.
"ليس حلاً لإدماج اللاجئين"
وترى د. سلام سعيد أن اللاجئين الذين يعملون عبر هذه الشركات يكونون في الغالب من الذين ليس لديهم تأهيل مهني أو لا تتوفر لديهم مهارات كافية باللغة الألمانية، وتضيف: "الكثير من اللاجئين ليست لديهم معرفة كافية بسوق العمل الألماني كما لا يمكنهم تقديم أنفسهم لأرباب العمل بشكل مناسب"، مشيرة إلى أن الشركات الوسيطة تقوم بترتيب معلومات اللاجئين ثم تقديمها لأرباب العمل.
ورغم أن هذه الشركات تحاول سد حاجة سوق العمل الألماني عن طريق اللاجئين بشكل خاص في الفترة الأخيرة، كما تقول سعيد، إلا أنها تعتقد أن هذا النوع من العمل ليس حلاً لإدماج اللاجئين ذوي الكفاءات في سوق العمل الألماني على المستوى البعيد.
وتوضح د. سعيد: "ماعدا انعدام الأمان الوظيفي وانخفاض الرواتب في هذا النوع من العمل فإن له بعداً اجتماعياً ونفسياً أيضاً"، وتشرح: "العاملون عبر هذه الشركات وخصوصاً اللاجئون منهم يشعرون بعدم العدالة وبأنهم موظفون من الدرجة الثانية وهذا ما قد يؤثر على رغبتهم في الاندماج".
وهذا ما يشعر به إسماعيل درويش، ويستشهد بحادثة حدثت معه ويقول: "بعد أن وزعت علينا الشركة التي نعمل فيها سترات شتوية في أحد الأيام الباردة، رجعوا وطالبوا منا إعادتها مبررة بأن السترات من حق العاملين التابعين للشركة بشكل مباشر فقط وليس للعمال عن طريق الشركات الوسيطة".
اقتراحات عملية
ومن أجل حل المشاكل المتعلقة بالعمل عبر الشركات الوسيطة تقترح الخبيرة الاقتصادية د. سلام سعيد عدة حلول، منها أن يتم رفع الحد الأدنى للأجور وخاصة للعاملين عبر هذه الشركات، وتضيف: "عندما يتم رفع الحد الأدنى للأجور عندها يجب إلزام الشركات الوسيطة بالتقيد بها"، مشيرة إلى حصول هذه الشركات على استثناءات في بعض الأحيان فيما يتعلق بالحد الأدنى من الأجور.
وبحسب صحيفة راين-نيكار-تسايتونغ، نقلاً عن إحصائيات وكالة العمل الاتحادية، فإن حوالي 63% من الأشخاص العاملين عبر شركات وسيطة في عام 2017 كانوا يجنون أقل من متوسط الراتب التي يحصل عليها العامل بدوام كامل.
وتؤكّد د. سلام سعيد على ضرورة أن تصدر الحكومة الألمانية قرارات تجعل العاملين عبر الشركات الوسيطة يتمتعون بالحقوق العمالية كاملة.
أما فيما يتعلق باللاجئين العاملين عن طريق هذه الشركات بشكل خاص، فتقترح الخبيرة الاقتصادية ألا يتم الضغط عليهم، وخصوصاً ذوي الكفاءات العالية منهم، للقيام بأعمال لا تناسب مؤهلاتهم، وتضيف: "عوضاً عن ذلك يجب العمل على تحسين مهاراتهم اللغوية وتسهيل الاعتراف بمؤهلاتهم وتحسينها عن طريق الدورات أو التدريب المهني".
وينتظر اللاجئ السوري إسماعيل درويش أن يتم فصله من الشركة ليتوجه إلى مكتب العمل ويطلب الدعم من أجل تحسين خبراته في مهنته الأساسية، ويشير إلى أنه لا يستطيع أن يترك العمل لأن ذلك يعني احتمال أن يقوم مكتب العمل بقطع جزء من إعانات البطالة المقدمة له لثلاثة أشهر، كما يقول.
يقول المهندس السوري: "ينبغي على ألمانيا أن تساعدنا بشكل أكثر فعالية، فإذا وجد لنا مكتب العمل فرص تدريب ضمن مجال اختصاصنا سنستطيع العمل باختصاصاتنا خلال عدة أشهر"، ويضيف: "عندها نستطيع تحسين أوضاعنا المعيشية والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الألماني".
محيي الدين حسين