عماد الدين حسين: حملة الانتخابات الرئاسية تبدأ مبكراً
١٤ سبتمبر ٢٠١٧يبدو أن حملة الانتخابات الرئاسية في مصر قد انطلقت بصورة غير رسمية وغير معلنة. الشواهد والمؤشرات والعلامات علي ذلك كثيرة خصوصا للمتابعين لهذا الملف، وبالتالي يمكن توقع شكل وطبيعة المعركة الانتخابية المقبلة والمتوقعة قبل نهاية شهر مايو/ أيار المقبل، ما لم تحدث معجزة وتتأجل الانتخابات إذا تم تعديل الدستور بزيادة فترة حكم الرئيس إلى ست سنوات بدلاً من أربعة بأثر رجعي وليس من الفترة الرئاسية المقبلة.
أول مؤشر هو تداول بعض وسائل الإعلام المصرية يومي الأحد والاثنين الماضيين لخبر يقول إن هاشتاغ "هنختار السيسي" يتصدر تويتر لليوم الثاني على التوالي. صحيفة مصرية خاصة قالت إن: "مستخدمي تويتر الذين غردوا عبر الهاشتاغ، عبروا عن انحيازهم الكامل للسيسي في الانتخابات المقبلة، وثقتهم في قيادة الرئيس، وعبوره بمصر إلى بر الأمان، ومجهوداته الضخمة خلال الفترة الماضية، في ظل ظروف عصيبة شهدتها البلاد، وما حققه في ملف التنمية والتصدي للإرهاب".
ونقلت الصحيفة تغريدات يقول بعضها: "هنختار السيسي تاني عشان يجيب حق الشهداء ويخلص على الإخوان، ولأن مصر أفضل معاه، ولأنه أفضل رئيس في العالم".
في نفس التوقيت تقريباً شكل اتحاد القبائل العربية "ائتلاف حب الوطن"، للانضمام إلى حملة "السيسي رئيساً". وقال القائمون على الاتحاد إنهم يمثلون ملايين المصريين في معظم المحافظات، واتفقوا جميعاً على انتخاب السيسي لفترة رئاسية ثانية.
المؤشر الثاني هو الحوار الذي أجراه القيادي الناصري والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحى مع تلفزيون بى بي سي عربي مساء يوم الأحد الماضي أيضاً، وقال خلاله إنه لن يترشح للرئاسة، لكنه شن هجوماً عنيفاً وحاداً ضد الحكومة والنظام، وإنه: "سيقف خلف أي مرشح مدني يرفع مبادئ ويطبق سياسات تحقق أهداف ثورة 25 يناير 2011".
وقال صباحي في الحوار مع نوران سلام في برنامج "بلا قيود": "إنه ليس بالضرورة أن يكون مرشح البديل الثوري شخص بعينه، بل هناك أسماء أخرى مطروحة من بينها معصوم مرزوق وهشام جنينة وخالد على، وإنه يدعو كل القادرين علي أداء هذا الواجب الوطني للترشح، وأن يتفقوا على مرشح واحد، بسبب أن هذه السلطة الهشة الضعيفة الفاشلة فقدت شعبيتها، وإن البديل لم يبلور نفسه بعد". وحذر صباحي من أي محاولات لتعديل الدستور من أجل مد فترة حكم الرئيس إلى ست سنوات.
المؤشر الثالث هو ما نشرته جريدة "اليوم السابع" وذكرت فيه أن رجل الأعمال المعروف الدكتور ممدوح حمزة، قام بتشكيل لجنة تسمى "جبهة التضامن للتغيير"، أقرب ما تكون إلى المجلس الرئاسي، وتضم الجبهة طبقاً لما نشرته الصحيفة كل من عمرو موسى ومحمد أبو الغار وعمرو الشوبكي وعبدالمنعم أبو الفتوح وآخرين، وأن حمزة اجتمع مع هذه الشخصيات وغيرها كل على حده، لتدشين المجموعة السياسية الجديدة لدعم مرشح رئاسي مدني في انتخابات 2018 مع إلزامه بتبني مطالب ورؤية المجموعة والسعي إلى تحقيقها.
لكن عقب نشر هذا الكلام بساعات قليلة سارع كل من عمرو موسى وعمرو الشوبكي ومحمد أبو الغار، إلى نفي وجود هذه الجبهة أو انضمامهم إليها. وتحدث عمرو موسى لأكثر من وسيلة إعلام، نافياً الأمر جملة وتفضيلاً، ومؤكداً أيضاً أنه لا ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية، التي سبق أن خاضها بالفعل عام 2012.
وإذا كان حوار حمدين صباحي مع البي بي سي، انتهى إلى أنه لن يترشح للانتخابات، فإن القصة الأخيرة أسفرت عملياً أيضاً عن تصريح قاطع من عمرو موسى بأنه لن يترشح.
المؤشر الرابع هو إطلاق بعض مؤيدي المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق لحملات إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي تدعوه إلى خوض الانتخابات المقبلة. شعار الحملة هو "لا مستقبل إلا بالتغيير.. أحمد شفيق رئيساً لمصر".
شفيق لم يعلن عن نوايا حاسمة حتى الآن، فيما يتعلق بترشحه خصوصاً أنه يقيم في الإمارات العربية المتحدة، ولم يعد لمصر منذ غادرها عقب هزيمته أمام مرشح الإخوان محمد مرسي في انتخابات الرئاسة في صيف 2012، بفارق ضئيل جداً. لكن شفيق بدأ مؤخراً في توجيه العديد من الانتقادات للنظام الحالي، خصوصاً في قضية تيران وصنافير.
وظل شفيق يخضع لمحاكمات قضائية، منذ مغادرته مصر، وحتى شهور قليلة مضت، لكن تمت تبرئته من معظمها، كما تم رفع اسمه من قوائم الترقب والوصول في المطارات المصرية، لكن شيئاً ما غامضاً ما يزال يمنعه من العودة لمصر رسمياً.
المؤشر الخامس هو بدء الحديث في المعسكر المؤيد والمعارض عن الإنجازات والإخفاقات. مؤيدو الرئيس يتحدثون كثيراً الآن عن الإنجازات التي تحققت، والأخرى القادمة على الطريق، في حين أن معارضي السيسي يتحدثون عن الإخفاقات الكثيرة للنظام، من أول التنازل عن تيران وصنافير مروراً بما اسموه "المشروعات الكبرى" التي لا يحتاجها الاقتصاد المصري حالياً، خصوصاً مشروع العاصمة الإدارية.
ما يمكن قوله من المؤشرات السابقة وغيرها، أننا بدأنا فعلاً الحملة الإعلامية للانتخابات الرئاسية، رغم أن لجنة الانتخابات الرئاسية لم تعلن حتى الآن رسمياً عن بدء الحملة أو تحديد الجداول والمواعيد المنظمة لها والتي يفترض أن تبدأ مع بداية العام الجديد.
يبدو من المشاهد والمؤشرات الأخيرة، أننا قد نشهد "حرب تكسير عظام" في الأسابيع المقبلة بين أنصار الرئيس السيسي ومعارضيه.. وبالتالي فإن موسم الخريف الذي يطرق أبواب مصر هذه الأيام، لن يكون هادئاً بالمرة على المستوى السياسي.