أوباما ونتنياهو: فتور العلاقات بين حليفين
٢١ مارس ٢٠١٥العلاقات المتوترة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تنتهي. باراك أوباما تأخر في تهنئة نتنياهو على فوزه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي حصد فيها حزب الليكود الأغلبية. حيث اتصل بالقيادي الإسرائيلي مهنئاً بعد يومين من فوزه ومشدداً في الوقت ذاته على أهمية "الشراكة العميقة والدائمة" بين الدولتين.إلا أن وزير الخارجية جون كيري كان قد سبقه في ذلك. وقبل اتصال أوباما الهاتفي، انتقد البيت الأبيض إعلان نتانياهو خلال حملته الانتخابية أنه يعارض قيام دولة فلسطينية فضلاً عن تصريحاته المحذرة من كثافة مشاركة "عرب 48/ إسرائيل" في الاقتراع.
استمرار فتور العلاقات ظهر أيضاً جلياً بتحذير أوباما لنتنياهو من أن الولايات المتحدة ستعيد تقييم سياساتها تجاه إسرائيل بعد هذه التصريحات. وبالرغم أن الولايات المتحدة تعد حليفاً تاريخياً لإسرائيل، إلا أن جوش ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض وتعليقا على تصريحات نتنياهو قال: "حليفنا (إسرائيل) لم يعد ملتزماً بهذا الحل. هذا يعني أنه علينا إعادة تقييم موقفنا بهذا الشأن، وهذا ما سنفعله". فهل تشير هذه الدلائل إلى تغير في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل؟
"تغير عابر"
كريستيان براكل، من رابطة العلاقات الخارجية الألمانية في برلين، وفي حديث خاص معDW عربية يرى إن كان هناك تغير في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، فهذا تغير عابر، على حد تعبيره. فهذه هي الولاية الأخيرة لأوباما وهو يعرف أن وقته محدود لاتخاذ أية إجراءات. وحملات انتخابات الرئاسة الأمريكية على وشك البدء. ويؤكد براكل أن تغيير دائم في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل أمر غير وارد، ولكن من الممكن أن توافق إدارة الرئيس أوباما على استصدار قرار للأمم المتحدة يدين فيه إسرائيل.
وهو ما تؤكده أيضا تصريحات المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش أرنست، الذي قال إن "الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة في الأمم المتحدة تستند إلى فكرة أن حل الدولتين هو النتيجة الأفضل" وأن " التزام حل" الدولتين "يشكل ركيزة السياسة الأميركية في هذه المنطقة". وخطوة كهذه من شأنها أن تمثل انعطافاً في العلاقات لم تشهده الدولتان خلال سنوات. وسيكون قد مر حوالي 40 عاماً على موافقة الرئيس الأميركي رونالد ريغان على تمرير قرارات في الأمم المتحدة تدين إسرائيل بعدما قصفت منشآت نووية عراقية.
ولطالما عارضت الولايات المتحدة المساعي داخل الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية معتبرة أن ذلك يجب أن يكون جزءاً من اتفاق سلام متفاوض عليه. كما أنها أنقذت إسرائيل مرات عدة من التصويت ضدها في قضايا عدة من بينها اتهامات بانتهاكها لحقوق الإنسان.
"لا تراجع" و"انعدام الجدية"
نتنياهو من جانبه، نفى في ساعة متأخرة من ليلة أمس الخميس أن يكون قد تراجع في حملته الانتخابية عن مواقف سابقة له بإعلانه رفضه قيام دولة فلسطينية، مؤكداً أن حل الدولتين ممكن التوصل إليه، ولكن بشروط من بينها اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل. وقال نتانياهو لشبكة "ان بي سي" التلفزيونية الأميركية "أنا لم أتراجع عن أي شيء قلته في خطابي قبل ستة أعوام عندما دعوت إلى حل مع دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بدولة يهودية. لقد قلت ببساطة إن الشروط لهذا الأمر لم تتحقق اليوم". وأضاف أنه يطالب السلطة الفلسطينية بقطع علاقاتها مع حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة والانخراط في مفاوضات "حقيقية" مع إسرائيل.
من جانبه، اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تلك تصريحات تدل على أنه "لا توجد جدية" لدى إسرائيل للحل السياسي. وقال "إن صح هذا الكلام، فمعنى ذلك أنه لا توجد جدية لدى الحكومة الإسرائيلية للحل السياسي الذي يؤدي إلى إقامة دولتين على أساس الشرعية الدولية، دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية".
لائحة اتهام ضد إسرائيل
وفي معرض سؤال حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع عزم القيادة الفلسطينية تقديم أول لائحة اتهام ضد إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية في الأول من نيسان/ابريل المقبل، يقول كريستيان براكل، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، إن هناك تكهنات لدى أشخاص قريبين من الإدارة الأمريكية بأن تقوم الولايات المتحدة بالتباحث مع الفلسطينيين لثنيهم عن القيام بهذه الخطوة، في مقابل الموافقة أو دعم استصدار قرار أممي يدين سياسة إسرائيل الاستيطانية. ويؤكد براكل أن موافقة الجانب الفلسطيني على هذا العرض محط تساؤل. فالأمريكيون ليسوا في وضع يسمح لهم بالتهديد بشكل كبير وإن كان بإمكانهم التهديد بقطع المساعدات الأميركية المالية عن الفلسطينيين، كما حدث في عهد الرئيس جورج دبليو بوش.
يأتي ذلك فيما أفادت مصادر دبلوماسية اليوم أن رئيس مجلس النواب الأمريكي جون بينر سيزور إسرائيل فينهاية الشهر الحالي.علماً بأنه مؤيد قوي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأغضب بينر الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزملاءه الديمقراطيين بدعوة نتنياهو لإلقاء كلمة أمام الكونجرس بداية هذا العام وقبل الانتخابات الإسرائيلية. وتمت الترتيبات دون إطلاع البيت الأبيض عليها، واستغل نتنياهو الكلمة لتوجيه الانتقاد إلى جهود إدارة أوباما لإبرام اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.