علاء الأسواني: كيف تحتفظ بمنصبك الوزاري؟!...
١٣ سبتمبر ٢٠١٦**
أولا: أعرف حدودك
ـ تذكر أنك وزير في مصر حيث لا تغيير جوهرى في السياسات منذ عقود. كل المطلوب منك أن تقود وزارتك بدون كوارث أو فضائح .. لست وزيرا منتخبا سيحاسبه ناخبوه. رأيالناس فيك لا يجب أن يشغلك. ادخر طاقتك لارضاء الرئيس لأنه هو الذى يعينك ويقيلك كما يشاء بدون ابداء أسباب..هناك وزراء فاشلون ظلوا طويلا في مناصبهم ووزراء أكفاء تمت اقالتهم بعد شهور. تذكر أنك مجرد سكرتير للسيد الرئيس واذا صدقت نفسك وتصرفت كوزير حقيقي، اذا حققت انجازات واكتسبت شعبية عند الناس فان الرئيس سيطيح بك فورا لأن الاعجاب يجب أن يظل خالصا للرئيس وحده دون سواه . .
**
ثانيا: مجِّد سيدك الرئيس
إياك أن تفعل شيئا بدون أن تؤكد أنه "بناء على توجيهات السيد الرئيس"، امدح الرئيس دائما بحماس وبلا هوادة. امدحه في الوزارة والتليفزيون والصحف، امدحه في جلساتك الخاصة وفي مآدب العشاء وفي مجلس الوزراء أمام زملائك. امدحه حتى في بيتك مع زوجتك وأولادك. لقد فقد وزراء مناصبهم لأنهم تحدثوا في بيوتهم بما لايليق فنقلت أجهزة الأمن للرئاسة ما قالوه. الرئيس يحب المديح جدا حتى لو تظاهر بالعكس. ادرس خطب الرئيس بتعمق واستخرج منها المعاني.. اذا استعمل الرئيس – مثلا - كلمة "الفراغ الاستراتيجي".. سارع بنتظيم ندوة في وزارتك بعنوان "نظرية الفراغ الاستراتيجي في رؤية السيد الرئيس" .. افتتح الندوة بالثناء على نبوغ السيد الرئيس الذى كان أول من انتبه إلى وجود الفراغ الاستراتيجي قبل مراكز الأبحاث الدولية والجامعات الغربية. ستجد بالطبع عشرات من أساتذة الجامعة مستعدين لحضور الندوة ليتنافسوا في مديح الرئيس والاشادة برؤيته الثاقبة. اظهر في التليفزيون في حوار طويل واطلب من المذيع أن يسألك عن ذكرياتك مع سيادة الرئيس.. أجب عنالسؤال بحكاية حدثت عندما سافرت مع الرئيس إلى الخارج وكان سيادته يعمل 18 ساعة يوميا وفي الصباح تكون أنت متعبا للغاية بينما يكون الرئيس في منتهى اللياقة الذهنية. عندئذ سألته:
- سيادتك تنام كم ساعة يوميا؟
أجاب سيادته:
ــ أنام ساعتين على الأكثر
وعندما أشفقت عليه ابتسم سيادته وقال: .
- لا أستطيع أن أنام قبل أن أحقق الرخاء لبلدي وشعبي.
حكاية كهذه ستعجب الرئيس جدا (حتى لو كانت من صنع خيالك) وفي اجتماع مجلس الوزراء القادم سوف تحظى من الرئيس بسؤال كريم عن أحوالك أو ابتسامة ودية مخصصة لك. حقا ما أسعدك ...
**
ثالثا: اطلب رضا الأمن
أجهزة الأمن هي التى تحكم مصر منذ عام 1952. لم تكن لتحصل على منصبك لولا موافقة الأجهزة الأمنية..هؤلاء أسياد البلد فعلا.. أى ضابط صغير في أمن الدولة أو المخابرات يستطيع أن يقيلك من منصبك بتقرير أمنى واحد. اسع إلى صداقة الضباط وتقرب إليهم. قد تجد بعضهم متعجرفا سخيفا.. تحمل فهذا ثمن منصبك. استشر الأمن في كل كبيرة وصغيرة وبين الحين والآخر اختر حالة فساد صغيرة في وزارتك وأبلغ عنها الرقابة بنفسك. بعد القبض على الفاسدين صرح للاعلام بأنك تطبق تعليمات الرئيس الذى أعلن الحرب على الفساد. اياك أن تتهور وتدخل في مواجهة مع فاسد كبير لأنك لا تعلم من يقف وراءه وقد يتسبب بالاطاحة بك كما حدث مع وزراء كثيرين.
**
رابعا: اكسب الإعلام
الاعلاميون هم من سيتولون اظهار صورتك فاكسبهم إلى صفك. أغدق على الاعلاميين الذين يغطون أخبار وزارتك. نفذ طلباتهم و امنحهم هدايا واصطحبهم على حساب الوزارة في رحلاتك الخارجية. سيدافعون عنك وسيمنعون نشر كل ما يسيء اليك ..
**
خامسا: الافتتاح والتفتيش
كل أسبوعين أو شهر على الأكثر يجب أن تفتتح شيئا جديدا، مدرسة أو كوبرى أو حتى صومعة قمح. ادع الرئيس في كل مرة ليشرفك في الافتتاح. اذا جاء سيادته سيكون يوم السعد واذا تعذر مجيئه فيجب أن يتم الافتتاح تحت صورة كبيرة له ويجب أن تذكر فضله على المشروع.
تذكر أن الهدف هنا هو الافتتاح وليس تشغيل المشروع. بعض المشروعات تم افتتاحها أكثر من مرة ومشروعات كثيرة افتتحت ثم لم تعمل وطواها النسيان. كل أسبوع استدع فريقك الاعلامي وانزل إلى الشارع في جولة تفتيشية مصورة. اذا كنت وزير التموين تفقد المخابز واذا كنت وزير الصحة تفقد الصيدليات.عندما تجد موظفا مقصرا في عمله اغضب ثم وبخه بشدة وبصوت مرتفع حتى يكون المشهد صالحا للاذاعة في برامج المساء. بعد نهاية التفتيش لا تنس أن تؤكد على انك تنفذ تعليمات الرئيس.
**
سادسا: كن مبدعا وضع لمساتك
ـ تعلم كيف تدليللصحفيين بجمل تصلح كعناوين رئيسية.. فيما يلى أمثلة لما يمكن أن تقوله:
- إن قيادة الرئيس لمصر حتمية تاريخية وجغرافية
- علمنا سيادة الرئيس أن الوطن هو الحضن وأن حبة التراب المصري أثمن من الذهب وأغلى من العين
- إن قيادة الرئيس لمصر في هذا المنعطف التاريخي قد أحبطت المؤامرة الدولية ضد مصر وأربكت الدول الكبرى وأرغمتها على إعادة حساباتها ..
****
عزيزي الوزير
اذا نفذت النصائح السابقة فلن تفقد منصبك أبدا بغض النظر عما تفعله في وزارتك...
الديمقراطية هي الحل