علاء الأسواني: ..خمسة أسئلة عن أحمد دومة...
١٠ أكتوبر ٢٠١٧المصريون جميعا يعلمون ان المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد تنحي مبارك قد ارتكب ( بدعم من الاخوان المسلمين) انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وتسبب في مقتل مئات المصريين في مذابح متعاقبة، مثل ماسبيرو ومحمد محمود وفي أحداث مجلس الوزراء اعتصم شباب الثورة احتجاجا على اختيار كمال الجنزوري لرئاسة الوزراء ( لأنه أحد رجال مبارك) وفي يوم 16 ديسمبر عام 2011 ارتكبت قوات الجيش والشرطة اجراءات قمعية عنيفة ضد المعتصمين أسفرت عن مقتل 19 مواطنا كما قاموا بتعذيب المعتصمين وهتك عرض البنات في وقائع مسجلة بالصوت والصورة أشهرها واقعة "ست البنات" التي قام فيها الجنود بالاعتداء على بنت وخلع ملابسها حتى تعرت تماما في الشارع وهم يضربونها بأحذيتهم.
المعروف أن السلطة استعملت مجموعات من البلطجية لحرق المجمع العلمي وجزء من مجلس الشعب وسط تقاعس مريب من سيارات المطافئ التي كانت قريبة من المكان الأمر الذى دفع شباب الثورة إلى محاولة اطفاء الحريق وانقاذ وثائق المجمع العلمي،
وقد تم الصاق تهمة احراق المجمع العلمي بشباب الثورة وراح الاعلام - تنفيذا لتعليمات الأمن - يردد ان شباب الثورة أحرقوا المجمع العلمي واستعملت هذه القضية للتخلص من شباب الثورة ومن أبرزهم أحمد دومة وهو شاب ثوري مناضل تم اعتقاله 18 مرة في عهد مبارك والمجلس العسكري والاخوان وأخيرا في عهد السيسي.
حوكم أحمد دومة في عام 2012 بتهمة الاشتراك في حرق المجمع العلمي وتمت تبرئته من التهمة وأطلق سراحه ولكن بعد أن تولى السيسي الحكم فتحت القضية من جديد وحوكم دومة على ذات التهمة التي تمت تبرئته منها من قبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"نحن حريصون دائما على اعلاء وتعزيز قواعد حقوق الانسان ولكن بالمفهوم الشامل"
السيسي في حديثه للمجلس الحكومي لحقوق الانسان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أن فتحت القضية مجددا انقسمت إلى قضيتين: قضية تعذيب وقتل المتظاهرين (وعددهم 19 شهيدا) والمتهمون فيها ضباط الشرطة والجيش تمت احالتها إلى القضاء العسكري ولم تتم محاكمتهم حتى الآن بعد مرور أربع سنوات. أما القضية الثانية وهي احراق المجمع العلمي ومجلس الشعب فقد اٌتهم فيها 269 شابا وأحيلت إلى محكمة الارهاب برئاسة القاضي محمد ناجي شحاته الذي أسفر عن رأيه في القضية في أحاديث صحفية قال فيها إن ثورة يناير مؤامرة خسيسة وإن شباب الثورة مثل أحمد دومة خونة وعملاء. أبسط قواعد العدالة الا ينظر القاضى في قضية أعلن فيها موقفه سلفا لكن ناجي شحاته برغم ذلك استمر في نظر القضية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" نحن مهتمون، للغاية، بترسيخ دولة القانون واحترام حقوق الانسان"
من حديث السيسي للسناتور جون ماكين رئيس لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ الأمريكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رفض القاضى ناجي شحاته كل الطلبات التي قدمها محامو الدفاع عن دومة ومن ضمنها طلبات من أبسط حقوقه مثل الاستماع إلى شهود النفي وفي سابقة لم تحدث من قبل في القضاء رفض القاضي ناجي شحاته السماح للمحامين بالاطلاع على أوراق القضية وعندما اعترض المحامون على منعهم من الاطلاع قام ناجي شحاته باحالتهم للنيابة بتهمة الاساءة للقضاء ونظرا لغرابة تصرف هذا القاضى ومنعه لأبسط حقوق الدفاع أعلنت نقابة المحامين منع أي محامي من الترافع أمام دائرة ناجي شحاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" أؤكد لسيادتكم توافر كافة الحقوق والضمانات القانونية لأي متهم يحاكم في مصر"
السيسي في حديثه لرئيس وزراء أيرلندا "ليو فارادكار"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدهورت صحة أحمد دومة في السجن وأصبح عاجزا عن الحركة بشهادات رسمية من أطباء السجن لكن القاضي ناجي شحاته أصر على حضوره برغم شدة مرضه وأصدر قرارا بعدم نقله للمستشفى الا بعد موافقة القاضي شخصيا وهذا بالطبع مخالف للقانون الذي ينص على حق الطبيب في نقل المتهم إلى المستشفى اذا تدهورت حالته الصحية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لا أغضب أبدا من أولادي الشباب المختلفين معي فمن حقهم أن أسمعهم ويسمعوني لأن الشباب أمل مصر"
السيسي في حديث لاحدى الفضائيات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يوجد دليل واحد ولا شاهد واحد على ان أحمد دومة اشترك في احراق مجلس الشعب أو المجمع العلمي كما انه لو كان ارتكب هذه الجريمة فان أقصى عقوبة يحددها القانون هي الحبس لمدة 15 عاما لكن القاضى ناجي شحاته حكم على دومة بالسجن المؤبد 25 عاما مع تغريمه مع بقية المتهمين مبلع 17 مليون جنيه. أحمد دومة في الحبس الانفرادي منذ أربع سنوات مع ان لائحة السجون في مصر لا تجيز حبس أى متهم انفراديا لمدة أكثر من شهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع احترامنا الكامل للقضاء المصري الذى نعرف جميعا انه شامخ فان لدينا أسئلة:
أولا: كيف تتم تبرئة متهم في قضية ثم تعاد محاكمته في نفس القضية ولماذا لم يحاكم القضاء العسكري الضباط المتهمين بقتل 19 مواطنا مصريا وتعذيب عشرات المواطنين..؟
ثانيا: كيف نظر القاضي ناجي شحاته هذه القضية بعد أن أعلن ادانته لدومة مسبقا في حديث منشور مما يفقده شرط الحياد الواجب توافره في أي قاض..؟
ثالثا: كيف تتوافر شروط العدالة في المحاكمة اذا كان القاضى شحاته رفض اطلاع المحامين على القضية وما مدى قانونية الحكم في هذه الحالة؟
رابعا: كيف حكم القاضي شحاته على دومة بالمؤبد بينما أقصى عقوبة لهذه التهمة السجن 15 عاما؟
خامسا: كيف يقضى أحمد دومة أربع سنوات في الحبس الانفرادي بينما الحد الاقصى في لائحة السجون شهر واحد؟
الديمقراطية هي الحل
*المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW