عتاد لاجئ الى أوروبا - هاتف جوال وحقيبة صغيرة وأمل كبير
١٧ أكتوبر ٢٠١٥إنها الساعة الخامسة صباحا. يقف منار مرهقا أمام السفارة السورية في عمان. الشاب ذو الـ17 عاما بحاجة إلى جواز سفر جديد حتى يمكنه مغادرة الأردن. وهو يود السفر إلى أوروبا على غرار العديد من اللاجئين الشباب. " مدة الإنتظار في الصف طويلة ، لذلك أتيت هنا في الصباح الباكر. أريد السفر إلى تركيا ومن هناك مواصلة الطريق إلى اليونان". ركب منار سيارة أجرة للتنقل إلى مدينة إربد، شمال الأردن، حيث تعيش أمه وأخوته الثلاثة الأصغر منه سنا. وخلال الرحلة من العاصمة عمان إلى مدينة إربد والتي استغرقت ساعتين يروي منار قصة فراره من الحرب في موطنه بمدينة درعا بالجنوب السوري. ويقول إنه فر مع أفراد عائلته عبر الحدود إلى الأردن حيث أقاموا بداية في مخيم الزعتري. "لدي شعور قوي بأن كل الأبواب هنا مغلقة. أنا أريد صنع مستقبل لإخوتي الصغار. ليس ذلك ممكنا في الأردن"، كما يؤكد منار. ولتحقيق ذلك فهو مستعد للمخاطرة بحياته من خلال عبور البحر على متن قارب مطاطي باتجاه أوروبا، انطلاقا من الأراضي التركية."
خفض المساعدات للاجئين
ساء الوضع بالنسبة للكثير من اللاجئين، منذ أن قام برنامج التغذية العالمي بفض مساعداته وتوقف عن منح قسائم الطعام، كما يحكي عم منار أبو محمد (تم تغيير الاسم من قبل هيئة التحرير). "العديد من اللاجئين يتكلمون عن ذلك والعديد منهم يفكرون في إرسال أولادهم إلى أوروبا، لضمان مستقبل افضل لهم على الأقل." ويقول أبو محمد إن ابنيه أيضا خاضا رحلة خطيرة عبر المتوسط للوصول إلى ألمانيا. وهما الآن في مركز لإيواء اللاجئين في مدينة ميونخ الألمانية.
كانت الأردن خلال السنوات الماضية ملاذا لآلاف اللاجئين من مناطق الحروب في العراق واليمن وسوريا، وأصبحت الآن منطقة عبور. وفق المفوضية العليا لغوث اللاجئين التابعة لللأمم المتحدة يعيش في الأردن نحو 630 ألف لاجئ ، حيث تم تسجيلهم ، فيما تتحدث الحكومة الأردنية عن مليون و400 ألف لاجئ قدموا إلى الأردن منذ عام 2011. في الوقت الحالي يفكر الكثير منهم في مغادرة البلاد. ووفقا للمفوضية العليا لغوث اللاجئين، فقد غادر نحو 3500 لاجئ سوري الأردن إلى أوروبا، فيما تشير التوقعات إلى أن العديد منهم غادر الأردن إلى تركيا إما عبر سوريا، لمن ليس بإمكانه شراء تذكرة طائرة إلى اسطنبول، أو مباشرة إلى تركيا لمواصلة الطريق المحفوفة بالمخاطر باتجاه أوروبا.
"العيش في الأردن كلاجئ أصبح صعبا للغاية"
منار يتابع آخر الأخبار عن وطنه كما يتبادل المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع لاجئين آخرين عبروا المتوسط إلى أوروبا. ويقول منار إنه في الوقت الحالي لايمكنه تصور كيفية العيش في ألمانيا. "أعرف أن الأمر لن يكون سهلا. ولكن أبناء عمي أخبروني بأن الألمان يحترمون الناس ويعطون فرصة." ويضيف بأنه يأمل في الدراسة في ألمانيا، موضحا بأنه يعلم ضرورة تعلم اللغة الألمانية في البداية. ويقول بإنه قام بتحميل قائمة من الكلمات ألمانية ومرادفاتها بالعربية على هاتفه الجوال.
من جهته يعمل عم منار على دعمه حسب المستطاع، غير أنه يؤكد بأنه يريد البقاء على أرض الواقع. "الجميع يتحدث عن ماما ميركل وأن ألمانيا تأوي اللاجئين"، كما يلاحظ أبو محمد. ويشير في نفس الوقت إلى أنه لا يعرف بالتحديد ما قد ينتظر اللاجئين في أوروبا. "العديد منهم لديهم تصورات خاطئة عما ينتظرهم هناك وسيخاطرون بأنفسهم على الأرجح، لأن الضغوط هنا كبيرة جدا."
منار أعد حقيبته للإلتحاق بآلاف اللاجئين الذين عبروا إلى أوروبا قبله. "المهم أن تكون الحقيبة خفيفة، لأنني سأحملها كل يوم على ظهري"، كما يقول. ويشير إلى أن لديه تجربة في ذلك من خلال تجربة فراره من سوريا، حيث كان قد حمل حقيبة صغيرة على ظهره. وأهم شيء في ذلك بالنسبة له هاتفه الجوال الذي خزن فيه صور عائلته وأصحابه. وعلى الرغم من ذلك فإنه يتخوف مما قد ينتظره من مخاطر في طريقه بعدما قام بتوديع أهله. "في المرة الأولى اضطررنا للهرب من سوريا في منتصف الليل. ولقد كان ذلك أمرا صعبا للغاية. والآن يتعين علي الرحيل مرة أخرى. لم أتصور من قبل ابدا أني سأكون مجبرا على ترك عائلتي وأصدقائي ودون سكن"، فهو ينظر الآن إلى الأمام وأمله كبير في أن " تجري الأمور نحو الأفضل."