عبد الباسط سيدا: الاتفاق مقبول لكن التحدي الأكبر في التطبيق
٢٩ ديسمبر ٢٠١٦DW عربية: كيف تنظر إلى هذا الاتفاق في رد فعل أولي؟
عبد الباسط سيدا: بشكل أولي، أعتبر هذا الاتفاق مقبولا، إذ جاء بعد محادثات طويلة، وبعد تداول في شروط وظروف الوضع. لكن لننتظر كيف ستطبق الأمور على الأرض لأن النظام عودنا دائما على الخروقات وعدم الالتزام بالمواثيق. والملاحظ هو أن روسيا هي التي تكفلت بالنظام (السوري) وأتباعه، في حين ضمنت تركيا فصائل المعارضة الميدانية.
من جانبنا نحن نقول دائما إن الحل السياسي هو المطلوب، ومن مقدمات الحل السياسي وقف إطلاق لنار، ولكن لا بد من انتظار ما ستسفر عنه الأمور في المرحلة المقبلة.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التوصل لهدنة أو وقف لإطلاق النار في سوريا. ما الذي تغير بالمقارنة مع التجارب السابقة، وهل هناك عوامل جديدة من شأنها ضمان نجاح الاتفاق؟
الجديد في الموقف هو أن الروس يسعون للخروج من المأزق الذي تورطوا فيه، ذلك أن عملية الاستمرار في الأعمال القتالية في سوريا إلى مدى غير محدود تشكل عبئا ثقيلا على روسيا اقتصاديا وأخلاقيا؛ وحتى من الجانب السياسي من حيث العلاقة مع لاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول الإقليمية.
أما دور تركيا فقد برز هذه المرة بقوة من حيث استخدامها لنفوذها لدى الفصائل في سبيل الوصول لاتفاق جدي مع الروس. أما الجانب الإيراني، فرغم كونه على صلة بما يجري، إلا أنه ليس متحمسا. وهو كان يسعى لاستثمار نتائج معركة حلب للتمدد في بقية المناطق السورية. الروس تنبهوا لهذا الجانب، وفهموا أن ذلك سيزيد الوضع تعقيدا، وهو ما سيقطع بالتالي الطريق على إمكانية الحل السياسي، الذي تعلن جميع الأطراف أنها تريده، لكن كل واحد منها يفسره حسب رؤاه وحساباته.
لنتوقف قليلا عند الدور الإيراني الذي أشرت إليه، فإيران لم توقع على الاتفاق. ماهي في اعتقادك خلفيات الموقف الإيراني، وهل تعتقد أن اتفاقا من هذا النوع يمكن أن ينجح دون مباركة طهران؟
هذا الأمر يتوقف على الجانب الروسي، وهو الذي يضمن موقف النظام وموقف الطرف الإيراني والفصائل التي تأتمر بالأوامر الإيرانية. وإذا لم تلتزم إيران بالاتفاق فقد ينشأ مشكل بينها وبين روسيا. نحن نعتقد أن لإيران دورا فاعلا في الملف السوري. وإيران تدرك تماما أنها إذا تجاوزت الجانب الروسي فستفقد الكثير من أوراق القوة في الوضع الميداني والقتالي في سوريا.
من بين فصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق، هناك حركة أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام ونور الدين الزنكي، ما لذي يضمن التزامها بالاتفاق؟
حسب معلوماتنا هناك تواصل بين هذه الفصائل وبين القيادات السياسية في المعارضة سواء في الائتلاف أو ضمن الهيئة العليا للمفاوضات. وهذه الفصائل تدرك تماما هي الأخرى طبيعة الظروف الحالية وكذلك المواقف الإقليمية والدولية وتغير أولويات الدول. إنه اتفاق جاء بعد مفاوضات عسيرة ومعقدة وطويلة إلى حد ما. المعطيات التي لدينا تقول إن هذه الفصائل ستلتزم بوقف إطلاق النار في حال التزم به الجانب الآخر.
هناك سؤال عريض آخر يتعلق بالدور الأمريكي. هل يمكن لاتفاق من هذا النوع أن ينجح دون إشراك الولايات المتحدة الأمريكية؟
الموقف الأمريكي مهم. الولايات المتحدة تريد بدورها وقفا لإطلاق النار وانطلاق العملية السياسية في سوريا، وبالتالي ما تم التوصل إليه لا يتعارض مع الإستراتجية الأمريكية. لكن السؤال هل هذا الاتفاق جزئي أم تمهيدي، يمهد لاتفاق أعم وأشمل؟ هذا الاتفاق يشمل الشمال السوري والمنطقة الغربية من سوريا تحديدا، لكن هناك المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية. وهي مسألة لا يمكن أن تعالج دون دور أمريكي ودور عربي. العرب أيضا لا بد أن يكون لهم دور، خاصة السعودية باعتبار أنها هي التي تقود العرب في الملف السوري. إن أي اتفاق شامل تلتزم به كل الأطراف لابد أن يكون تحت مظلة الأمم المتحدة، استنادا إلى بيان جنيف واحد، والقرارات الأممية ذات الصلة.
تركيا لعبت أيضا دورا أساسيا في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنها لا تزال مصرة على عدد من المطالب من بينها ضرورة مغادرة كل المقاتلين الأجانب لسوريا، بمن فيهم ميليشيات حزب الله اللبناني وكذالك تنحي الرئيس السوري بشار الأسد. كيف تستقيم هذه المطالب في ظل الوضع الحالي؟
النظام (السوري) هو عبارة عن شبح. أما روسيا وتركيا وإيران، فلكل من هذه الأطراف حساباته. وهذا الاتفاق يمثل الحد الأدنى من نقاط التوافق. فتركيا تعلن أن بشار الأسد ليس جزءا من الحل وإنما هو جزء من المشكلة، كما تطالب بإخراج كل الجماعات الغريبة التي دخلت إلى سوريا. داعش وجبهة النصرة جماعات إرهابية، في المقابل هناك حزب الله وعصائب الحق وغيرها من الفصائل .. وهذه أيضا تمارس أعمالا إرهابية بحق الشعب السوري، وبالتالي لا بد من إخراج كل هذه القوى من سوريا بشكل أو بآخر.
سؤال أخير، ما موقع الأكراد في هذا الاتفاق وهل لهم مصلحة فيه؟
الأكراد في نهاية المطاف هم جزء من المجتمع السوري، وقضيتهم برزت كقضية وطنية بامتياز لابد أن تعالج. لكن هذه القضية الوطنية تستغل أحيانا إقليميا خاصة من الجانب الإيراني الذي يستخدمها في مواجهة تركيا لأنه على إطلاع على ما تمثله هذه لتركيا من حساسية.
القضية هنا، هي قضية حزب العمال الكردستاني بالتحديد. ليس الأكراد ككل، إن الأكراد يمثلهم المجلس الوطني الكردي الذي هو جزء من المعارضة السورية ضمن الائتلاف، كما أن هناك منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة الفاعلة، وجميعها ضمن إطار مؤسسات المعارضة. ولكن هذه الورقة (الكردية) لابد أن تجد بدورها طريقا إلى الحل ضمن الحل الشامل الذي ينتظر سوريا.
أجرى الحوار حسن زنيند