"عامود السحاب" هل ستكون مقدمة لحرب جديدة؟
١٥ نوفمبر ٢٠١٢يشهد قطاع غزة منذ ظهيرة يوم الأربعاء (15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) عملية عسكرية إسرائيلية واسعة أطلق عليها اسم "عامود السحاب". وقد بدأت شرارتها بتوجيه ضربة قوية للجناح العسكري لحركة حماس أدت إلى اغتيال أحمد الجعبري، قائد الجناح العسكري في حركة حماس. وهو الأمر الذي تلاه قيام الحركة بإطلاق عشرات القذائف الصاروخية باتجاه البلدات الإسرائيلية.
وتباينت الآراء السياسية حول طبيعة وهدف العملية الإسرائيلية وهل ستكون محدودة ام ستتسع دائرتها لتشكل مواجهة طويلة نسبياً على غرار عملية "الرصاص المصبوب" التي بدأت في 27 كانون الأول / ديسمبر 2008 وساتمرت 22 يوماً.
أهداف محدودة
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنامين نتنياهو أعلن بأن هدف العملية العسكرية الأساسي هو تأمين على أكبر قدر ممكن من الهدوء في جنوب إسرائيل، والحد من إطلاق القذائف من قطاع غزة باتجاه أهداف إسرائيلية.
وتختلف الأهداف التي أعلنها نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك عن الأهداف التي تم إعلانها خلال عملية "الرصاص المصبوب" التي قادها رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت، والتي كانت تهدف إلى القضاء على حركة حماس في غزة.
ويرى محللون سياسيون أن خفض سقف الأهداف الإسرائيلية من العملية، يشير إلى أنها ستكون محدودة في وقتها الحالي، ولكن التطورات على الأرض قد تدفعها إلى الامتداد والاتساع باتجاه مواجهة أكبر وأوسع. إذ أوضح إيال عليما، المراسل العسكري للإذاعة الإسرائيلية في حوار مع DW أن الحكومة بزعامة نتنياهو غير راغبة وغير قادرة على مواجهة عسكرية على غرار عملية "الرصاص المصبوب" في ظل التغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
واتفق معه د. عدنان أبو عامر، المحلل السياسي الفلسطيني، بالقول أن إسرائيل قررت في بداية العملية أن تكون عملية سريعة وخاطفة، لإلحاق اكبر ضرر ممكن بالفصائل الفلسطينية، واصفاً إياها بـ "أصغر من عملية الرصاص المصبوب، ولكنها أكبر من موجة تصعيد اعتيادية"حسبما جاء في حواره مع DW.
وعبر عليما عن أمله في أن تستطيع اسرائيل وقف العملية في الوقت المناسب، في ظل عدم قدرتها على استمرارها لوقت طويل، فيما يرى أبو عامر أن إسرائيل ليست وحدها من تستطيع وقف العملية، وأن حماس تسعى لفرض شروطها أيضاً في ظل المواجهة العسكرية، لاسيما بعد خسارتها لقائدها العسكري.
وأوضح عليما أن تقديرات ضباط الجيش الإسرائيلي حالياً تتلخص في سعي حماس لتحقيق توازن في ردها، من خلال استهداف نوعي مثل قصف سفينة حربية إسرائيلية، أو طائرة عسكرية، أو وصول قذائفها إلى مدينة تل أبيب.
تغيير قواعد اللعبة
ويجمع الخبراء على أن الهدف الأساسي من العملية العسكرية الإسرائيلية هو تغيير قواعد اللعبة وإعادة قوة الردع الإسرائيلية إلى نصابها، لاسيما في ظل محاولة حماس مؤخراً لتغييرها من خلال المبادرة في تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.
وأشار عليما إلى أن العملية ستأخذ منحى آخر عن المتوقع في حال استطاعت حماس قتل عدد كبير من الإسرائيليين، أو في حال سقوط عدد كبير من الفلسطينيين كما حدث في تجارب سابقة في المنطقة.
وشهد قطاع غزة خلال العام الجاري، سلسلة مواجهات وتصعيداً عسكرياً بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وارتفاع عدد القذائف التي تطلقها الفصائل الفلسطينية باتجاه البلدات الإسرائيلية، مما دفع سكان الجنوب الإسرائيلي إلى الخروج بمظاهرات لمطالبة الزعماء السياسيين بالعمل على وقف تلك الهجمات وتحقيق قدر كاف من الحياة الاعتيادية في تلك المدن.
ولا يغفل أبو عامر التنافس الحاد بين الأحزاب السياسية الإسرائيلية ووجود حاجة ملحة لدى القادة السياسيين الإسرائيليين لتحقيق نصر على حماس في غزة، يمكن أن يساعدهم في الوصول إلى سدة الحكم مرة أخرى بعد الانتخابات الإسرائيلية المزمعة في الـ 22 من يناير/كانون الثاني القادم.
فيما اعتبر المراسل العسكري عليما الانتخابات الإسرائيلية عاملاً مهماً أيضاً، لكنها ليست العامل الوحيد في توجيه الضربة العسكرية في هذا الوقت، وإن الهدف الأساسي هو خفض عدد القذائف التي تطلق من قطاع غزة باتجاه إسرائيل.
ردود الفعل
وأدانت السلطة الفلسطينية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، داعيةً إلى وقفه، فيما طالب الرئيس الفلسطيني الجامعة العربية بعقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب للتباحث في المستجدات الميدانية.
وكانت رد الفعل العربي الأبرز من قبل مصر استدعت سفيرها لدى إسرائيل من أجل التشاور، وسلمت رسالة احتجاج للسفير الإسرائيلي لديها، والذي غادر القاهرة مع طاقم السفارة عائداً إلى تل أبيب خشية خروج مظاهرات في مصر.
وقلل المحلل السياسي د. عدنان ابو عامر من نجاعة الخطوة المصرية في وقف العملية العسكرية الإسرائيلية على ضوء ردود الفعل الحالية في الشارع المصري والعربي، غير أن الأمر قد يتغير إذا قامت مسيرات مصرية وعربية واسعة تدفع باتجاه اتخاذ خطوات أخرى.
وقال عليما إن القرار المصري ليس بجديد وكان متوقعاً أيضاً، حتى في ظل نظام مبارك، وأثناء "الرصاص المصبوب" سحبت كل من مصر والأردن سفراءهما من تل أبيب، ولا يعتقد أن هذه الخطوة سبب كاف لوقف العملية، رغم أن التغييرات في دول الربيع العربي جعلت إسرائيل تفكر أكثر قبل الإقدام على أي تصعيد.