عام من التغطية الصحفية.. حرب أوكرانيا في الإعلام الألماني
١١ مارس ٢٠٢٣أبدت كيرستن فون هوتن، المتحدثة باسم مجلس الصحافة الألماني، رضاها عن التقرير السنوي للعام 2022، بشأن التغطية الصحفية للحرب الروسية الأوكرانية في الإعلام الألماني وقالت: "هناك عدد قليل نسبياً من الشكاوى حول تغطية الحرب".
وقد تأسس مجلس الصحافة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1956، ويوجد مقر إدارته في برلين. ويمارس المجلس رقابة ذاتية طوعية لوسائل الإعلام المطبوعة ومواقعها على الإنترنت، حتى يمنع وجود مراكز رقابة حكومية على الصحافة. ويقوم بإصدار تقرير سنوي يضعه على موقعه بالإنترنت يتناول إحصائيات وبيانات تتعلق بمهمته.
وبالنسبة لعام 2022، العام الذي شنت فيه روسيا حربا عدوانية على جارتها أوكرانيا، قدّم القراء إجمالا 1733 شكوى بسبب نصوص أو صور أو مقاطع فيديو. 78 منها فقط مرتبطة بحرب أوكرانيا، ما يعادل حوالي أربعة بالمائة. ووفق فون هوتن، فإن معظم هذه الشكاوى لا أساس لها من الصحة وفق معايير مجلس الصحافة.
وبسبب التغطية الواسعة والمسؤولة التي حظي بها الغزو الروسي لأوكرانيا في وسائل الإعلام الألمانية؛ لم تتحقق المخاوف من أن انتهاك فلاديمير بوتين للقانون الدولي قد يؤدي إلى العديد من التقارير الغير موضوعية في وسائل الإعلام. وهذا هو استنتاج توصل إليه مجلس الصحافة الألماني، الذي يستخدم شكاوى القراء للتحقق من الامتثال للقواعد الأخلاقية وفق قانون الصحافة.
في حالة واحدة فقط، أصدر المجلس توبيخا عاما وهو ما يعد من أشد أشكال العقوبة. ويتعلق الأمر هنا بعنوان لمقال في صحيفة "زيغنر تسايتونغ". وكان العنوان هو: "مطلوب حبوب ضد بوتين". وكان نص المقال يدور حول الجرعة الصحيحة المفترضة لأقراص اليود التي يجب تناولها في حالة وقوع هجوم نووي.
وانتقدت مستشارة مجلس الصحافة الألماني، سونيا فولكمان-شلوك أثناء تقديم التقرير السنوي، هذا العنوان قائلة: "هذه الجرعة كانت خاطئة". وشددت فولكمان-شلوك على أن هذه القضية حساسة للغاية وتتعلق بمخاوف السكان. وتابعت: "بالطبع على المرء أن يكون حريصاً بشكل مضاعف وأن يتحقق بعد ذلك من هذه المعلومات بشكل جيد ونشرها بشكل صحيح". لكن من وجهة نظر مجلس الصحافة الألماني، فقد كانت هناك أيضاً تقارير تدور حول موضوع الأسلحة النووية والتي لم تكن محل اعتراض، وذلك على الرغم من الشكاوى العديدة للقراء بهذا الشأن.
التصعيد تبرره حرية التعبير؟
مثال ملموس في التقرير السنوي هو العنوان الرئيسي "بوتين يهدد بالأسلحة النووية!". وجد أحد القراء أن العنوان جريء للغاية وغير صحيح، لأن بوتين وضع قواته المسلحة "فقط" في حالة تأهب، لكنه لم يهدد بفعل ذلك. لكن مجلس الصحافة اعتبر هذه العناوين وغيرها تصعيداً مسموحاً به، تبرره حرية التعبير "خاصة وأن المقالات ذات الصلة تناولت سيناريو التهديد بطريقة متباينة".
بعد وقت قصير من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ناشد مجلس الصحافة الألماني، الصحف والبوابات الإلكترونية توخي الحذر بشكل خاص مع صور ضحايا الحرب. والسبب في ذلك هو جرائم الحرب المفترضة في مدينة بوتشا بالقرب من كييف. ولهذا السبب، تم التذكير بالقاعدة الأخلاقية للصحافة و المتمثلة في طلب الإذن من أقارب الضحايا قبل النشر، كما توضح فولكمان-شلوك.
شكاوى بسبب نشر صورٍ لضحايا
لكن في كل حالة يجب دوما مراعاة المصلحة العامة في وقت الحرب. "لم نتلقَ أي شكوى بشأن صور ضحايا بوتشا". غير أنه كانت هناك شكوتان بشأن صور منشورة من مواقع حرب أخرى. وفي كلتا الحالتين، تظهر نساء أوكرانيات مصابات.
وبحسب مجلس الصحافة، أظهرت إحدى الصور امرأة بضمادة على رأسها. وتشرح سونيا فولكمان-شلوك: "إنها وثائق قانونية للحرب، ولم تكن هناك مبالغة مثيرة"، موضحة سبب عدم رؤية مجلس الصحافة أي إخلال بواجب تحري الدقة.
أين تنتهي المصلحة العامة في الحرب؟
وأظهرت الصورة المخالفة الأخرى امرأة مصابة بجروح خطيرة في غيبوبة بداخل المستشفى. وبحسب مجلس الصحافة، فقد تم طمس نصف الوجه المصاب. وفي هذه الحالة أيضاً، يرى المجلس الذي يمارس رقابة ذاتية طوعية على الصحافة وجود مصلحة عامة في توثيق هذه الحرب.
وتضيف سونيا فولكمان-شلوك: "علاوة على ذلك كان الأمر الحاسم أيضاً هو أن زوج هذه الضحية قد قدم الصورة للمحررين". وهو الأمر الذي يتوافق مع المبادئ التوجيهية لحماية الضحايا. ووفق ذلك، يجب أن تكون موافقة الأقارب موجودة دائماً.
لقطة شاشة مزيفة لانفجار في الصين
من جهة أخرى أصدر مجلس الصحافة الألماني ما يسمى بإخطارات للمحررين ثلاث مرات فيما يتعلق بتغطية الحرب. وهو أخف شكل من أشكال العقوبة على خرق قانون من قوانين الصحافة. والسبب يعود إلى لقطة شاشة يُزعم أنها تعود إلى مقطع فيديو يظهر تفجيرات القوات الروسية في أوكرانيا. ولكنها في الواقع، كانت لقطة لانفجار في الصين.
وعلى الرغم من هذا الانتهاك الخطير لقانون الصحافة، امتنع المجلس عن إصدار توبيخ علني بعدما قام المحررون المسؤولون على الفور بمسح الصورة من الصفحة وتصحيح خطأهم "بمنتهى الشفافية".
وبعد عام من تغطية الحرب الروسية الأوكرانية من قبل الصحف الألمانية وعلى بوابات الإنترنت، تشعر المتحدثة باسم مجلس الصحافة كيرستن فون هوتن بالرضا أيضاً بسبب ردود الفعل الناقدة والثاقبة في الجانب التحريري وتقول: "يمكن للمرء أن يلمس قدراً كبيراً من الثقة من جانب من القراء. وهذا يخلق مصداقية وهي بالطبع ضرورية في أوقات مثل هذه".
مارسيل فورستيناو/ إ.م/ ص.ش