ظروف ملائمة في تركيا لإنتاج طاقة الرياح
٣١ أكتوبر ٢٠١١تحتل تركيا مكانة مرموقة من الناحية الاقتصادية، وهي تشهد حركة بناء نشطة جدا حيث تشيد المزيد من المصانع والمباني، كما أن الشركات التركية تستثمر وتصدر إلى جميع أنحاء العالم. ولا يستند هذا التطور على جهود كبار رجال الأعمال في اسطنبول فحسب، ولكن أيضا على المزارعين في منطقة الأناضول الوسطى. ونظرا لارتفاع مستوى المعيشة هناك، فإن المنطقة تساهم أيضا في تعزيز السوق الداخلية. ويتحدث خبراء الاقتصاد الآن عن "نمور الأناضول" مقارنة بالازدهار الاقتصادي في جنوب شرق آسيا.
وبحسب وكالة "استثمر في تركيا" أو „Invest in Turkey“ ، فإن تركيا تعتبر من بين أسرع الاقتصادات نموا في أوروبا. وفي عام 2010 سجل الاقتصاد نموا بنسبة تسعة في المئة، وهو ضعف النمو المحقق في بقية أجزاء أوروبا. ويضع البنك الدولي تركيا في المرتبة السابعة عشر على قائمة أكبر الاقتصادات في العالم.
العودة إلى استخدام الدواب
لكن هذا النمو أدى إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء. وفي السنوات الأخيرة ازداد الطلب بنسبة ثمانية في المئة تقريبا، وكانت النتيجة تكرار انقطاع التيار الكهربائي خصوصا في فصل الصيف. وينعكس ارتفاع الطلب على الكهرباء على أسعار الطاقة، وسعر الطاقة في تركيا هو الأعلى على مستوى أوروبا. وبسبب غلاء أسعار الكهرباء والديزل والبنزين لجأ بعض المزارعين في منطقة الأناضول التركية إلى استخدام الحمار والتخلي عن جراراتهم الزراعية. وقد ارتفع سعر الحمار في غضون سنة واحدة من 26 إلى ما يصل إلى 180 يورو، بحسب ما كتبت صحيفة زمان التركية اليومية. ولن يؤدي ارتفاع تكلفة الطاقة على المدى الطويل إلى ارتفاع ثمن الحمير فحسب، وإنما أيضا إلى بطء النمو الاقتصادي في البلاد.
وحسبما كتبت وكالة الطاقة الدولية (IEA) في إحدى دراساتها، فإن تركيا تستورد في الوقت الراهن كل احتياجاتها من الطاقة تقريبا. وهذا يجعلها تعتمد على البلاد المصدرة للطاقة مثل روسيا وإيران. وحتى الآن كانت تركيا تحصل على الطاقة بتوليدها من الوقود الأحفوري، وهي تسعى على المدى الطويل إلى زيادة استغلال الطاقات المتجددة بالإضافة إلى الفحم والطاقة النووية ولكن هذا التحول مكلف للغاية. ووفقا لوزارة الطاقة التركية فإن المبلغ الذي يتعين استثماره في سوق الطاقة حتى عام 2020 يزيد على 85 مليار يورو، ومن خلال هذا الاستثمار الضخم، تهدف الحكومة التركية إلى الاستمرار في الخصخصة وتحرير سوق الكهرباء.
أصدرت تركيا في مطلع عام 2011 قانون خاصا بالطاقات المتجددة، وذلك لتشجيع الاستثمار في هذا المجال. وكما يقول رالف بيترز المتحدث باسم شركة "نورديكس Nordex" المصنعة لتوربينات الرياح، فإن ذلك القانون يوفر الأمن بالنسبة للمستثمرين. وتستورد شركة نورديكس منذ أعوام محطات طاقة الرياح في تركيا من الشركة الرائدة في السوق. وقد حدد القانون أسعارا ثابتة للكهرباء حتى عام 2015، وهذا يتيح للشركات الحصول على الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح بسعر 5.5 سنتا لكل كيلوواط ساعة. وكذلك تحصل الشركات التي تستخدم قطع الغيار والمكونات اللازمة للمصانع من إنتاج تركي على تحفيزات إضافية، وهذا لأن تركيا تريد دعم التنمية الاقتصادية من خلال بناء مصانع جديدة وخلق فرص عمل.
ظروف ملائمة للغاية
يشهد قطاع طاقة الرياح في تركيا حاليا نموا كبيرا، ولا يوجد بلد يتفوق على تركيا في هذا المجال سوى المكسيك. في عام 2009 ارتفع النمو في قطاع طاقة الرياح في تركيا بنسبة فاقت 130 في المئة، وقد تم في أواخر عام 2010 تركيب نظم متطورة لإنتاج طاقة الرياح تصل قدرتها إلى حوالي 1.9 غيغاواط. لكن تركيا بذلك لا تقف سوى في مرحة البداية، إذ وفقا للجمعية الدولية لطاقة الرياح WWEA، فإن ألمانيا أنتجت في نفس العام أكثر من 27 غيغاواط.
وبالنسبة للمستثمرين، لا يزال هناك العديد من المناطق الساحلية، حيث يمكن بناء توربينات الرياح. وفقا لرالف بيترز فأحوال الرياح في تركيا مناسبة للغاية، حيث تهب فيها الرياح بشكل ممتاز. "ويبلغ متوسط استخدام بطاقة سنوية في جميع أنحاء العالم نحو 23 في المئة ، في تركيا ما يصل الى 40 في المئة يمكن تحقيقه". وهذا ما يجعل البلاد جاذبية للمستثمرين.
ويعد المناخ المتاح الآن مواتياً بالنسبة للمستثمرين، فهناك مساحات واسعة على المناطق الساحلية تصلح لإنشاء محطات لتوليد طاقة الرياح. وكما يرى رالف بيترز فإن الظروف المتوفرة في تركيا جيدة للغاية، وهذا بحسب رأيه ما يجعل ذلك البلد "جذابا بالنسبة للمستثمرين.
وهذا هو الحال أيضا في محطة إنتاج طاقة الرياح في شبه جزيرة جيليبولو Gelibolu، والتي تحظى بدعم من منظمة Myclimate غير الحكومية. وتشتري هذه المنظمة شهادات من مشغلي محطة طاقة الرياح هناك، لمعادلة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناجمة على سبيل المثال عن السفر جوا، وهذا يساهم في حماية المناخ. وإذا ما استمر النمو بهذه الوتيرة في سوق الطاقات المتجددة، فربما يدفع هذا المزارعين في الأناضول إلى الاستغناء عن الدواب والحمير.
الكاتبة: ميشائيلا فروار/ نهلة طاهر
مراجعة: سمر كرم