ظاهرة ديربي شحنة تلهب حماسة مباريات كرة القدم
٢٦ فبراير ٢٠١٠تنطلق منافسات المرحلة الرابعة والعشرين من منافسات الدوري الألماني لكرة القدم/ بوندسليغا مساء اليوم الجمعة (26 فبراير/ شباط) بديربي ساخن يجمع بين فريق شالكه بقيادة المدرب المقتدر فيلكس ماغات، صاحب المركز الثالث، وبين صاحب المركز الخامس فريق بروسيا دورتموند ومدربه يورغن كلوب. وإلى جانب مباراة البايرن ضد فريق هامبورغ المقررة يوم الأحد القادم، يعد لقاء شالكه دورتموند من أهم لقاءات المرحلة.
دورتموند سيحل ضيفا على نده شالكه في ملعب غيلزين كيرشين الذي يعج عادة بالآلاف من المشجعين، الذين لن يرضوا عن الفوز بديلا للفريق الأزرق. في حين يسعى بروسيا دورتموند إلى الثأر لهزيمته السابقة في دور الذهاب في المباراة التي انتهت بهدف دون رد لصالح شالكه. وكما هو معلوم الانتقام "حلو المذاق" في مباريات ديربي التي تسيطر عليها العاطفة الجياشة والحماسة القوية التي تأجهها روح المنافسة بين الجيران. ولا عجب أن يتحول لاعب فريق أو ذاك إلى بطل "قومي"، بينما قد يكون الأفول مصير لاعبين آخرين ويتحولون بسرعة إلى "خونة" في حال لم يخدموا "القضية". إنها ظاهرة "ديربي" التي تعد من أجمل لكنها أيضا من أعقد ما تشهده كرة القدم.
ديربي نشأ تاريخيا في بريطانيا
تعود جذور ظاهرة ديربي في كرة القدم إلى القرن السابع عشر. وتحديدا في منطقة آشبورن Aschbourne الصغيرة، التابعة لمقاطعة ديربيشير Derbyshire الانجليزية، التي كانت تجرى فيها مباريات كرة القدم بنسختها القديمة المعروفة ب شروفتيد ماتشس Shrovetide Metches، وكانت تلعب يومي الثلاثاء والأربعاء قبل بدء الصيام المسيحي بين الأهالي من مختلف ضفتين نهر هينمور، الذي يمر وسط المدينة. أما ديربي بمعناه الكلاسيكي، فقد جمع لأول مرة عام 1866 في مدينة نوتينغهام -في انجلترا أيضا- بين فريقي كرة قدم، وهما فريق فورإيرست وناوتس كاونتي. وكان ديربي طبقي بامتياز، إذ كان يجمع بين أغنياء المدينة (ناوتس كاونتي) وبين عمالها وفلاحيها (فورإيرست).تماما كما هو الحال اليوم في ديربي بوينيس آريس في الأرجنتين بين بوكا جونيورز المرتبط بالطبقة العاملة وريفر بليت المرتبط بالطبقة الوسطى.
وإضافة إلى البعد الطبقي، قد يأخذ ديربي بعدا دينيا أو طائفيا، مثل ديربي جلاسكو في اسكتلندا بين ناديي رينجرز وسيلتيك، الذي يرتبط بطائفة البروتستانت والثاني بطائفة الكاثوليك. أو أحيانا بعدا جهويا قويا مثل ديربي "الكلاسيك" بين ناديي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين.
دربيات فقدت بريقها
ويلاحظ أن بعض الديربيات فقدت بريقها لدى الجماهير بسبب التطورات التي شهدتها عدد من الفرق، فكلمة ديربي التي كانت تبهر النفوس قبل عشر سنوات والتي كانت تطلق على مباراة بايرن ميونخ ضد مينونخ 1860، فقدت اليوم سحرها بعدما نزل الأخير إلى دوري الدرجة الثانية. وحسب نجم البايرن المعتزل هانس غورغ كاتشه كان الناس في الماضي "يترقبون بشغف، ولأسابيع عدة، موعد المباراة، لكن اليوم تحول هذا اللقاء إلى مباراة عادية".
ينطبق الشيء نفسه على المواجهات التي تجمع بين ريال مدريد الإسباني وجاره أتلتكو مدريد والتي لا يعيرها النادي الملكي اهتماما كبيرا، لأن الأهم بالنسبة له هو ال"كلاسيكو" الذي يجمع بينه وبين برشلونة. وحسب اللاعب البافاري المعتزل كاتشه يكمن السبب في فقدان بعض الديربيات لبريقها في "العدد الهائل من المباريات التي تقام في كل أسبوع ويتم تغطيتها من قبل وسائل الإعلام، بالإضافة إلى أن الفرق حاليا لم تعد تتوفر على لاعبين ينحدرون من المنطقة نفسها".
ديربي "الإخوة الأعداء"
ما أدلى به هانس غورغ كاتشه لا يسري بالتأكيد على مباراة اليوم بين شالكه وبروسيا دورتموند، فالمنافسة حامية الوطيس بين الفريقين نتيجة المواقع المتقاربة التي يحتلها كل منهما في ترتيب البوندسليغا، إضافة إلى أنها تشهد عادة إقبالا جماهيريا منقطع النظير، وعادة ما تنتهي بأعمال عنف وشغب بين المتعصبين من كلا الطرفين.
بل إن "الصراع" وصل إلى حد تأليف أغاني توصف "بالعدائية" يرددها الجمهور على المدرجات. وفي مباراة اليوم التي تعد المباراة ال 132 في تاريخ المواجهات بين الفريقين، ستواصل الأجهزة الأمنية إجراءاتها المشددة التي تتخذها عادة في مناسبة كهذه. مع العلم أن لقاء الليلة يكتسي أهمية بالغة للناديين معا اللذان أكدا على إصرارهما في تعزيز رصيدهما لضمان التأهل إلى المشاركة في بطولة كأس أوروبا. و"سيكون إحساسا رائعا إذا ما حصل ذلك على ملعب شالكه" كما ذكر للصحفيين مدرب بروسيا دورتموند يورغن كلوب.
جون كولينز، اللاعب الاسكتلندي المحترف، الذي شارك في العديد من الديربيات، حاول تفسير الظاهرة لصحيفة إيندباندنت البريطانية بالقول، "في مباراة ديربي لا يمكن الإدلاء بأي توقعات حول نتائجها، فمن الممكن أن تواجه شعرة النحس ويظهر اللاعبون الكبار بمستوى سيء جدا، لكن أيضا يمكنك إحراز هدف مبكر، وتلتهب المدرجات حماسة، وعندها يشعر المرء بالدفء وتسري دماء الثقة في عروقه".
الكاتبة: وفاق بنكيران
مراجعة: حسن زنيند