طوفان نفايات البلاستيك يغرق بحار العالم: فما الحل؟
١ نوفمبر ٢٠١٩"أهم الخطوات نحو الحل هي تجنب البلاستيك من الأساس"، تقول ميلاني بيرغمان، عالمة الأحياء البحرية في معهد ألفريد فيجنر. وفي موازاة ذلك يمكن "التفكير" في تدابير مصاحبة أخرى كوحدات عزل النفايات البلاستيكية في الأنهار. وقدمت منظمة "تنظيف المحيطات" الهولندية غير الربحية مؤخراً سفن لاعتراض النفايات بغية التقليل من وصول النفايات البلاستيكية إلى المحيطات عن طريق الأنهار. وباتت سفينتان منها تُستخدمان بالفعل في إندونيسيا وماليزيا، أما الثالثة فتُستخدم في دلتا نهر الميكونغ بفيتنام، والرابعة في جمهورية الدومينيكان.
ويضع حماة البيئة خططا لتثبيت وحدات اعتراض النفايات خلال السنوات الخمس القادمة في 1000 نهر ملوث بمختلف أصقاع العالم، مما يخفض من طوفان النفايات البلاستيكية في بحار العالم ومحيطاته بنسبة تصل إلى 80 بالمائة.
معترضات القمامة لا تحل المشكلة
لكن خبراء البيئة يحذرون من عقد آمال أكبر من اللازم على وحدات اعتراض القمامة، مؤكدين أن تقليل النفايات البلاستيكية بالوسائل التقنية في الأنهار سيكون مفيداً، لكنه لا يشكّل حلاً للمشاكل الأساسية. في هذا السياق تقول ناديا تسيبرات، مديرة مكتب حماية البحار في منظمة "بوند" البيئية، في حوار مع DW: "علينا تجنب البلاستيك قدر الإمكان. ويجب تدوير النفايات البلاستيكية. المشكلة أن البلاستيك ليس مادة ثمينة لذا تُرمى في أي مكان. لهذا نحتاج إلى تشريعات تحظر البلاستيك المستخدم لمرة واحدة وتساعد في إيجاد دوائر إنتاج وتدوير مغلقة".
بدورها تؤيد بيرغمان هذه النقاط التي يمكن أن تشكّل حجر الزاوية في محاربة النفايات البلاستيكية، وترى أن الحل الأمثل هو إقرار مثل هذا الحظر في أغلب دول العالم، واعتماد عبوات بديلة وأنظمة تدوير جديدة للنفايات البلاستيكية المصنفة. وتؤكد بالقول: "الالتزامات الذاتية التطوعية بتجنب البلاستيك لا يمكن أن تحل المشكلة، فعلى الساسة الذين راهنوا على الالتزام الذاتي للأشخاص، أن يجدوا تشريعات تغير من واقع كثرة النفايات البلاستيكية".
في الوقت الراهن تمثل العبوات البلاستيكية المستخدمة مشكلة كبيرة: "يمكن أن تتكون العبوات الشفافة من 12 نوع من أنواع البلاستيك المختلفة. مثل هذه العبوات لا يمكن استخدامها لإعادة التدوير في إطار ما يُسمى بالدورات المغلقة. ويجب القيام بخطوات لتغيير ذلك. نحن بحاجة إلى مواد بلاستيكية قابلة للتدوير"، تقول خبيرة البيئة ميلاني بيرغمان.
بيد أن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط، فهناك مشكلة إضافية متأتية من المواد المضافة للبلاستيك مثل الملدنات والأصباغ أو مثبطات الاشتعال. فهذه المضافات تتحلل جزئياً وينتهي بها المطاف إلى داخل جسم الإنسان، ومثال على ذلك ملدنات البيسفينول A. في هذا السياق تقول بيرغمان: "لقد اكتشفنا وجود آثار البيسفينول A في دم بعض الأشخاص. ونعتقد أنها تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء وإلى التأثير على خصوبة الرجال".
التحول إلى ميكروبلاستيك
على الرغم من أن سفن اعتراض النفايات التي طورتها منظمة "تنظيف النفايات" الهولندية وثبتتها في مصبات الأنهار، يمكن أن تزيل جزءً كبيرا من النفايات البلاستيكية من الأنهار شديدة التلوث، إلا أنها لا تسهم حتى الآن بشكل فعال في حل مشكلة الميكروبلاستيك في البحار. ويُطلق مصطلح "ميكروبلاستيك" على الجسيمات الصغيرة من البلاستيك الموجودة في البيئة الحيوية المحيطة، وهي ذات أبعاد ميكروئية صغيرة يكون نصف قطرها أقل من 5 ميليمترات. ويعود منشأ هذه الجسيمات إلى عدة مصادر، بما فيها مستحضرات التجميل والملابس والعمليات الصناعية.
كما ينشأ جزء كبير من هذه الجسيمات من خلال احتكاك إطارات السيارات بأسفلت الشوارع، فتذر الريح هذه الجسيمات على شكل غبار في مختلف بقاع العالم. ويستقر جزء من هذا الغبار البلاستيكي على الأرض، لكن الجزء الكبير منه يكون مصيره محيطات العالم وبحاره.
ووفقاً لدراسة أعدها معهد" فراونهوفر" الألماني فإن كل فرد في ألمانيا يتسبب في بما قدره 5.4 كليوغرام من الميكروبلاستيك في العام. ولحماية الإنسان والبيئة ينصح باحثو المعهد الألماني بخفض كبير لمعدل هذا الغبار البلاستيكي، أي بمعدل 96 بالمائة، ما يصل إلى 200 غرام في العام.
الحماية من خلال خفض إنتاج البلاستيك
ويتفق الخبراء على أنه مع وجود كميات أقل من البلاستيك، يمكن تخفيف العبء عن البيئة والإنسان على حد سواء. وفي الوقت نفسه سيكون ذلك بمثابة حماية صحية عمليّة. وتخلص تسيبرات إلى القول: "تخفيف عبء التلوث في المحيطات والبحار من خلال وحدات اعتراض القمامة في الأنهار يبقى أفضل من لا شيء، لكنه ليس الحل الأمثل لهذه المشكلة".
غيرو رويتر/ ع.غ/ط.أ