طهران تعقد آمالا كبيرة على رئيس الوزراء العراقي الجديد
٢٣ أبريل ٢٠٢٠أخيرا، أصبح للعراق رئيس وزراء جديد. منصب ظل شاغرا طوال أربعة أشهر، بعدما فشل مرشحان سابقان في تشكيل الحكومة. المهمة تولاها الآن الصحفي والرئيس السابق لجهاز المخابرات العراقي، مصطفىالكاظمي. ففي الأسبوع الماضي التقى ممثلون عن الكتل البرلمانية الشيعية والسنية والكردية واتفقوا على اسم الكاظمي.
مرشح الحل الوسط المنشود منذ مدة، وكان يجب عليه تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في الاستجابة للانتظارات ليس فقط الوطنية ولكن أيضا، للفاعلين الدوليين الأساسيين في المنطقة. فالولايات المتحدة الأمريكية وكذلك جارة العراق الكبيرة، ايران، تتبعا باهتمام بالغوا ترشيح ثم تنصيب رئيس الوزراء الجديد. فكلا الطرفين يمكنهما التعامل مع الشخصية الجديدة. إذا تأكد توجه كاظمي الآن "كقومي عراقي" يعمل من أجل "عراق سيادي"، فإن هذا "جيد جدا" للعراق وللعلاقات الثنائية، كما أعلن ديفيد شينكر، كاتب الدولة المسؤول عن الشرق الوسط في وزارة الخارجية الأمريكية. وحتى من جانب ايران صدرت إشارات ايجابية. فالمتحدث باسم الخارجية الايرانية، عباس موسوي رحب "بالإجماع بين المجموعات السياسية في العراق"، معتبرا أن ايران تنظر إلى هذا القرار بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح".
زيارة من إيران تحمل أكثر من معنى
صعوبة الحصول على إجماع طوال الشهور الماضية في المشهد السياسي العراقي المقد، كشف عنها عدنان الزرفي سلف كاظمي كمرشح لمنصب رئيس الوزراء، الذي علل تراجعه "بقضايا وطنية وأجنبية". وسحب الزرفي ترشحه في التاسع من أبريل / نيسان 2020. وقبلها بأيام زار بغداد إسماعيل الغاني، قائد وحدات القدس الايرانية المنتمية للحرس الجمهوري، وخلف قاسم سليماني الذي اغتيل خلال زيارة للعراق من قبل الولايات المتحدة. وأكد غاني أن "إيران لن تتدخل في القضايا الداخلية ولا في انتخاب رئيس الوزراء".
مدى النفوذ الإيراني في العراق؟
لا ينظر الجميع إلى هذا الأمر من هذه الزاوية. فالزيارة إلى بغداد كانت بالنسبة إلى غاني تجربة أولى حاول فيها معرفة ما إذا كان سينجح في لم شمل الكتل الشيعية في العراق على موقف واحد، وهو ما أكدته قناة الجزيرة القطرية، استنادا إلى موظف عراقي سامي أراد الحفاظ على السرية. ويذكر أن الشيعة يشكلون نحو 60 في المائة من مجموع سكان العراق.
نفس الرؤية عبر عنها الخبير في الشؤون العراقية، ريناد منصور الذي اعتبر أن تراجع الزرفي وتعيين كاظمي يظهر أن "إيران ماتزال قادرة على التراجع إذا ما بدا لها أن البلاد توجد على حافة الهزيمة". وفي هذا الاتجاه ذهبت أيضا مجلة المونيتور الالكترونية المهتمة بالسياسة في الشرق الأوسط. فإعلان غاني يمكن فهمه كاعتراف بأن التطور في العراق ذو أهمية قصوى بالنسبة إلى ايران. فالبلدان ليس لهما فقط حدود مشتركة طويلة وارتباطات دينية وثقافية عميقة. "ايران ركزت منذ التدخل الأمريكي في 2003 على الزيادة من تأثيرها في العراق وتفادي تشكيل حكومة معادية لها مثل حكومة الرئيس السابق صدام حسين الذي هاجم ايران، فاندلعت حرب استمرت ثمان سنوات وكلفت أرواح مئات الآلاف من البشر". وهذه الحرب التي استمرت من سبتمبر 1980 إلى أغسطس 1988 لا زالت ارتداداتها تؤثر على السياسية السياسة الايرانية تجاه العراق إلى يومنا هذا.
احتجاجات ضد ايران
وحتى الاحتجاجات في خريف العام الماضي تم تتبعها باهتمام في طهران. فهي لم تكن موجهة فقط ضد الظروف السياسية السيئة في البلاد، بل في المقدمة ضد الفساد المستفحل. والمتظاهرون نددوا أيضا بالتدخلات الإيرانية غير المقبولة في بلدهم. وفي نهاية نوفمبر أشعلوا النيران في القنصلية الإيرانية في النجف.
غضبهم كان موجها أيضا ضد الحركات العراقية التي، حسب رأيهم، مقربة جدا من ايران مثل منظمة بدر وميليشيا أهل الحق. منظمة بدر المرتبطة بقوة بطهران تحولت إلى أهم أداة للسياسة الإيرانية في البلد العراق، كما جاء في دراسة لمؤسسة العلوم والسياسة في برلين. "وهدف هذه السياسة هو ممارسة أكبر قدر من التأثير على الحكومة المركزية في بغداد وفي الآن نفسه تقوية الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران".
كاظمي كوسيط بين طهران وواشنطن
ايران تشرف في العراق على أنشطة متعددة، كما أوضح سند الفاضل باحث العلوم السياسية في جامعة النجف "هذه (الأنشطة) تمتد من السطو على المياه في الأنهار وأخذ التيار الكهربائي عبر غمر السوق العراقية بالمنتجات الايرانية إلى خطب زعيم الثورة الايرانية آية الله خامئي". فالالتزام الايراني في العراق يتجاوز بالتلي المصالح الدفاعية. فالعراق بالنسبة إلى ايران له أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية ـ وهذا يزداد مع الخضوع للعقوبات الأمريكية. ومن تم يمكن للنخبة السياسية في ايران أن تعقد آمالا في بتعيين رئيس الوزراء العراقي الجديد. "فالبعض يعتقد أن كاظمي بمقدوره المساهمة في التخفيض من التوترات بين الولايات المتحدة وايران"، كما كتبت وكالة الأنباء الإيرانية. وهكذا تبدو الانتظارات الإيرانية اتجاه رئيس الوزراء العراقي الجديد كبيرة.
كرستن كنيب/ م.أ.م