رحلات خطيرة على قوارب صيد مكتظة بمئات المهاجرين
٢٦ يونيو ٢٠٢٣ازدادت منذ الصيف الماضي، محاولات عبور البحر الأبيض المتوسط انطلاقاً من السواحل الشرقية لليبيا، لا سيما من طبرق وبنغازي، والتي غالباً ما تكون على متن قوارب صيد كبيرة، مكونة من طابقين أو ثلاثة، وتحمل مئات المهاجرين في رحلة خطيرة جداً.
ورغم أن المسافة الفاصلة بين سواحل شرق ليبيا وإيطاليا (نحو 1000 كلم) أبعد بكثير عن نظيرتها من السواحل الغربية، بات المهربون ينظمون رحلات العبور من الشرق بشكل متزايد. وذلك من أجل تجنب دوريات خفر السواحل اللبيبي الممولة من الاتحاد الأوروبي، والتي يتركز وجودها بشكل خاص قبالة سواحل غرب ليبيا.
خلال الرحلة في البحر، شعرت أن الموت قريب جداً"
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، زار فريق مهاجرنيوز مدينة كروتوني الإيطالية في مقاطعة كالابريا، وتحدث مع مهاجرين ممن سلكوا طريق الهجرة هذا. قال أحمد، وهو أب لثلاثة أطفال ويبلغ 39 عاماً، وكان يعمل سائق شاحنة في مصر، "كلفت الرحلة كل واحد منا 110 آلاف جنيه مصري (5725 يورو). في البداية ركبنا في زورق صغير لمدة 45 دقيقة، ثم نقلونا إلى مركب كبير، عبارة عن طابقين ومقسم إلى حجرات. كان عددنا نحو 370 مهاجراً وقضينا ثلاثة أيام ونصف في البحر. خلال الرحلة كان هناك بعض الماء للشرب والتمر للأكل فقط. لكن مع دوار البحر، لم تكن لدينا أي رغبة في الأكل أو الشرب. كان المهاجرون من مصر وسوريا وبنغلادش، وكان معنا أربع عائلات سورية. خلال الليل لم يكن أمامنا سوى محاولة النوم، فالظلام يحيط بنا من كل اتجاه، وكل شخص يبقى في ركنه طوال الرحلة ولا يتحرك، لأنه لا مجال للحركة".
أما محمود أحمد سعد، وهو طالب لجوء مصري يبلغ 39 عاماً كان يقيم في مركز استقبال كروتوني، فقد وصل إلى مقاطعة كلابريا في إيطاليا بعد أن قطع البحر على متن قارب صيد كبير برفقة نحو 470 مهاجراً آخرين. انطلق القارب من مدينة امساعد الليبية، القريبة من الحدود المصرية، وقضى في البحر نحو أربعة أيام، حتى تم إنقاذهم. ويقول "خرجت من مصر لأبحث عن عمل، ولأوفر لأسرتي حياة أفضل. خلال الرحلة في البحر، شعرت أن الموت قريب جداً، وكنا متكدسين داخل القارب وعلى سطحه، إلى أن وصلنا".
ووفقاً لجيوفاني بيرنا، المنسق الميداني لمنظمة "أطباء بلا حدود" في ميناء روتشيلا يونيكا، جنوب إيطاليا، فإن المهاجرين القادمين على متن سفن خشبية كبيرة من ليبيا، عادة ما يرون لامبيدوزا أثناء رحلتهم، ولكنهم يقررون ألا يتوقفوا وأن يتابعوا طريقهم باتجاه كالابريا، ما يعني يومين أو ثلاثة أيام إضافية في البحر، "لأنهم يحظون بحرية حركة أكبر في كالابريا، مقارنة بلامبيدوزا
ما جنسيات المهاجرين الذين يعبرون طريق الهجرة هذا؟
ويسلك هذا الطريق مهاجرون من مصر وبنغلادش بشكل أساسي، بالإضافة إلى فلسطينيين وسوريين.
وقد سبق لمهاجر نيوز أن تحدث عن سهولة وصول السوريين إلى ليبيا، تحديدا مطار بنغازي من مطاري دمشق أو بيروت، فالتأشيرات بالنسبة لهم سهلة، مع تواجد الكثير من المجموعات والصفحات على وسائل التواصل التي تروج للحياة في ليبيا، وبعضها يروج لسهولة الهجرة منها إلى أوروبا.
من ضمن تلك الصفحات، هناك حسابات لشركة طيران تدعى "أجنحة الشام"، تقوم بالترويج لرحلاتها من دمشق إلى بنغازي، بما يشمل تأمين موافقات الدخول إلى البلاد (تأشيرات).
وفقا للإعلانات الخاصة بالشركة، يمكن للسوريين حجز تذكرة على متن إحدى رحلاتها المتوجهة إلى بنغازي، وستقوم هي (الشركة) بتأمين كافة الأذونات والأوراق اللازمة لهم لدخول البلاد
المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين في ليبيا كارولين غلوك، أوضحت لمهاجر نيوز العام الماضي أن "اللغة وفرص العمل ووجود أفراد من مجتمعهم، إضافة إلى واقع أنهم لن يعيشوا في مخيمات (مقارنة بالأردن ولبنان)"، كلها عوامل تساهم برغبة السوريين بالقدوم إلى ليبيا. وتضيف "لكن بالطبع، بمجرد وصولهم إلى ليبيا، ونظرا إلى موقع ليبيا الجغرافي، سيساور الإغراء بعضهم للعبور إلى أوروبا.