طالبان تستهين بالغرب وتفرض المزيد من القيود على الحريات
٣١ مارس ٢٠٢٢لا تملك حركة طالبان الأفغانية الحاكمة أية حلول لحالة العوز التي يعيشها الشعب في أفغانستان. وبدلاً من البحث عن حلول، تنشغل طالبان بسن قواعد للسلوك واللباس، خصوصا بالنسبة للنساء.
وكل يوم تقريبا، يعلنون عن قواعد جديدة أشد صرامة من التي قبلها. فعلى سبيل المثال، اعتبارًا من يوم الأحد الماضي (26 مارس/ آذار)، لا يُسمح للنساء بالصعود إلى الطائرة إلا برفقة رجل (من العائلة: محرم). وينطبق هذا الأمر على الرحلات الداخلية والدولية على حد سواء. بيد أن مسافرات في مطار كابول يصعدن الطائرات بدون مرافق "كما في السابق"، حسبما صرح مسؤول كبير بالمطار لوكالة "أسوشييتد برس" للأنباء.
ويبدو أن الهدف التالي لطالبان هو إعادة فرض تغطية الجسم بالكامل بالنسبة للنساء. فمنذ يوم الثلاثاء (29 مارس/ آذار)، تلتزم جميع الموظفات في الهيئات والوزارات بتغطية أجسادهن بالكامل.
وهذا الأسبوع، أصبحت لوائح الحياة العامة أكثر صرامة. وهذا ينطبق مثلا على زيارة الحدائق العامة، حيث سيكون هناك في المستقبل فصل بين الجنسين عند الزيارة، بحيث لن يُسمح للنساء بدخول الحدائق إلا خلال ثلاثة أيام في الأسبوع؛ ويُسمح للرجال بالتواجد في الحدائق في الأيام الأربعة المتبقية. وهناك أيضًا لوائح جديدة للموظفين الذكور في السلطات والوزارات، إذ سيتوجب عليهم اللحية وارتداء الملابس المحلية التقليدية وأداء الصلاة جماعةً.
أيديولوجية المتشددين
وسيتم فتح مدارس، ما بعد مرحلة التعليم الإلزامي، للبنات عند الاتفاق على "قواعد اللباس المناسب" للفتيات من سن 12 عاما، بحسب بيان صادر عن وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الأسبوع الماضي. وحلت هذه الوزارة محل وزارة المرأة بعد تولي طالبان السلطة في أغسطس/ آب الماضي.
يقول الخبير بالشأن الأفغاني طارق فرهادي لـ DW: "القيود الجديدة فرضها قادة طالبان القدامى المتعنتون". ويعتقد مستشار الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني أن الجناح الراديكالي لطالبان قد انتصر في صراع داخلي على السلطة. "بالنسبة لهم، الأيديولوجية أهم من مصلحة المواطنين. وليس لديهم أي اهتمام بمسألة اعتراف المجتمع الدولي بحكم طالبان"
لكي يتم الاعتراف بها كحكومة شرعية، يجب أن تتغير طالبان؛ ويتعين عليهم قبول مطالب المانحين الغربيين، على سبيل المثال، المساواة بين الجنسين، وتقديم تنازلات. ولا تريد القوى الراديكالية في طالبان الانخراط في مثل هذه الأمور.
بؤس اقتصادي وعوز إنساني
يشهد الاقتصاد الأفغاني حالة من التدهور منذ تولي طالبان السلطة في أغسطس/ آب 2021. والدولة، التي تمر بها سلسلة جبال هندوكوش، لم تتمكن حتى الآن من الوقوف على قدميها اقتصاديًا، وإنما كانت تعتمد بشكل كبير على المدفوعات من الخارج في السنوات الأخيرة. لكن الممولين الغربيين أوقفوا تدفق الأموال إلى طالبان.
وعلى الرغم من مواصلة المنظمات الدولية تقديم المساعدات الإنسانية، التي تهدف إلى الوصول مباشرة إلى السكان المحتاجين، إلا أنها ليست بالقدر الكافي. فأكثر من نصف سكان أفغانستان مهددون بالتعرض لمجاعة. وبعد زيارته لأفغانستان الأسبوع الماضي، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إن 24 مليونًا من أصل 38 مليون نسمة يعتمدون على إعانات الغذاء والمياه والأدوية وغيرها من سلع المساعدات الإنسانية.
وأجرى غراندي محادثات أيضًا مع ممثلين عن حكومة طالبان في أفغانستان، وقال إن منظمات الإغاثة المختلفة تحتاج إجمالا إلى حوالي ثمانية مليارات دولار أمريكي (7.25 مليار يورو) لتمويل العمل الإنساني وبرامج المساعدات الاجتماعية.
وقد ألغى الجانب الأمريكي اجتماعًا كان مقررًا بين ممثلي طالبان والولايات المتحدة نهاية الأسبوع الماضي في الدوحة بسبب قرار حكومة طالبان عدم فتح المدارس للفتيات. وذكرت وكالة "رويترز" أن الاجتماع كان سيبحث القضايا المتعلقة بالأزمة الإنسانية والاقتصادية في أفغانستان. ونقلت رويترز عن جون سيفتون من منظمة هيومان رايتس ووتش قوله "القرار الامريكي مفهوم" ويجب إفهام طالبان أن موقفهم غير مقبول. ومع ذلك، فإن إلغاء هذا الاجتماع المهم يعتبر أمرا مأساويا، بالنظر إلى المحنة (الإنسانية) في البلاد، بحسب المتحدث باسم هيومن رايتس ووتش.
حسابات طالبان؟
وقالت ثريا بيكان، الأستاذة السابقة في جامعة كابول، لـ DW: "إن التبادل المحدود وغير الرسمي بين المجتمع الدولي وطالبان يمكن أن ينقطع إذا استمرت طالبان في زيادة الضغط على المجتمع". وأضافت: "يمكن لسلطة حكم جديدة أن تضفي الشرعية على نفسها وتبقى في السلطة إذا شعر الناس بالرضا في ظلها وتم ضمان حقوقهم الأساسية. وهذا ليس هو الحال مع وجود طالبان على رأس السلطة".
ثريا بيكان، التي غادرت أفغانستان بعد تولي طالبان السلطة وتعيش الآن في تركيا تتساءل عما إذا كان طالبان قد سجلوا هدفًا عكسيا في مرماهم بإغلاق أبواب المدارس مرة أخرى في وجه الفتيات الأكبر سنًا. ولدى بيكان افتراض آخر إذ ترى أن طالبان تعمدت جعل الحقوق الأساسية مثل حق الفتيات في التعليم قضية سياسية. وأنهم يريدون استخدام منح هذا الحق كأداة للحصول على موقف أفضل في المفاوضات مع المجتمع الدولي.
شابنام فون هاين/ ص.ش