ضياع الجهود الدبلوماسية لـ"الطاقة الدولية" قد يدق طبول الحرب مع إيران
٢٠ فبراير ٢٠١٢في محاولة جديدة وربما أخيرة لتوضيح طبيعة البرنامج النووي الإيراني، بدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية محادثات اليوم (الاثنين 20 فبراير/ شباط 2012) في طهران وصفها مراقبون بأنها محادثات "الفرصة الأخيرة". وكان فريق الوكالة الدولية زار إيران في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن الزيارة لم تحقق أي نتائج ملموسة، حسبما أوضحته المنظمة الدولية. ويشتبه الغرب في أن البرنامج النووي الإيراني له أهداف عسكرية، لكن طهران تنفي ذلك وتقول إن أنشطتها النووية تستهدف توليد الطاقة وأغراضا سلمية أخرى.
اتهامات بالسعي لامتلاك السلاح النووي
اتخذ الملف النووي الإيراني منحناً جديداً، عندما أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الصادر في نوفمبر/ تشرين الأول 2011 عن اشتباهها في أن الجمهورية الإسلامية تعمل على تطوير أسلحة نووية. وقال المدير العام للوكالة امانو يوكيا أنه قد حان الوقت لكي تجيب طهران عن الكثير من الأسئلة حول برنامجها النووي، لكن طهران رفضت تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقالت انه مفبرك ولا أساس له.
التقرير سلط الضوء بشكل دقيق للغاية على الكثير من المعلومات التفصيلية، وأكد على أن إيران قامت بأنشطة ذات صلة بصنع شحنة نووية متفجرة. وأفاد التقرير أن إيران قامت بأنشطة ذات صلة بصنع أسلحة نووية. ومن أهم المعلومات، التي ساقها التقرير، قيام طهران بإجراء أبحاث في مجالين حيويين لصنع أسلحة نووية، حيث قامت بتصنيع رؤوس أسلحة نووية، التي تستطيع الصواريخ الإيرانية نقلها. كما قامت طهران باختبار شحنة شديدة الانفجار، وهي عملية ضرورية لخلق سلسلة التفاعلات النووية. هذا بالإضافة إلى أنشطة تخصيب اليورانيوم، التي تقوم بها إيران.
شبح الحرب
وقالت الوكالة إنها أجرت تقييما دقيقا لمعلومات المخابرات التي نقلت إليها من دول أعضاء ووجدت أنها متسقة من حيث المحتوى الفني والأفراد والمنظمات التي وردت الإشارة إليها والأطر الزمنية. وأضافت أنها قامت من جانبها بجمع تفاصيل تؤيد هذه المعلومات. وقالت الوكالة إن "تطبيق مثل هذه الدراسات على أي شيء آخر غير المتفجرات النووية غير واضح للوكالة".
ويرى البعض أن مثل هذا التقرير المفصل في مثل هذا التوقيت قد يعطى ذريعة لشن ضربة عسكرية على المنشآت النووية، كما ترددت تكهنات خلال الأشهر الماضية حول تخطيط إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية لإيران. وفي هذا السياق أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بيني غانتز في مقابلة تم بثها مساء أمس السبت أن إسرائيل ستتخذ بمفردها في نهاية المطاف قرارها بشأن ضرب إيران. وعلى الرغم من إعلان اوباما تفضيله لحل دبلوماسي فقد قال انه لن يستبعد في الوقت نفسه أي خيارات من على الطاولة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
من ناحيتها قالت الوكالة قالت أنها لم تنشر من قبل مثل هذه المعلومات المفصلة، لأنها كانت تعرف القليل عن البرنامج النووي الإيراني. وقال امانو يوكيا رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية " صحيح أننا لم نقدم معلومات مفصلة من هذا القبيل من قبل. ويرجع السبب في ذلك إلى أننا كنا نعرف القليل جدا عن هذا البرنامج. أصبحت الصورة أكثر وضوحا في السنوات الثلاث الماضية... ومن الواضح أن هناك بعض الأسئلة، التي يتعين على إيران الإجابة عليها".
الطريق المسدود؟
رد فعل طهران جاء كالمتوقع نافياً لكل الاتهامات بالسعي إلى امتلاك السلاح النووي، حيث نددت طهران بالتقرير، وقال علي اصغر سلطانية مبعوث إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا إن "تقرير الوكالة منحاز وغير مهني وله دوافع سياسية وكتب بسبب الضغط الذي يمارسه الأمريكيون والأوربيون".
واعتبر سلطانية اتهامات الوكالة الدولية بأنها "لا أساس لها" وأنها تستند إلى عناصر قديمة بعضها وثائق مزورة قد ردت عليها إيران بشكل مفصل قبل سنوات عدة، كما جاء على لسانه. أما التهديدات بعزل إيران دوليا إن لم تتوقف على الفور عن برامج الأسلحة النووية المزعومة، فيبدو أنها لم تؤثر في إيران بأي شكل من الأشكال وأكد سلطانية على تأييد بلاده على استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
طهران تحاول في ذات الوقت ربح الوقت بترك باب الدبلوماسية مفتوحا، وقالت إنها تنتظر أن تحدد الدول الكبرى موعد هذه المفاوضات ومكانها.
قبل نفاد وقت الدبلوماسية
وفي الوقت، الذي تطرق فيه طهران أبواب الحلول الدبلوماسية، فإنها تلوح أيضاَ بنقل الحرب إلى الولايات المتحدة وإسرائيل في حال تعرضها لهجوم عسكري. ورغم كل العقوبات التي فرضت على إيران في الفترة الأخيرة والعزلة الدولية، التي تعيشها على المستوى الإقليمي والدولي، فإن النظام الإيراني لم يتزحزح عن موقفه قيد أنملة. أما الوكالة الدولية للطاقة النووية فتحاول منذ فترة طويلة أن تبقى متحفظة في تقييمها لبرنامج إيران النووي، فمفتشو الوكالة يواجهون مشكلة أساسية في الملف النووي الإيراني وهي أن الحدود بين الاستخدام المدني والعسكري للطاقة النووية ليست واضحة في كثير من الأحيان. ويسمي الخبراء هذه المعضلة "بالاستخدام المزدوج".
ومع صدور التقرير الأخير، فقد أصبح من الواضح أن الوكالة قد تخلت عن تحفظها وكانت النتيجة قرار الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات على إيران. والواضح أيضاً أن رصيد إيران لدى الوكالة قد نفذ، والوقت كذلك، حيث يتوقع دبلوماسيون أن يتم اتخاذ قرارات جذرية بشأن الملف النووي الإيراني في الأشهر المقبلة.
زيارة، مفتشو الوكالة الدولية قد تكون الفرصة الأخيرة للنظام الإيراني لإجراء محادثات صادقة مع بقية العالم، وهو أمر لا يحث الغرب عليه إيران فقط، بل أيضاً روسيا والصين. ويقول الخبراء أن فشل المساعي الدولية لحل النزاع قد يفتح الباب لاحتمالات كثيرة، لن تلقى بظلالها على علاقة إيران بالغرب فقط، بل على المنطقة ككل.
يورغ باس/ مي المهدي / ا.ف.ب / د.ب.ا، رويترز
مراجعة: حسن زنيند