ضرب "داعش" يعزز فرص الأسد لكن لا يضمن بقاءه
٢٣ سبتمبر ٢٠١٤
وأخيرا ترجمت واشنطن أقوالها إلى أفعال وهاجم سلاحها الجوي بدعم من حلفاء عرب ودوليين مواقع لتنظيم "الدول الإسلامية" المتشدد في سوريا. ويُجمع العديد من الخبراء على أن الإدارة الأمريكية، كما دول الخليج، تتحمل جزءا من المسؤولية في صعود هذا التنظيم المتطرف. بيد أن هذه الدول باتت اليوم مصممة على التعامل بحزم مع هذا التنظيم لأن أي تأخر قد تكون له نتائج غير محسوبة العواقب على الأمن الإقليمي والدولي.
ضربات الائتلاف الدولي ضد "الدولة الإسلامية" جعلت الأطراف المعنية بالنزاع السوري تعيد التفكير في ترتيب أوراقها في محاولة لتوقع المكاسب والخسائر التي ستتولد عن الوضعية الجديدة. فالائتلاف الوطني السوري المعارض رحب رسمياً بالضربات الجوية ضد "داعش" قائلاً إنها ستساعده في معركته ضد الرئيس بشار الأسد. إلا أن الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز أوضح في حوار مع DW عربية أنه يعتقد " "أن المعارضة السورية غير محقة في تفاؤلها، فهي معارضة ضعيفة جداً، ولم تنجح إلى اليوم في إقناع أغلبية الشعب السوري بمشروع إسقاط نظام الأسد، كما أن تنظيم "الدولة الإسلامية" يبدو اليوم أقوى من أي طرف في باقي أطياف المعارضة".
الأسد يتحين الفرصة ولكن؟
تعتمد إستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما على دعم المعارضة السورية المعتدلة لضرب متطرفي "الدولة الإسلامية" في سوريا. ففي الماضي مكَن تردد الغرب في دعم المعارضة بالسلاح وتماسك جيش الأسد والدعم الثابت الذي يتلقاه من إيران وروسيا خصوصاً، الأسد من البقاء. كما أن ما جرى في العراق والاكتساح الميداني الواسع لتنظيم "داعش" يعزز، موضوعياً، موقف نظام الأسد الذي ما فتئ يردد أنه يحارب "الإرهاب" دون تمييز بين أطياف المعارضة. وبهذا الشأن يوضح لودرز قائلاً "لدي انطباع أن النظام السوري يعرف جيداً أن الغرب خائف من تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يشكل في الوقت نفسه أكبر عدو للأسد حاليا".
واستطرد الخبير الألماني موضحاً أن "الموقف الأمريكي ليس واضحاً تماماً، فواشنطن تريد أن يسقط نظام الأسد، لكنها تعرف تماماً أن روسيا وإيران لا تزالان تدعمانه، وبالتالي فمن الناحية العملية لا توجد هناك أي إمكانية لإسقاط الأسد في ضوء ضعف المعارضة المعتدلة وعدم استعداد واشنطن لإرسال جنودها إلى الأراضي السورية".
أقل الضررين؟
من جهتها أكدت موسكو أن الضربات الأمريكية ضد "الدولة الإسلامية" يجب أن تتم بموافقة حكومة دمشق، تزامنا مع إعلان الأخيرة دعمها لأي جهد دولي يصب في "مكافحة الإرهاب" مؤكدة أنها توصلت برسالة من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يخبرها ببدء الضربات الجوية في سوريا. ميشائيل لودرز اعتبر أن "الأمريكيين قد يكونوا أخبروا الحكومة السورية فعلاً بموعد الضربات"، مؤكداً أنه "من المعروف أن المخابرات الغربية تتعاون مع المخابرات السورية، وبالتالي يمكن الحديث عن تقارب إلى حد ما بين الطرفين". إلا أن الخبير الألماني حذر من أن واشنطن وحلفاءها قد تغير مواقفها من جديد بخصوص التعامل مع الأسد "فلا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور خلال السنوات المقبلة".
في سياق متصل، ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "دير شبيغل" في نسختها الإلكترونية الثلاثاء (23 سبتمبر/ أيلول 2014) فإن الحكومة الألمانية تستبعد أي تعاون مع نظام الأسد لمحاربة تنظيم "داعش" وتعتبر ذلك خطاً أحمر ستدافع عنه في الملتقيات الدولية ذات الصلة.
تذبذب الحسابات الخليجية
تشارك السعودية والإمارات والأردن والبحرين في ضرب "الدولة الإسلامية"، كما تلعب قطر بدورها دوراً داعماً، وهي دول ساعدت سياستها في الماضي في تغذية "داعش". فجزء من الأسلحة التي يستعملها هذا التنظيم كانت موجهة في البداية للمعارضة المعتدلة في سوريا. كما أن الصواريخ المضادة للدروع التي يستعملها التنظيم تشبه صواريخ "إم.74" التي سلمتها السعودية لمسلحين كانوا منضوين تحت لواء الجيش الحر. أما قطر، فقد تدخلت في الأزمة السورية بهدف الحفاظ على نفوذها عبر دعم مجموعات إسلامية مرتبطة بالإخوان المسلمين.
وحشية تنظيم "الدولة الإسلامية" ودمويته جعلا الدول الخليجية مضطرة اليوم للعب دور رجل الإطفاء مشعل الحرائق. وبهذا الصدد يوضح لودرز "أعتقد أن الأنظمة الخليجية خائفة من هذا التنظيم الإرهابي على الصعيد الرسمي. ولكن هناك الكثير من الشخصيات الخليجية لا تزال تدعم التنظيمات المتطرفة في المنطقة".