صورة مسعود أوزيل في عيون سكان مسقط رأسه
٢٥ يوليو ٢٠١٨في وسط مدينة غيلزنكيرشن، يسير باران، وهو طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات، بدراجته برفقة عدد من أصدقائه. لم يسمع باران بعد عن اعتزال مسعود أوزيل اللعب مع ألمانيا، وعند سماعه بذلك فتح عينيه بدهشة وأجاب متسائلاً "ماذا؟!"، واستدرك قوله بسؤال آخر: "لكن لصالح من سيلعب بعد ذلك ؟".
منذ أول ظهور له ضمن المنتخب الألماني عام 2009، مثل أوزيل المانشافت في 92 مباراة وسجل 23 هدفاً. في عام 2014 أصبح "المانشافت" بطل العالم برفقة أوزيل في مونديال البرازيل. وفي الـ 22 من تموز/ يوليو 2018، أعلن أوزيل في بيان من ثلاثة أجزاء عن اعتزاله اللعب مع المنتخب الألماني وكتب على حسابه الإلكتروني الرسمي بموقع (تويتر) قائلاً "بقلب مثقل بالحزن وبعد كثير من الاعتبارات في ظل الأحداث الأخيرة، فإنني لن أعود للعب مع ألمانيا على المستوى الدولي، بعدما انتابني شعور بالعنصرية وعدم الاحترام".
مسقط رأسه يتفهم موقفه
في هذه النمدينة ، وبالتحديد في حي بسمارك، ولد أوزيل. وترعرع، وانتقل أجداده بعد ذلك إلى منطقة الرور في ولاية شمال الراين - وستفاليا الألمانية مع ابنهم مصطفى والد أوزيل والذي كان يبلغ من العمر بعدها العامين فقط.
ومن منزل رقم 30 في شارع "بورن شتراسة"، بدأ أوزيل مسيرته الكروية. ملعب كرة القدم الذي بدأ منه كل شيء هو على بعد دقيقتين فقط من المنزل المصمم باللون الأصفر الباهت.
غيرد ك الذي يجلس على بضع خطوات من الشارع الرئيسي بسمارك، يتحدث عن أوزيل قائلاً:" أعرف أوزيل منذ أن كان طفلاً صغيراً"، ويضيف: "شخص لطيف، كان دائمًا يلعب كرة القدم هنا بالجوار". على الرغم من أنه وجد صورته مع أردوغان غير ملائمة، يقول بأنه سيقف باستمرار إلى جانب أوزيل " الآن على الاتحاد الألماني لكرة القدم أن يعيد النظر في نفسه. ما يحدث الآن ليس مقبولاً". وعن سؤاله ما إن تفهم قرار اعتزال أوزيل اللعب مع المنتخب الألماني؟، يقول غيرد ك "نعم ، كنت سأفعل ذلك في وقت سابق، كما يقول أوزيل نفسه: الألمان مسموح لهم اللعب بشكل سيء، لكن الألماني من أصول أجنبية هو الشخص الغبي".
هنا في ضاحية بسمارك، ترك أوزيل بصمته في كل مكان . معظم السكان هنا لديهم قصة للسرد عن لاعب كرة القدم الدولي، الذي نشأ بينهم. كما وصفه العديد من سكان مدينته بأنه إنسان هادئ و ودود.في Volkan، محل الشاورما الواقع بالجوار، يتردد أوزيل وأشقائه باستمرار عليه لتناول العشاء ، بحسب رواية سكان الحي. ويقول صاحب المحل، الذي رفض الإفصاح عن اسمه : "نفتح طوال الوقت، يأتي أوزيل ليلًا عندما يكون المحل هادئًا"، ويضيف واصفاً لاعب كرة القدم بأنه شخص لطيف ومتعاطف ومهذب. وعن أعتزال أوزيل اللعب مع ألمانيا ؟، يجيب: "أجد تصرفه ملائما، يبقى رأيه في نهاية المطاف".
الاستهجان ينهي مشوار اللاعب
إحسان كوكور، شاب في أواخر الثلاثينات من عمره ويعمل حالياً مصفف شعر. لفترة طويلة كان يلعب كرة القدم أيضاً، وكان شقيقه صديق أوزيل أيضا، ويقول كوكور: "كان لطيفًا دائمًا، وحتى عندما أصبح أكثر نجاحاً وشهرة، لم يتباه بذلك أبدًا". إحسان تفهم ترك أوزيل اللعب مع المنتخب الألماني وقال "فجأة أصبح الجميع ضده" باعتبار أنه يجب الفصل بين كل من الرياضة والسياسة. وعن الاستهجان ضد أوزيل؟ يقول كوكور بأنه في رأيه غير لائق "لاعب كرة القدم يستمر من خلال مشجعيه، وإذا لم يتقبل المشجعون أوزيل ، فإنه لن يستطيع اللعب أيضاً". أما عن تصريح أوزيل بأن لديه قلبان، واحد ألماني وآخر تركي ، يقول إحسان بأنه يعرف هذا الشعور جيداً ويعرف كذلك العواقب المحتملة له: "نحن دائما في الوسط. في تركيا نحن ألمان، هنا نحن الأتراك الألمان أو شيء من هذا القبيل، هنا نحن لسنا مقبولين، وهناك أيضاً. ماذا يجب علينا أن نفعل؟ ".
الخوف من العداء
في مدينة ـوزيل يلاحظ المرء بأن الألمان ذوي الأصول تركية يشعرون بضغط متزايد. كثيرون منهم لا يريدون الإفصاح عن أسمائهم في المقالات أو ذكر الإسم الأول فقط ، خوفًا من التعرض للعداء. مثل السيدة، التي اكتفت بذكر حرف من اسمها، س ، وهي تعمل معلمة وتبلغ من العمر 31 عامًا، ولدت وترعرعت هذه السيدة في مدينة غيلزنكيرشن. جاء والداها إلى ألمانيا ضمن موجة العمال الضيوف. في البداية كانت تأمل بالمزيد من الحياد في النقاش حول أوزيل، وتقول: " يُنظر للأمور دائما على أنها أسود وأبيض فقط، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة". وعن صورة أوزيل مع أردوغان تقول "لم يكن يجب عليه أن يفعل ذلك" وتضيف:إسقاط ذلك على الأداء العام للفريق، به نوع من التحديد. لهذا يمكنها فهم أن أوزيل قد أرسل رسالة عبر اعتزاله: "بالنسبة للاعب المعتزل: إن لم تكن هناك ثقة متبادلة، فلن يتمكن من تحقيق الأداء المطلوب. وهكذا كان دائماً".
بالنسبة للطفل باران، البالغ من العمر ثماني سنوات، يبقى هناك أمر واضح بالنسبة له فعلى الرغم من اعتزاله "يجب على أوزيل أن يلعب لألمانيا، إنه لاعب كرة قدم جيد".
راهيل كلاين/ إ.م