صناعة السيارات الألمانية تتحدى الأزمة
١ أغسطس ٢٠١٢تعكس البيانات الرسمية أن شركات صناعة السيارات الألمانية "أودي" و "دايملر" و "بي إم دبليو" تهيمن على سوق سيارات الفئة الأولى أي الفاخرة. وتستحوذ الشركات الثلاث المذكورة في السوق العالمية على 80 في المائة لهذه الفئة من السيارات، تاركة المنافسة خلفها بمسافة كبيرة. وتتطلع الشركة الأم لأودي أي فولغسفاغن إلى أن تصبح بحلول عام 2018 أكبر شركة منتجة للسيارات في العالم.
وفي الوقت الذي يستثمر فيه منتجو السيارات الألمانية المليارات في تشييد مصانع إنتاج جديدة وابتكار تقنيات حديثة، أعلنت مجموعة بوجو وسيتروين الفرنسيتين عزمها إغلاق بعض المصانع وتسريح عدد من العمال. كما أن شركة فيات الإيطالية لصناعة السيارات تواجه صعوبات كبيرة، وتطالب بفرض قوانين أوروبية صارمة لتقنين مستويات انبعاثات الغازات السامة، حيث إنها تأمل بذلك في ضمان امتيازات لها كشركة منتجة للسيارات صغيرة الحجم.
فجوة بين الشمال والجنوب حتى في السيارات
الوضع السائد بين شركات إنتاج السيارت في أوروبا يعكس أيضا الفوارق القائمة بين الدول المعنية بأزمة اليورو، أي بين دول الشمال والجنوب. ويلاحظ المراقبون بداية معركة منافسة قوية في منح تخفيضات. فرديناند دودينهوفر من جامعة دويسبورغ ـ إيسن يقول في هذا السياق: "يوجد حاليا أعلى تخفيض في السوق الألمانية، تم إلى حد الآن رصدها. هذا يبين في الوقت نفسه أنه ليست أوروبا الجنوبية فقط هي المتأثرة بأزمة الديون، بل حتى سوق السيارات الألمانية، أهم سوق للسيارات في أوروبا تضعف هي الأخرى".
وتخسر شركات صناعة السيارات الفرنسية والإيطالية بسبب الأزمة أهم أسواقها الواقعة في جنوب أوروبا. في المقابل نجد أن الشركات الألمانية تنشط على مستوى العالم. فالسوق الأمريكية تشهد حاليا انتعاشا جديدأ، وهناك ُيسجل إقبال على السيارات الفاخرة، كما إن الصين تظل سوق متنامية حيث تبيع شركة فولكسفاغن 30 في المائة من مجموع سياراتها هناك.
وبفضل النجاحات في آسيا وأمريكا الشمالية لا يتأثر منتجو السيارات الألمانية بالمشاكل المسجلة في أوروبا التي يتوقع لها أن تتفاقم في المستقبل، كما يؤكد ذلك دودنهوفر بقوله:"في أوروبا يجب توقع تقليص في وسائل الإنتاج وإغلاق مصانع، وأن يواجه موردون صعوبات، لاسيما في جنوب أوروبا. ويعني هذا أن الآفاق لاتشير الى الأفضل.
وفي فرنسا تحاول الحكومة الاشتراكية الجديدة مواجهة أزمة قطاع السيارات في البلاد عبر تقديم دعم حكومي. كما تريدالدولة فقط سيارات كهربائية للمواصلات داخل المدن، بالإضافة إلى أنه يمكن لشركات صناعة السيارات والموردين الذين يعانون من مشاكل الحصول على قروض مع تسهيلات.
صناعة السيارات الفرنسية والايطالية تخسر زبائنها في الجنوب
أيضا تعتزم الحكومة الفرنسية مراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية التي تصدر سيارات بأسعار رخيصة إلى أوروبا كما هو الشأن بالنسبة لشركة هيونداي.
من جهة أخرى تسعى إيطاليا هي الأخرى إلى إقحام الاتحاد الأوروبي في الجهود المبذولة لحل مشاكل قطاع صناعة السيارات. فشركة فيات تطالب بالحصول على أموال من صندوق الاتحاد الأوروبي لتغطية تكاليف تجميد نشاط طاقات إنتاج فائضة.
وتمارس شركة فيات ضغوطا لفرض قوانين جديدة مرتبطة بالحفاظ على البيئة، ويمثل ذلك تحديا للشركات الألمانية التي تصنع سيارات كبيرة الحجم. فهذه الأخيرة هي أكثر استهلاكا للوقود وبالتالي أكثر انبعاثا للغازات السامة مقارنة مع السيارات الإيطالية الصغيرة.
وقد يدفع هذا بالشركات الألمانية إلى توسيع نشاطها في إنتاج السيارات صغيرة الحجم، الأمر الذي سيزيد من حدة المنافسة في هذا القطاع، ولن يكون ذلك في صالح شركة فيات الإيطالية. وأشار الخبير فرديناند دودنهوفر إلى أن إصدار الاتحاد الأوروبي في السابق لقوانين متشددة بشأن انبعاثات الغازات السامة جلب موجة من الابتكارات لدى الشركات الألمانية. وعلى هذا الأساس فلا يساوره أدنى قلق بشأن مستوى السقف الأقصى المحدد لانبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون. كل هذه المعطيات تدل إذن على أن شركات صناعة السيارات الألمانية ستبقى الرائدة في أوروبا.
كلاوس أولريش/ محمد المزياني
مراجعة: عبدالحي العلمي