صمم مكتبك بالشكل الذي يدفعك إلى زيادة الإنتاج في العمل
٢٦ يوليو ٢٠١١رغم أن معظم الناس يمضون نصف عمرهم في العمل، ولكن الاهتمام بالمكاتب ضعيف جدا ونادرا ما يكون المكتب مكانا يرتاح فيه المرء، فهنا مكان للعمل فقط. وهنا يتم تناسي أمر مهمة جدا: عامل الرضا في مكان العمل يقود إلى عمال أكثر سعادة في العمل، وبالتالي إلى نتائج أفضل. ولا يقتصر وجوب الشعور بالراحة في مكان العمل على الموظفين، وإنما يجب أن يشعر الزبائن أيضا بالارتياح.
وعن أدق التفاصيل المتعلقة بتجهيز مكان العمل أجرت دويتشه فيله حوارا مع ألكساندر كيبر، المدير التنفيذي لشركة بويكر، التي تتخذ من برلين مقرا لها، والتي خطت لها اسما مميزا في مجال تجهيز المكاتب منذ عام 1925. فيعرض كيبر شعاره في العمل بالقول: "الانطباع الأول يدوم، ليس فقط في المقابلات مع الناس، وإنما مع الحجرات والأماكن. فكما أن الملابس تصنع الناس، فإن التأثيث يصنع المؤسسات."
وليس الغرض من هذا الأمر المباهاة بتصاميم غريبة، وإنما في إيجاد تصميم الأثاث المناسب للمؤسسات، "بشكل يعكس قيم المؤسسة وثقافتها" كما يشير كيبر.
أولا التخطيط ومن ثم التأثيث
ويتم ذلك من خلال جهود كيبر وفريقه المكون من 21 موظفا، حيث يستعرضون مع الزبائن التصاميم الكثيرة الموجودة لديهم ثم يقررون معهم، أي التصاميم هو الأنسب، مع مراعاة كيفية العمل في المؤسسة وطريقة التواصل بين العاملين فيها، وهل يعملون في قاعات جماعية كبيرة، أم أن لكل موظف غرفته الخاصة الصغيرة.
ولكي يكون النجاح مثاليا في اختيار طريقة التأثيث، ينصح بالبدء بالتفكير بهذا الأمر قبل تشييد المبنى الذي ستعمل فيه المؤسسة. والاستشارات التي تقدمها شركة بويكر ليست رخيصة. فمثلا تأثيث غرفة الانتظار في عيادة طبيب يكلف قرابة ألفي يورو. بينما يكلف تأثيث مكاتب إحدى الشركات العملاقة التي تحوي على مئة وخمسين ألف موظف مبالغ تصل إلى مليوني يورو.
ويقدم المكان الذي تعمل فيه شركة بويكر خير مثال للأجواء اللطيفة المناسبة للعمل. فمثلا يجلس المدير التنفيذي كيبر في مكتب يقع في وسط المكان، وجعل جدران المكتب من الزجاج الشفاف، بحيث يرى جميع العاملين ويروه. فيتيح هذا المكان المفتوح سلاسة في التواصل الإداري. "بإمكاني أن أتواصل مع البقية بسرعة كبيرة، وبنفس الوقت أبقى مركزا على عملي" يقول كيبر.
الأزرق يساعد على التركيز
وتعطي المؤسسة انطباعا صافيا، فحيثما توجهت العين ترى كل شيء أبيض، فالطاولات والمصابيح والرفوف كلها بيضاء، ولكنها بسيطة وبنفس الوقت أنيقة، دون زخارف كثيرة.
ويضيف كيبر قائلاً: "لأننا جميعا متنوعون بما فيه الكفاية، فلسنا بحاجة إلى كثير من الألوان هنا." ولكن لا يعني هذا أن خبير الأثاث ينصح كل زبائنه بشراء أثاث ذي لون أبيض. بل على العكس، هو يقدم للزبائن، بما يتوافق مع ذوقهم الخاص، الاستشارة المناسبة التي تجعلهم يشعرون بالراحة في مكان العمل.
وفي هذا المجال تلعب الألوان دورا هاما للغاية. ففي القاعات التي يحتاج فيها العاملون إلى التركيز أثناء العمل، ينصح كيبر باللون الأزرق، لأن "للون الأزرق تأثير يتسم بالبرودة. وعندما يشعر المرء بالبرودة يقوم بضم ذراعيه إلى جسمه وينطوي على نفسه"، ويعتبر هذا التأثير مناسبا للعمل بتركيز خلف شاشة الحاسب. وعلى النقيض من ذلك لا يناسب اللون الأزرق قاعات الاجتماعات، أو قاعات تناول الشاي وغيرها من الأماكن التي يجب يتحدث فيها العاملون مع بعضهم البعض باستمرار. ولهذه الأماكن ينصح كيبر بألوان طبيعية تميل إلى اللون البني أو البرتقالي.
كسب المساحات أم راحة الموظفين؟
وقامت شركة بوكر ببعض التصاميم الصعبة والهامة، كتصميم الأثاث الخاص بمكاتب البرلمان الألماني ومكاتب بعض الوزارات والهيئات الهامة، كوكالة العمل في ألمانيا وبعض البنوك وشركات التأمين.
وعن التوجه الموجود حاليا لدى المؤسسات والشركات في تصميم مكاتبها يؤكد كيبر على أن "الاتجاه السائد الآن يظهر بوضوح قلة الاهتمام بالمكاتب المخصصة لشخص واحد مقارنة مع الماضي. وذلك بسبب ضغط المساحات." فوضع عدد من الموظفين في قاعة واحدة كبيرة يوفر مساحة أكبر للشركات إذا ما وضعت كل موظف في مكتب خاص صغير. ويأسف كيبر لأن "هذا هو العامل الأساسي، دون مراعاة مسألة راحة العاملين."
ويشير ألكساندر كيبير مستدركا إلى أن بعض الشركات الكبرى في ألمانيا قد بدأت بالاهتمام بمسألة راحة موظفيها عن طريق تأمين مكاتب جذابة ومريحة لهم، لأن الصراع بين الشركات على الكفاءات يزداد شيئا فشيئا في ألمانيا، ولن تستطيع الشركة أن تغري الباحثين عن الوظيفة بمكاتب رثة.
نادين فوجيك/ فلاح الياس
مراجعة: حسن زنيند