"صفعة لبايدن" - خفض إنتاج النفط يدعم روسيا ويضر بالفقراء
٧ أكتوبر ٢٠٢٢في اجتماعها الشهري هذا الأسبوع، تحركت منظمة أوبك وحلفاؤها، بما في ذلك روسيا ، لخفض إنتاجهم اليومي المجمع من النفط الخام بمقدار مليوني برميل يوميًا. وهذا يمثل حوالي 2٪ من إنتاج النفط العالمي. وتنتج مجموعة "أوبك+" حوالي 40٪ من النفط الخام في العالم.
ويعد هذا أكبر خفض للإنتاج منذ خفضه أثناء تفشي وباء كورونا في عام 2020، وتأتي هذه الخطوة قبل شهرين فقط من الحظر المخطط أن يفرضه الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي.
ويعد الإجراء أيضًا إهانة للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قام هذا الصيف بزيارة مثيرة للجدل إلى المملكة العربية السعودية ، أكبر دولة مصدرة للنفط في منظمة أوبك والزعيم الفعلي للمجموعة.
ظروف السوق مثيرة للريبة!
وأعرب "الكارتل" (التحالف) عن قلقه بشأن انخفاض أسعار النفط. فبعد تسجيل ما يقرب من 140 دولارًا (142 يورو) للبرميل في مارس/ آذار الماضي بعدالغزو الروسي لأوكرانيا، انخفض سعر خام برنت في السوق الفورية - أي السعر اليومي - إلى ما يقرب من 80 دولارًا للبرميل في سبتمبر/ أيلول الماضي.
الغرض من منظمة أوبك هو ضمان استقرار أسعار النفط وإنتاجه، وكذلك الحفاظ على دخل ثابت للدول المنتجة للنفط. ولكن لم يعد هذا عملاً سهلاً عندما تعهد الاتحاد الأوروبي بالتوقف عن شراء النفط من روسيا، أحد مورديه الرئيسيين. ويقولتحالف "أوبك +" إن سبب قراره هو عدم الثقة في توقعات أسواق الاقتصاد والنفط العالمية.
لكن في مذكرة للعملاء، قالت كارولين باين، كبيرة اقتصاد السلع بمؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية البريطانية (Capital Economics)، إن خلفية السوق لخفض العرض كانت غير عادية إلى حد ما. وكتبت "مخزونات النفط العالمية تسجل انخفاضا تاريخيا، وحتى الآن فإن الأسعار المرتفعة لم تقلل من الطلب" على النفط، ولا بد أن السعر الرخيص للنفط الخام الآن قد لعب دورًا في القرار.
"دعم لروسيا مقابل العقوبات"
كما حدث في السياسة، فقد أصبحت أسواق الطاقة مسيسة للغاية منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي. وكانت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الطاقة الروسية إحدى الاستراتيجيات الرئيسية التي اتبعها الغرب لإلحاق الضرر بموسكو جراء غزوها لأوكرانيا. وتعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، ومن أكبر مُصدِّري النفط في العالم، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA).
وتخطط مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي لفرض حد أقصى لسعر النفط الروسي، وهو تكتيك هدفه ضرب عائدات الطاقة الروسية. ولكن خفض إنتاج النفط على مستوى العالم، كما أعلنت "أوبك +"، سيدفع سعر النفط للارتفاع.
وقالت كارول نخله، الرئيسة التنفيذية لشركة "Crystal Energy"، في حديث لها مع DW: "من خلال الضغط لرفع الأسعار، فإن هذا بحد ذاته يعد تحركًا داعما لإنتاج النفط الروسي وللاقتصاد الروسي في الوقت الذي تفكر فيه القوى الغربية في فرض حد أقصى لأسعار صادرات النفط الروسية".
وقد ارتفع سعر خام برنت القياسي لبحر الشمال مرة أخرى فوق 90 دولارًا للبرميل بعد إعلان أوبك +. وقالت كارولين باين من "كابيتال إيكونوميكس" إنه في هذه المرحلة يتوقع المعهد أن يغلق سعر خام برنت عند 100 دولار للبرميل. ويتوقع بعض المحللين بمواصلة ارتفاعه.
"صفعة لباين"
لكن الخبراء يقولون أيضًا إن خفض الإنتاج أقل دراماتيكية (إثارة) مما يبدو للوهلة الأولى. إذ لم يصل العديد من منتجي النفط، بما في ذلك أنغولا ونيجيريا وروسيا، إلى حصص الإنتاج المنصوص عليها في الاتفاقيات الحالية. وقد انخفض إنتاج أوبك+ في أغسطس/ آب الماضي عن المستويات المتفق عليها بنحو 3.4 مليون برميل يوميًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. وقال وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان إن الخفض الحقيقي للإمدادات سيكون أقرب إلى مليون برميل يوميا.
وقال تيلاك دوشي، المدير الإداري لشركة دوشي للاستشارات، الذي كان يعمل في السابق مع شركة أرامكو السعودية النفطية لرويترز "من المرجح أن تتحمل السعودية والإمارات والكويت معظم عبء التخفيضات".
وقال "إنها صفعة على وجه إدارة بايدن من قبل أوبك+".
ورداً على هذا الإجراء، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرج عن 10 ملايين برميل أخرى من احتياطيها الاستراتيجي في نوفمبر/ تشرين الثاني لمكافحة ارتفاع أسعار النفط في محطات الوقود. ويأتي إعلان أوبك+ في وقت حرج بالنسبة للرئيس بايدن، حيث يأمل حزبه الديمقراطي في الحفاظ على السيطرة على الكونغرس بعد انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. كما أنه يقدم حججا لأولئك الذين يضغطون من داخل الولايات المتحدة للتنقيب عن المزيد من النفط في الأراضي الأمريكية.
الفائزون والخاسرون
ستكافح الأسواق الناشئة أيضًا للرد على صدمة النفط. وقد صرح الرئيس رانيل ويكرمسينغ أن سريلانكا، التي تواجه حاليًا أسوأ أزمة اقتصادية منذ حصولها على الاستقلال في عام 1948، سيتعين عليها أن تدفع المزيد مقابل النفط مع قيام الدول الغنية بزيادة احتياطياتها منه. وقال للبرلمان يوم الخميس الماضي "هذه ليست مجرد قضية نواجهها وحدنا، ولكن العديد من دول جنوب آسيا الأخرى. التضخم العالمي سوف يضربنا جميعًا العام المقبل".
يذكر أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى المشاركة في أوبك + ردت بتحفظ على غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا. وكتب أندرو إس فايس، خبير الشأن الروسي ونائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في تحليل لهذه الخطوة، أن قطع الإنتاج الآن يذهب إلى أبعد من ذلك وقال: "إجمالا، انحازت [هذه الدول] بشكل فعال إلى الكرملين، الأمر الذي مكّن نظام بوتين من إعادة ملء خزائنه والحد من تأثير العقوبات الأمريكية والأوروبية".
كريستي بلادسون/ ص.ش