Magnesium-Implantate
١٥ فبراير ٢٠١٢لم تعد الجبيرة، هي السبيل الوحيد لعلاج كسور العظام. فقد أصبح من المألوف أن يلجأ أخصائيو جراحة الكسور والعظام إلى تجميع أطراف الكسر باستعمال البراغي والمسامير. فيتم، على سبيل المثال، ربط عظم الساق مع صفيحة فولاذية، وذلك بتثبيت هذه الأخيرة ببراغي مع أنسجة العظم. الشيء الذي يساعد العظام على النمو بسرعة والعودة إلى الحالة الطبيعية التي كانت عليها من قبل، إذ يعود بإمكان المريض بعد فترة قصيرة نسبيا، الاعتماد تدريجيا على ساقه كما كان الحال عليه في السابق. ويتوجب على المريض، بعد مرور ستة أشهر، أن يخضع لعملية جراحية أخرى لإزالة المواد الفولاذية التي تم زرعها من أجل التئام الكسور، لأن بقاءها لمدة أطول قد يتسبب في نمو أنسجة غريبة حولها. كما أن هذه المواد، قد تتسبب في ظهور بعض الأنواع من الحساسية.
طُرق بديلة
هناك بديل آخر لهذه الطرق المتداولة، ويتعلق الأمر بزرع صفائح مصنوعة من المغنيزيوم. ويعرف على المغنيزيوم أنه معدن خفيف الوزن يذوب مع مرور الوقت من تلقاء نفسه. ويبقى الهدف بالأساس من الاعتماد على هذه التقنية هو تجنيب المريض الخضوع لجراحة ثانية بعد التئام الكسر، مثلما يوضح ذلك الدكتور فرانك فيتّه، الذي يدير مختبر المواد الحيوية في كلية الطب بجامعة هانوفر، بقوله: "هدفنا هو التخلي عن استبعاد الصفيحة من الجسم بعد التئام الكسر" . وتبقى الصفائح المصنوعة من المواد القابلة للتحلل مثل الخيوط المستخلصة من البلاستيك التي تستعمل في الجراحة، معروفة سلفا في الاستعمالات الطبية. غير أن هذه المواد ليست متينة بما فيه الكفاية لتحمل ثقل الوزن الإجمالي للجسم.
تجارب واعدة
وقد أظهرت تجارب قام من خلالها علماء، بتثبيت صفائح من المغنيزيوم على كسور تعرضت لها حيوانات، أن هذه الصفائح متينة بما فيه الكفاية، وأنها تحللت على النحو المرغوب فيه، بعد مرور بعض من الوقت. والنجاح نفسه، حققه فريق من الباحثين الأتراك بعدما نجح في تجميع أطراف فقرة (Corpus vertebrae) لأحد الأغنام، التي يشبه هيكلها العظمي إلى حد كبير الهيكل العظمي للإنسان، عن طريق زرع صحيفة من المغنيزيوم. وقد أظهرت هذه التجارب أن صفيحة المغنيزيوم المزروعة تجاوز مفعولها في تحقيق الاستقرار الميكانيكي البحت إلى بناء العظام في وقت قياسي. ويؤكد الدكتور فيتّه ذلك بقوله: "تجارب المختبر أظهرت أن هذا المعدن الخفيف يسرع من وتيرة بناء العظم". ويبرر هذه النتيجة التكوين الكيميائي للمغنيزيوم الذي يشبه إلى حد بعيد الكالسيوم الذي يشكل المحتوى المعدني للعظام.
التحكم في تآكل المغنيزيوم
ومع كل هذه النتائج الباهرة، يبقى للمغنيزيوم بعض النواقص. فخلال تحلله داخل الجسم بشكل سريع يتشكل غاز الهيدروجين، الذي يساعد وجوده في تكون بعض الأكياس المليئة بالغازات التي تتسبب في حدوث آلام. وقد توصل العلماء في جامعة هانوفر إلى إمكانية تجعل المغنيزيوم يتآكل ببطء، بحيث لا ينتج عنه سوى القليل جدا من الهيدروجين. ويتم ذلك بالاستغناء عن استعمال المغنيزيوم الخالص. ويقول الدكتور فيتَه موضحا: "لقد أخضعنا سبائك المغنيزيوم التي تحتوي على أتربة نادرة للتجربة" ويضيف: " وبذلك نجحنا في إنتاج خاصيات ميكانيكية جيدة تمكننا في نفس الوقت من التحكم في تآكل المغنيزيوم".
المغنيزيوم لتوسيع الأوعية
وهناك نوع آخر من مجالات الاستعمال لصفائح المغنيزيوم المزروعة، مثل استخدامها كأنابيب صغيرة لتمديد الأوعية الدموية المسدودة (Stent). وتعتبر الأنابيب المصنوعة من الفولاذ التي تستخدم للهدف نفسه في الوقت الحالي هي القاعدة. شكل هذه الأنابيب مطوي مثل المظلة، ويتم استعمالها بالأساس لمداواة المرضى الذين يعانون من مرض تصلب الشرايين في مراحله المتقدمة. أما الأنابيب المصنوعة من مواد أخرى، فتكمن خطورتها في إمكانية أن تَعلق بها بعض الخلايا أو الجلطات التي قد تعيق تدفق الدم. وهذا الأمر لا يمكن حدوثه أثناء زرع أنابيب من المغنيزيوم، لأنها تتحلل بعد مرور فترة زمنية مخلفة وراءها أوعية موسعة.
ورغم كل هذه المؤشرات الإيجابية لاستعمال المغنيزيوم في مناح طبية عديدة، إلا أن الباحثين مُطالبون بانتظار نتائج دراسات أخرى، للتأكد من أن هذه المادة المعدنية يمكن أن يتحملها جسم الإنسان من الناحية البيولوجية دون أن يلحق به أي ضرر. وقد أظهرت التجارب على الحيوانات أن المغنيزيوم بعد تحلله يندمج داخل العظام أو العضلات أو يتم طرحه مع البول. وإذا ما تأكد أن الجسم لا يتأثر بشكل سلبي بتواجد شرائح المغنيزيوم بداخله، فسيعتمد عليه كوسيلة للعلاج.
هيلموت نوردفيش/عادل الشروعات
مراجعة: محمد المزياني